يرى الأتراك أن الانتخابات المحلية، التي تجرى اليوم الأحد، أبعد من "البلديات"، فهي بحسب كثيرين، تؤسس لتركيا المستقبل، ولذلك تشهد تنافساً محموماً وتوتراً ينعكس على عموم المواطنين.
ورغم الصمت الانتخابي منذ أمس السبت، كتب إبراهيم قراغول في صحيفة "يني شفق" ما يمكن اعتباره أن هذه انتخابات "نكون أو لا نكون"، بعد أن استذكر كل ما فعلته المعارضة ولا يصبّ في مصلحة تركيا.
وخاطب قراغول الأتراك بقوله: "كونوا أنفسكم، ولا تعتبروا هذه الانتخابات انتخابات محلية، ولا تظنوا أنها مسألة رئاسة بلدية؛ إذ إن الخطوة التالية من هذا الأمر هي شل حركة تركيا، فهم يستعدون لهذه الخطوة".
وبعيداً عن احتدام المنافسة التي بدأت من صباح اليوم في 81 ولاية، لاختيار 1389 رئيس بلدية، نشرت بعض الوسائل الإعلامية التركية حوادث تدخل في خانة "ذكريات مؤلمة" لهذا الاستحقاق الانتخابي.
اعتداء على سيدتين
وتصدّر فيديو لسيدة تركية تعتدي على سيدتين محجبتين شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة بعد أن "لعب" الذباب الإلكتروني السعودي (مجموعة نايف بن خالد) على الحدث، إذ زعم أن الاعتداء استهدف فتاتين عربيتين، بعناوين مختلفة من قبيل "سيدة تركية عنصرية تعتدي على فتاتين عربيتين، بسبب الحجاب، وحاولت شدّ حجابهما عنوة، وقالت لهم هذه هي جمهورية تركيا. لا يمكنكم أن تعيشوا هنا بهذا الشكل".
سارعت وسائل إعلام تركية إلى تفنيد الخبر والتأكيد أن المحجبتين تركيتان وليستا عربيتين.
وأوضحت صحف تركية أن من تعرضتا للاعتداء هما فتاتان تركيتان تدعيان يارن وجازية، في منطقة سيهان التابعة لولاية أضنة جنوبي تركيا.
ورصدت كاميرات محل في الشارع المذكور لحظات الاعتداء على الفتاتين بشكل واضح، وقد تقدمتا بشكوى إلى السلطات القضائية في المنطقة بتهمة الاعتداء والإهانة.
وقالت التركية يارن، في إفادتها للشرطة، إن السيدة التي كانت تمر من الرصيف وجّهت إهانات لها ولزميلتها، ومن ثم حاولت نزع نقابها، وأحدثت جرحًا في وجهها، وتم إبعادها من قبل الموجودين في المنطقة.
بدورها، أكّدت جازية أنها خاطبت السيدة المعتدية قائلة "هذا الحجاب هو أمر من الله"، لتهاجم يارن في محاولة لخلع نقابها وقالت "هنا الجمهورية التركية.. لا يمكنكم العيش هنا".
وقامت الشرطة التركية في المنطقة بتوقيف السيدة المعتدية، ونقلها إلى مقر مديرية الأمن لاتخاذ الإجراءات القانونية.
قتيلان في مشاجرة
ومن الأحداث المأساوية اليوم، مقتل شخصين اثنين إثر مشاجرة أمام مركز انتخابي بين ناخبين في ولاية ملاطيا وسط تركيا، وإصابة شخصين في مدينة ديار بكر، ذات الأغلبية الكردية، بعد رشق بالحجارة واستخدام السكاكين بين مؤيدي مرشحين للانتخابات المحلية، إذ عمد أنصار أحد المرشحين إلى توزيع أوراق لمرشحهم داخل مقر الاقتراع، ما أثار حفيظة مرشح آخر تدخل بعدها أنصاره وبدأ الشجار بالحجارة والسكاكين، ما أدى إلى إصابات.
انزلاق سيارة
وفي مدينة إسطنبول، تعرضت أسرة تركية من ثلاثة أشخاص، صباح اليوم الأحد، لحادث في منطقة أوسكودار في الطرف الآسيوي من مدينة إسطنبول، إذ انزلقت سيارتهم عقب مغادرتهم للمدرسة التي أدلوا فيها بأصواتهم.
ومن نوادر الانتخابات التي أتى عليها الإعلام التركي اليوم المرشح أيوب سيرميت، البالغ من العمر 33 عاماً، وهو أصغر المرشحين في الانتخابات المحلية التركية، والذي يجيد اللغة العربية والإنكليزية، والمرشح لبلدية سلطان بيلي بالقسم الآسيوي من إسطنبول.
التركيز على سيرميت ليس اعتباطاً في ظل ارتفاع الوعيد من قبل المعارضة للسوريين واستخدامهم كورقة انتخابية، إذ أكد المرشح الشاب عبر قناة "تي آر تي العربية" على روابط الأخوة التي تربط الأتراك بغيرهم من المسلمين، طالباً الدعاء من الجالية العربية بتركيا، واصفاً طبيعة هذا الرابط بالقول "نحن أنصار وهم مهاجرون".
"رويترز" وأردوغان
وركز الإعلام التركي على ما اعتبره "هجوماً" من وكالة "رويترز" على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واصفة إياه بأنه "أكثر زعماء تركيا إثارة للانقسام في التاريخ الحديث".
وقالت الوكالة إن أردوغان "قد يتلقى ضربة انتخابية، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي يتزعمه، قد يفقد السيطرة على العاصمة أنقرة، وحتى إسطنبول، أكبر مدن البلاد".
وأرجعت الوكالة سبب ذلك إلى فقدان الليرة التركية ما يزيد على 30 في المائة من قيمتها، مضيفة أنه "بدا بعض الناخبين على استعداد لمعاقبة أردوغان"، مشيرة إلى أنه عندما سارعت السلطات مجددا لدعم الليرة هذا الأسبوع، أشار أردوغان إلى أن الأزمة الاقتصادية ناجمة عن هجمات الغرب، وقال إن تركيا ستتغلب على مشاكلها بعد انتخابات اليوم الأحد.
ولم يفت الرئيس التركي، الذي توعد مضاربي العملة وبعض المصارف، بعد انتهاء الانتخابات، أن يشير إلى "التآمر الخارجي"، سواء بمن وصفهم بـ"إرهابيي شرق الفرات"، أو من الأوروبيين والأميركيين، إذ قال أمس "الهدف من الهجمات المتزايدة على بلدنا قبل الانتخابات هو عرقلة الطريق أمام تركيا الكبرى القوية".
وكانت تركيا قد خصصت صناديق اقتراع متنقلة خاصة بالمُقعَدين بسبب مرض أو إعاقة، ليدلوا بأصواتهم، على غرار ما جرى في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية العام الماضي، كما حظرت خلال يوم الانتخابات بيع أو تقديم أو تناول المشروبات الكحولية بأي شكل من الأشكال، وأغلقت جميع الملاهي العامة، مثل المقاهي ومحلات الإنترنت، وتقتصر المطاعم على بيع المأكولات.
وينتهي، مساء اليوم، التصويت على الانتخابات التي يتنافس عليها 12 حزبًا، هي "العدالة والتنمية"، و"الشعب الجمهوري"، و"الحركة القومية"، و"الشعوب الديمقراطي"، و"السعادة"، و"تركيا المستقلة"، و"الاتحاد الكبير"، و"الديمقراطي"، و"اليسار الديمقراطي"، و"إيي"، و"الشيوعي التركي"، و"الوطن".