يشيّدون بعرق جبينهم الأبراج الشاهقة. وتحرق الشمس جلودهم لتحقيق أرباح خيالية للشركات العقارية. لكن في المقابل، يحصلون على الفتات، مقابل ساعات عمل قد تمتد لأكثر من 12 ساعة يومياً.
هذا هو حال عمال البناء في العديد من الدول العربية. بحسب تقرير منظمة العمل العربية، تشكل نسبة حوادث العمل في قطاع التشييد والبناء، 60% من مجموع الحوادث التي سجلت في مختلف القطاعات المهنية، وأغلبها حالات السقوط من ارتفاعات شاهقة، والإصابة بـ "الإجهاد الحراري" الناتج عن العمل تحت أشعة الشمس الحارقة.
جهد ومخاطر مقابل الفتات
وأمام هذه المخاطر، أكدت المعطيات التي استقتها "العربي الجديد" من شبكة مراسليها، أن "ضمان التغطية الصحية والاجتماعية والتأمين على المخاطر، من بين آخر أولويات الشركات العاملة في قطاع العقار". حيث إن فئة العمال في البناء، تفتقد بشكل كبير لأهم الحقوق التي تضمنها المواثيق والاتفاقات الدولية بخصوص ظروف العمل، خاصة أن أكثر من 80% منهم يعملون بشكل حر، ويتم استقدامهم إلى ورشات البناء عن طريق وسطاء وليس عبر آليات العمل المباشر.
ويتراوح الأجر اليومي أو "التعويض عن العمل" إن صح التعبير، لعمال البناء في تونس، ما بين 10 و15 دولاراً في اليوم، إذ يحصل العامل على 15 دولاراً، فيما لا يتعدى أجر المساعد 10 دولارات. أي أن الأجر الشهري لعمال البناء في تونس لا يتجاوز في المتوسط 300 دولار إن كان العمل مستمراً. ولا يتمتع هؤلاء بالتغطية الصحية والاجتماعية، باستثناء حالات قليلة لشركات عقارية توفرها لعمالها العاملين بشكل دائم.
ويقبل على العمل في هذا المجال في تونس، الشباب الذين انقطعوا عن الدراسة، مما يجعلهم فريسة سهلة للاستغلال. هذا في الوقت الذي تشير فيه التقارير الاقتصادية في تونس، إلى أن أرباح الشركات العقارية ارتفعت بنسبة 30% منذ اندلاع الثورة، وتضاعف سعر المتر المربع الواحد ليصل إلى 1500 دولار، ما يدر على الشركات أرباح خيالية، لم تشفع لعمال البناء لتحسين وضعيتهم.
والوضع مشابه في مصر، فأجر عامل البناء لا يتجاوز مائة جنيه (13 دولاراً) في اليوم، لكن بدوام عمل كامل يتجاوز 14 ساعة. أكدت المعطيات التي حصلت عليها "العربي الجديد"، أن العمل في قطاع التشييد يكون غالباً بشكل موسمي. أما في ما يخص العمال الذين يعملون مع المقاولات العقارية، فيحصلون على معدل أجر لا يفوق 50 جنيها يومياً أي (6.5 دولارات)، ما يقارب 200 دولار في الشهر.
جشع واستغلال
وتعليقاً على هذا الوضع، قال أمين عام النقابة العامة للعاملين بصناعات البناء والأخشاب محمد عبد القادر في تصريح لـ "العربي الجيد"، إن "وضع عمال البناء في مصر كارثي"، وأضاف أن المتحكمين في القطاع لا يحترمون الحد الأدنى للأجور، ولا يعطون أي اعتبار للمواثيق الدولية التي تشدد على حماية حقوق العمالة، وشروط العمل في بيئة آمنة. وحمل عبد القادر الدولة المصرية المسؤولية، متسائلا عن مصير الأموال التي قيل إنها خصصت لدعم هذه الفئة، لكن لم يصلها جنيه واحد منها.
أما في الجزائر فيتراوح الأجر اليومي لعمال البناء ما بين 12 دولارا للعامل المساعد و25 دولارا للعامل الحرفي. فيما تكون التغطية الاجتماعية على عاتق عامل البناء الحر، الذي يتحمل نفقات التصريح لدى مصلحة الضمان الاجتماعي للعمال، وتؤكد المعلومات حسب مراسل "العربي الجديد"، أن مسألة تصريح المقاولات العقارية لعمالها مرتبطة بنزاهة صاحبها.
