عمار خضور.. عن التفاصيل في الصور

10 فبراير 2016
صورة فوتوغرافية للمصور عمار خضور (العربي الجديد)
+ الخط -
ورقةُ نعوةٍ غير مُكتملة، بجانبها صورة لمرشّح مجلس الشعب، بقايا من سطح معدني كُتبَت فوقها كلمات غير مفهومة. على اليمين، طحالب خضراء تميلُ إلى الزرقة، تنبع من إحدى الحفر. بالنسبة لكثيرين، هذا مجرد جدارٍ أو سطح عشوائي، لا يحملُ أي قيمةٍ جماليَّة تُذكَر، ولكن بالنسبة لعمار خضور فهي جدارية تستحق التصوير. "التركيز على تصوير ما هو مُهمل في كليَّته، ولكن ما يحمل معنًى في تفاصيله، هو غايتي الأساسية من أي لقطة"، يقول عمّار، المصور السوري.

إذ تبدو له الشوارع والأماكن العامة كمعرض في الهواء الطلق، ينتقي من تفاصيل الشارع مشاهد ولوحات جاهزة للتصوير، لا يراها الآخرون، فهو يبحث عن كوادر بأقبح الأمكنة وأكثرها استحالة وروتينية. يبتعد خضور عن الجمال المتفق عليه، والصورة التي يراها الجميع جميلة بالمعنى الرائج التقليدي.

"لماذا يصوِّرُ الناس ما يراهُ الجميع جميلاً؟ ولماذا نحكم على الأماكن بأنَّها قبيحة، قبل النظر في تفاصيلها؟ من أفكار كهذه، بدأتُ التصوير، وبدأت بالتركيز على تفاصيل الأماكن، عن طريق تبسيط المكونات وملاحظة الألوان مهما بدت تشغل حيزاً صغيراً"، يقول عمار لـ"العربي الجديد".

السبب وراء تركيزه على تصوير الأماكن العامة والأسطح والجدران، هي أنها تشكِّل ذاكرةً جمعيَّة، كونّها المارة، بدون أن يدركون أنَّهم يؤسِّسون لعمل فني مُحتمل. وأمَّا الكاميرا الحقيقية بالنسبة لعمار، فهي العين المُجرَّدة، فأدوات التصوير الاحترافيَّة، قد تُظْهِر الصورة غير واقعيَّة، أكثر جمالاً أو أكمل ضوءاً أو أشد تفصيلاً، إلا أن الغاية من عمله، هي رصد حقيقيَّة الأشياء، بعيدًا عن تدخل التكنولوجيا المضلل، ونقلها كما تبدو بالضبط. لذلك، يستخدم عمار في نقل ما يراه كاميرا ديجيتال تقليديَّة فقط، كونها سريعة ولا تسبِّب مشاكل، خصوصاً في الأماكن العامة. الصورة عنده تأتي من حقيقيّة الأشياء، ولا تتولد أبدًا من أيّة عوامل أو مؤثّرات خارجيَّة.

يضيف عمار: "التفاصيل والتناقضات العبثية وكمية الإهمال في مكان ما، هي سبب كاف ليكون المكان هدفًا للتصوير، كالمؤسَّسات الحكومية. لكنَّ المشكلة، أنَّ التصوير فيها ممنوع ولا يفهم أحد أنها لربما تكون جداريات فنية جميلة بالنسبة لي".

المُصادفة تقود عمار في التقاط الصور، ولكن مع ذلك فهو دائم البحث والمُشاهدة، "ليس هنالك وقت محدد للبدء بالعمل، والانتهاء منه، فقط حينما تكون الصورة يتوقف كل شيء". عدم تخصُّصه الأكاديمي بالتصوير والفن التشكيلي عموماً، لم يمنعاه من التأثر بأعمال فنانين تشكيليين، كروثكو وسي تومبلي وأنتونيو تابييز، وغيرهم ممن يستخدمون مواد متعدّدة لصناعة أعمالهم الفنية، هم بالنسبة له عرّابون، يساعدونه في تطوير رؤيته للألوان والأشكال، فهو بحاجة دائمة لتوسيع رؤيته، لأنَّه، وبنهاية الأمر، شخصٌ يلتقط الصورة بعينه، ويستخدم الكاميرا في إيصالها للمتلقي، ضمن مشهد بصري وتشكيلي مُتقن ومحدد.


اقرأ أيضاً: بالصور...هذه آخر وجبة تناولها هؤلاء المحكومون قبل إعدامهم
دلالات
المساهمون