علاقات السيسي بنتنياهو في السجال الإسرائيلي الداخلي

15 مارس 2016
السفير المصري حازم خيرت مع نتنياهو (كوبي جدعون/Getty)
+ الخط -
أسهم إفصاح نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن مظاهر الغزل تجاه حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب، على النحو الذي تم الكشف عنه أخيراً، في تقليص هامش المناورة أمام المعارضة اليسارية والمثقفين الإسرائيليين، الذين ينتقدون الائتلاف الحاكم بقيادة بنيامين نتنياهو.

في السياق، مسّ الكشف عن بعض مؤشرات الدفء في العلاقة بين تل أبيب والقاهرة، بمصداقية الحجح التي تسوقها المعارضة في التدليل على أن سياسات حكومة نتنياهو تُهدّد مصالح إسرائيل الاستراتيجية، لأنها أفضت إلى تكريس عزلة إسرائيل.

وأبدت قيادات اليمين الحاكم ارتياحها إثر إعلان السفير الإسرائيلي في القاهرة حاييم كورين، في لقاءات مع وسائل إعلام إسرائيلية وأجنبية عن استقبال السيسي له مرات عدة، إلى جانب تشديده على حرص مؤسسسات الحكم المصرية على فتح أبوابها أمامه، إلى جانب كشف وسائل الإعلام الإسرائيلية، عن أن نواباً آخرين، بالإضافة إلى النائب المفصول توفيق عكاشة، قد التقوا به.

وقد عدّ سماح السفير المصري الجديد في إسرائيل حازم خيرت، بنشر صور لقائه بكل من الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، ونتنياهو، وهو ما لم يقدم عليه أي سفير مصري قبله، مؤشراً آخر على حرص النظام في القاهرة على إبراز العلاقة للعلن.

وعلى الرغم من التزام ممثلي المعارضة الإسرائيلية الصمت إزاء مظاهر "الغزل" التي يبديها نظام السيسي، فإن بعض قيادات الائتلاف الحاكم في تل أبيب، أخذت توظف بعض هذه المظاهر في مهاجمة المعارضة، ومحاولة نسف الأسس الموضوعية لخطها الدعائي ضد الحكومة، والتدليل على أنها لا "تُشكّل بديلاً حقيقياً عنها".

في هذا الإطار، رأى رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الليكودي تساحي هنغبي، في مبادرة القاهرة، بالكشف عن مظاهر العلاقة الدافئة، دليلاً على عدم مصداقية مزاعم المعارضة بأن سياسات حكومة نتنياهو تجاه الفلسطينيين ومواقفها من الصراع قد أفضت إلى عزل إسرائيل". وأشار هنغبي إلى أن "أكبر الدول العربية اختارت أن تعزز العلاقات مع إسرائيل في هذا الوقت تحديداً".

وفي مقابلة أجرتها معه الإذاعة الإسرائيلية، يوم الأربعاء، هاجم هنغبي معارضي حكومة نتنياهو، بسبب طابع تعاطيها مع الشأن الفلسطيني، مدّعياً أن "هذا النمط من التعاطي لم يؤثر على رغبة دول مهمة في العالم العربي، في تحسين العلاقات مع إسرائيل والتنسيق معنا".

وقد أشارت نائبة وزير الخارجية تسيفي حوطبيلي إلى مظاهر الدفء في العلاقة مع مصر، في التأكيد على تحسن المكانة الإقليمية لإسرائيل. وفي مقابلة أجرتها معها إذاعة الجيش الإسرائيلي، يوم الخميس، رأت حوطبيلي أن "الحقائق والواقع تنسف مزاعم قيادات المعارضة التي تتحدث عن تراجع مكانة إسرائيل".

اقرأ أيضاً "انتقام" الاحتلال من "البيئة الحاضنة" للفدائيين: تكرار لـ"عقوبات" فاشلة

وقد عزز كشف قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة النقاب أخيراً، عن حرص السيسي على المبادرة بالاتصال بنتنياهو مرتين شهرياً، من مصداقية خطاب الحكم في تل أبيب. وقد أبدت وسائل الإعلام الإسرائيلية ذات التوجه اليميني تحديداً، اهتماماً بمظاهر التقارب العلني بين حكومة اليمين المتطرف ونظام السيسي، في مسعى لإحراج النخب اليسارية.

مع العلم أنه كان لافتاً احتفاء صحيفة "ميكور ريشون" اليمينية، بانطباعات السيسي الشخصية عن نتنياهو، كما نقلها قادة المنظمات اليهودية الذين التقوا به في القاهرة أخيراً، وامتداحه "قدراته القيادية العظيمة"، وجزمه بأن "رئيس الوزراء الإسرائيلي ليس قادراً على تحقيق نهضة لإسرائيل، بل للمنطقة والعالم بأسره".

ويأتي إطراء السيسي على "قدرات" نتنياهو القيادية، على الرغم من أن مئات من جنرالات الاحتياط في إسرائيل وقعوا عشية الانتخابات الأخيرة في مارس/آذار من العام الماضي، على عريضة تُحذّر من "التداعيات الكارثية" لاستمرار حكم نتنياهو بسبب "عدم أهليته للحكم".

أما البارز، فهو أن قيادات اليمين في تل أبيب توظّف نمط العلاقة مع ما يُطلق عليه في إسرائيل "الدول العربية المعتدلة"، وعلى رأسها مصر، للتشديد على أن تواصل الصراع مع الشعب الفلسطيني، لا يشكل سبباً من أسباب عدم الاستقرار في المنطقة.

وخلال كلمته أمام مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية، الذي انعقد في القدس المحتلة أواخر شهر فبراير/شباط الماضي، شدد نتنياهو على أن "الواقع قد دلل على أن التقدم في مسار المفاوضات مع الفلسطينيين، لا يفضي إلى التقارب مع العالم العربي". وأضاف: "الواقع أثبت أن تطور العلاقات بين إسرائيل والدول العربية تحديداً، يؤثر على الفلسطينيين ويجعلهم شركاء لنا". وقد رفد نتنياهو استنتاجه هذه بالإشارة إلى أن "الدول العربية المعتدلة لا ترى في إسرائيل عدواً، وتبدي حرصاً على التعاون معها في مواجهة الإسلام المتطرف، فمعظم مظاهر العلاقات مع هذه الدول سري، والقليل منه يخرج للعلن"، على حد تعبيره.

من هنا، لم يكن من المستهجن أن يتوقف قادة المعارضة الإسرائيلية عن طرح أفكار لحل الصراع، حتى بات زعيم حزب "العمل" إسحاق هيرتزوغ ينافس نتنياهو في التنظير واجترار الشواهد لنفي واقعية حل الدولتين. ليس هذا فحسب، بل إن بعض قادة المعارضة، لاسيما يائير لبيد، زعيم حزب "ييش عتيد"، يبدي حماسة لفكرة الرهان على التوافق مع الدول العربية كبديل لحل الصراع مع الفلسطينيين.

اقرأ أيضاً النظام المصري وشيطنة "حماس": خدمة مجانية لإسرائيل

المساهمون