ويتقاضى عمال البناء في المغرب أجرا يومياً لا يزيد على عشرة دولارات في اليوم، أي ما مجموعه قرابة 300 دولار في الشهر، ومن الملاحظ في ورش البناء التي تنتشر في العديد من المدن المغربية، أنها تعمل حتى الساعات الأولى من الصباح تحت الأضواء الكاشفة، وذلك دون أن يحصل العمال على تعويض مضاعف لقاء العمل ليلاً. ويتشارك عمال البناء المغاربة نفس الوضع مع أشقائهم في العديد من الدول العربية، حيث لا يتوفرون على تغطية اجتماعية وصحية، وظروف إقامتهم في أمكان ورش البناء تكون أقرب إلى ظروف الإقامة في "مخيمات اللاجئين".
أما في الدول الخليجية، فيتراوح أجر عمال البناء ما بين 500 و700 دولار في الشهر. وتؤكد المعطيات أن أجر العامل يختلف حسب البلاد التي يأتي منها.
ويربط رئيس الاتحاد العمالي العام اللبناني غسان غصن، في تصريح إلى "العربي الجديد"، وضعية عمال البناء بطبيعة قطاع العقار في الدول العربية، حيث اعتبر أن القطاع "يحكمه نظام ريعي"، ونسب الأرباح فيه لا تقوم على كلفته. وأشار المتحدث ذاته، إلى أن قطاع العقار حين يعيش الأزمة تتضاءل فرص العمل ويتضرر عماله، وفي المقابل، عند انتعاش القطاع، يبقى العمال رهينة أجور متدنية.
ورأى غصن أن الدافع الذي يسهل عملية استغلال عمال البناء، هو أن أغلبيتهم الساحقة ليسوا من أصحاب المهارات الفنية في البناء، ولا يتوفرون على مستوى تعليمي جيد.
أرقام:
بقي 8 آلاف من عمال بناء "شركة مساهمة البحيرة" المصرية من دون أجور لأكثر من ستة أشهر في عام 2014، قبل أن يتقرر صرف مرتبات 4 أشهر فقط.
جهد ومخاطر مقابل الفتات
وأمام هذه المخاطر، أكدت المعطيات التي استقتها "العربي الجديد" من شبكة مراسليها، أن "ضمان التغطية الصحية والاجتماعية والتأمين على المخاطر، من بين آخر أولويات الشركات العاملة في قطاع العقار". حيث إن فئة العمال في البناء، تفتقد بشكل كبير لأهم الحقوق التي تضمنها المواثيق والاتفاقات الدولية بخصوص ظروف العمل، خاصة أن أكثر من 80% منهم يعملون بشكل حر، ويتم استقدامهم إلى ورشات البناء عن طريق وسطاء وليس عبر آليات العمل المباشر.
ويتراوح الأجر اليومي أو "التعويض عن العمل" إن صح التعبير، لعمال البناء في تونس، ما بين 10 و15 دولاراً في اليوم، إذ يحصل العامل على 15 دولاراً، فيما لا يتعدى أجر المساعد 10 دولارات. أي أن الأجر الشهري لعمال البناء في تونس لا يتجاوز في المتوسط 300 دولار إن كان العمل مستمراً. ولا يتمتع هؤلاء بالتغطية الصحية والاجتماعية، باستثناء حالات قليلة لشركات عقارية توفرها لعمالها العاملين بشكل دائم.
ويقبل على العمل في هذا المجال في تونس، الشباب الذين انقطعوا عن الدراسة، مما يجعلهم فريسة سهلة للاستغلال. هذا في الوقت الذي تشير فيه التقارير الاقتصادية في تونس، إلى أن أرباح الشركات العقارية ارتفعت بنسبة 30% منذ اندلاع الثورة، وتضاعف سعر المتر المربع الواحد ليصل إلى 1500 دولار، ما يدر على الشركات أرباح خيالية، لم تشفع لعمال البناء لتحسين وضعيتهم.
