علاقة ترامب بروسيا: الفضيحة تكبر وقد تقود لأزمة رئاسية

24 فبراير 2017
اعتقاد بأنّ موسكو حاولت التأثير في الانتخابات (فلايمير غيردو/Getty)
+ الخط -




يبدو أنّ قصة العلاقة الملتبسة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وموسكو، هي من النوع الذي لا يسري عليه تقادم الزمن. كلما مرّ عليها الوقت، كلما كبرت وتفاقمت وتكشف المزيد من خباياها. وإذا ما استمرّ الكشف على هذا المنوال، فلن يكون من المستبعد أن تتحوّل إلى فضيحة من الصنف الذي يهزّ رئاسة ترامب الذي هزّ واشنطن بفوزه الرئاسي.

آخر التطورات التي تسرّبت معلوماتها، اليوم الجمعة، إلى وسائل الإعلام، أنّ كبير موظفي البيت الأبيض رينس بريبوس، أجرى اتصالاً بنائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، وطلب منه العمل من خلال التحقيق الذي يقوم به المكتب في قضية التواصل بين حملة ترامب الانتخابية وبين مسؤولين روس، على تكذيب الرواية أو التشكيك في صحتها. لكنّ "إف بي آي"، رفض تلبية الطلب، وأصرّ على مواصلة التحقيق في القضية. وكان البيت الأبيض قد كذّب قصة اللقاء أصلاً.

مثل هذ السعي، الذي لم يجر تكذيبه حتى الآن، يعتبر بمثابة "تسخير السلطة لعرقلة سير التحقيق"، وهي التهمة الرئيسية نفسها التي كانت الأساس في الإطاحة بالرئيس ريتشارد نيكسون في فضيحة "ووترغيت". بعد انكشاف خيوطها، حاول نيكسون التدخّل لإعاقة عملية التحقيق للحيلولة دون بلوغ خواتمها المحتومة، لكنّ محاولته افتضح أمرها والباقي تاريخ.

منذ ذلك الحين جرى حصر الاتصال المحدود بمكتب التحقيقات، أثناء نظر هذا الأخير في قضية تخصّ البيت الأبيض، بأربعة، هم: الرئيس ونائبه ومستشاره الأول ونائب هذا الأخير. وبريبوس ليس واحداً منهم. وبالتالي فإنّ الاتصال، إذا كان قد حصل، يشكّل مخالفة بحد ذاته، ثمّ إنّه يؤكد بشكل غير مباشر، صحة رواية التواصل بين الروس وفريق ترامب، وهذا ممسك مرشّح للتفاعل ضدّ الرئيس، لا سيما في الكونغرس، حيث يلحّ فريق متزايد من الديمقراطيين والجمهوريين على ضرورة إجراء تحقيق خاص في هذا الموضوع نظراً لخطورته، إذ إنّه يعزّز الاعتقاد السائد بأنّ موسكو حاولت التأثير في الانتخابات. وثمة من يقول إنّها نجحت. وفي ضوء ذلك بات البيت الأبيض ومعه جناح المحافظين تحت ضغوط متصاعدة، لسبر غور هذا الاختراق الروسي واستبيان ما إذا كان قد جرى بعلم أو بتواطؤ قوى من حملة ترامب.

وفي الأيام الأخيرة واجه العديد من النواب، وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، موجة غير متوقّعة من الانتقادات خلال جولاتهم في مناطقهم الانتخابية، دار بعضها حول علاقة ترامب بالروس، مع المطالبة بضرورة كشفها.

الآن وبعد كل المعلومات التي صارت معروفة حول هذا الملف، وبعد أن أطاحت هذه العلاقة بالجنرال مايكل فلين مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي، بسبب اتصاله السري بالسفير الروسي في واشنطن وحجب الأمر حتى عن نائب الرئيس، يصبح السؤال: هل يمضي "إف بي آي" بالتحقيق إلى نهاياته؟ وهل يجري تحقيق مستقل منه أو من الحزبين بهذا الخصوص وبشكل شامل يرمي إلى الوقوف على كافة تفاصيل الدور الروسي والمتعاونين معه إذا وجدوا؟

الواضح أنّ هناك جهتين نافذتين تواصلان الدفع بهذا الاتجاه: مصادر استخبارية ما فتئت تمرّر المعلومات حول هذا الموضوع إلى وسائل الإعلام، (وهي التي اشتبك معها ترامب من البداية)، فيما تقوم بنشرها وبالتالي تجديد سيرة هذه المعلومات بما يجعلها تقترب أكثر من الفضيحة. وبالمناسبة جرى، مساء أمس الخميس، تمرير معلومة تفيد بأنّ الإدارة طلبت من "إف بي آي" الإدلاء بمعلومات تدعم قرار الرئيس بمنع دخول رعايا الدول السبع إلى الولايات المتحدة.

استمرار فضح جوانب الدور الروسي في السياسة الأميركية، قد يؤدي إلى إجبار السلطات المعنية على المضي في عملية التحقيق حتى النهاية التي يخشى البعض من أن تكون درامية، على نحو ليس له مثيل.