والوضع مشابه في مصر، فأجر عامل البناء لا يتجاوز مائة جنيه (13 دولاراً) في اليوم، لكن بدوام عمل كامل يتجاوز 14 ساعة. أكدت المعطيات التي حصلت عليها "العربي الجديد"، أن العمل في قطاع التشييد يكون غالباً بشكل موسمي. أما في ما يخص العمال الذين يعملون مع المقاولات العقارية، فيحصلون على معدل أجر لا يفوق 50 جنيها يومياً أي (6.5 دولارات)، ما يقارب 200 دولار في الشهر.
جشع واستغلال
وتعليقاً على هذا الوضع، قال أمين عام النقابة العامة للعاملين بصناعات البناء والأخشاب محمد عبد القادر في تصريح لـ "العربي الجيد"، إن "وضع عمال البناء في مصر كارثي"، وأضاف أن المتحكمين في القطاع لا يحترمون الحد الأدنى للأجور، ولا يعطون أي اعتبار للمواثيق الدولية التي تشدد على حماية حقوق العمالة، وشروط العمل في بيئة آمنة. وحمل عبد القادر الدولة المصرية المسؤولية، متسائلا عن مصير الأموال التي قيل إنها خصصت لدعم هذه الفئة، لكن لم يصلها جنيه واحد منها.
أما في الجزائر فيتراوح الأجر اليومي لعمال البناء ما بين 12 دولارا للعامل المساعد و25 دولارا للعامل الحرفي. فيما تكون التغطية الاجتماعية على عاتق عامل البناء الحر، الذي يتحمل نفقات التصريح لدى مصلحة الضمان الاجتماعي للعمال، وتؤكد المعلومات حسب مراسل "العربي الجديد"، أن مسألة تصريح المقاولات العقارية لعمالها مرتبطة بنزاهة صاحبها.
ويتقاضى عمال البناء في المغرب أجرا يومياً لا يزيد على عشرة دولارات في اليوم، أي ما مجموعه قرابة 300 دولار في الشهر، ومن الملاحظ في ورش البناء التي تنتشر في العديد من المدن المغربية، أنها تعمل حتى الساعات الأولى من الصباح تحت الأضواء الكاشفة، وذلك دون أن يحصل العمال على تعويض مضاعف لقاء العمل ليلاً. ويتشارك عمال البناء المغاربة نفس الوضع مع أشقائهم في العديد من الدول العربية، حيث لا يتوفرون على تغطية اجتماعية وصحية، وظروف إقامتهم في أمكان ورش البناء تكون أقرب إلى ظروف الإقامة في "مخيمات اللاجئين".
أما في الدول الخليجية، فيتراوح أجر عمال البناء ما بين 500 و700 دولار في الشهر. وتؤكد المعطيات أن أجر العامل يختلف حسب البلاد التي يأتي منها.
ويربط رئيس الاتحاد العمالي العام اللبناني غسان غصن، في تصريح إلى "العربي الجديد"، وضعية عمال البناء بطبيعة قطاع العقار في الدول العربية، حيث اعتبر أن القطاع "يحكمه نظام ريعي"، ونسب الأرباح فيه لا تقوم على كلفته. وأشار المتحدث ذاته، إلى أن قطاع العقار حين يعيش الأزمة تتضاءل فرص العمل ويتضرر عماله، وفي المقابل، عند انتعاش القطاع، يبقى العمال رهينة أجور متدنية.
ورأى غصن أن الدافع الذي يسهل عملية استغلال عمال البناء، هو أن أغلبيتهم الساحقة ليسوا من أصحاب المهارات الفنية في البناء، ولا يتوفرون على مستوى تعليمي جيد.
أرقام:
بقي 8 آلاف من عمال بناء "شركة مساهمة البحيرة" المصرية من دون أجور لأكثر من ستة أشهر في عام 2014، قبل أن يتقرر صرف مرتبات 4 أشهر فقط.
طالب اتحاد نقابات عمال البناء والأخشاب في لبنان في مذكرة وجهها الى الحكومة بإعادة العمل بالتعويض العائلي على أساس 75% من الحد الأدنى للأجور.
إقرأ أيضا: الثروة السمكية في العراق: محاولات للنهوض