لا يخفي النائب الأول لرئيس لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، ناصر سوداني قلقه من عقود النفط الجديدة التي كشفت عنها حكومة بلاده، في نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، بسبب إصرار وزارة النفط على عدم عرض العقود مفصلة.
سوداني ليس بمفرده، إذ إن عددا من النواب المحافظين في البرلمان الإيراني، يرفضون العقود الجديدة التي تنهي نظام إعادة الشراء المعمول به منذ أكثر من 20 عاما والذي يمنع الشركات الأجنبية من حجز احتياطيات أو تملك أسهم في الشركات الإيرانية. ويتحدث هؤلاء عن وجود ثغرات في نصوص العقود، يرون أنها تخالف الدستور الإيراني، فيما يراها النواب الإصلاحيون ضرورة لانتشال البلاد من الوضع الاقتصادي الراهن.
جدل متصاعد
تطورت الاعتراضات على عقود النفط الجديدة إلى فعاليات احتجاجية أدت إلى اعتقال 38 شخصا اعتصموا أمام وزارة النفط الإيرانية في شهر فبراير/شباط الفائت، وتم إطلاق سراحهم في وقت لاحق، وبررت الشرطة الأمر بأنه اعتصام غير مرخص، فيما قال نواب برلمانيون من بينهم النائب أحمد توكلي، إن الاحتجاج على عقود تتطلب المراجعة والتظاهر ضدها أمر طبيعي، وقد علق رئيس البرلمان علي لاريجاني على الأمر قائلا إن "إصلاح العقود غير ممكن بهذه الطريقة"، مؤكدا على تقديم شكاوى لمجلس الشورى الإسلامي من قبل عدة جهات رسمية لمراجعة الموضوع. أما أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي فقال لوكالة مهر الإيرانية، إن المجمع سيدرس العقود المعلن عنها وسيحدد من طرفه ما إن كانت تضر بمصلحة البلاد.
ويخشى المحافظون من فتح الباب أمام العلاقات الإيرانية الغربية، ولاسيما أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي حذر في تصريحات كررها مؤخرا من نوايا غربية لاختراق البلاد، فضلا عن رفعه لشعار "بناء اقتصاد مقاوم" ليكون شعار العام الإيراني الجديد، الذي بدأ في 21 مارس/آذار الجاري، وهو الاقتصاد الذي يتحقق بالوصول للاكتفاء الذاتي والاعتماد على قدرات الداخل.
اقــرأ أيضاً
تفاصيل وثغرات العقود
تتعلق نصوص عقود النفط الجديدة، بمشاريع لتطوير القطاع النفطي تصل مدتها إلى عشرين عاما، وتشمل التنقيب، الاستخراج، التنمية والتطوير، وتسمح للشركات الأجنبية بالعمل في حقول نفطية وباكتشاف حقول جديدة، كما تمنحها حق الاستثمار بحسب مناقصات تنافسية، وجاء في النصوص التي عرضتها وزارة النفط، أن ملكية الحقول الإيرانية لن تتغير، لكن النص لم يوضح كيفية توزيع الحقوق بحال اكتشاف حقول جديدة.
كما جاء فيها أن مدة كل عقد تحدد على حدة، بناء على عمر الحقل النفطي أو ما يسمى بعمر المخزون النفطي، ومن غير الواضح ما إن كانت هذه المدة ستطابق مدة العقد، وبهذه الحالة لن يحصل المستثمر المحلي على المكاسب التي سيحصل عليها المستثمر الأجنبي بحسب المنتقدين. كما يحصل الشريك الأجنبي على عائدات نفطية تتناسب والوضع في السوق، أي أن سعر برميل النفط يتحكم بنسب العائدات، وقد يكون هذا أمرا إيجابيا بالنسبة للحكومة المعتدلة، لكن رافضي هذه العقود يتحدثون عن كون هذا البند جديدا، ولم يكن موجودا في عقود إيران القديمة، وهو ما يتطلب مزيدا من التوضيح.
أما عن دفع المستحقات لإيران، فيتم نقدا أو بالمقايضة، والاتفاق على هذا الأمر يحتاج لعقد جديد غير العقد الاستثماري، وهو من صلاحيات السلطات القضائية والقانونية وفق الدستور، أما مسؤولية تنفيذ المشروع فتقع على عاتق الشركة الأجنبية المستثمرة، وبحال منحت إحدى الشركات حق التنقيب في منطقة بعينها، ولم تفلح بمهمتها فإنها لن تحصل على أي عائدات.
اقــرأ أيضاً
أسباب المنتقدين
يرى البرلماني ناصر سوداني، إن النفط الإيراني لا يجب أن يتحول إلى حقل تجارب للأجانب، ولاسيما أن في البلاد كوادر كثيرة، واعتبر سوداني أن الحكومة عليها التركيز على البحث عن طرق للحصول على التقنيات النفطية، لا إدخالها مع كوادر أجنبية عاملة، وإعطائها امتيازات كبرى لمدة تزيد عن عشرين عاما، قائلا لـ"العربي الجديد"، في حال الاضطرار يجب وضع سيناريوهات للحصول على المساعدة لدعم الشركات المحلية وعدم وضع النفط بخدمة الشركات الأجنبية".
من جهته، يؤكد المستشار الاقتصادي السابق للرئيس رفسنجاني، سعيد ليلاز، أن الدستور الإيراني يمنع إعطاء ملكية حقول النفط في البلاد لأي طرف أجنبي، بالتالي يجب على الحكومة الحالية توضيح البنود المتعلقة بالاستثمار وبصلاحيات المستثمرين الأجانب، وخاصة في حال امتلاك مشروع للتنقيب.
وأضاف الأستاذ الجامعي قائلا لـ"العربي الجديد"، "الوضع في السوق النفطية العالمية مزر، واقتصاد إيران مازال يعاني من مشكلات عديدة"، منتقدا هو الآخر هذه العقود قائلا "يجب تشجيع الأجانب على الاستثمار الحقيقي وليس منحهم الامتيازات في القطاع النفطي لسنوات طويلة وبفوائد غير محددة بوضوح".
إلا أن ليلاز رأى أن سبب إصرار وزارة النفط على العقود هو عدم وجود خيارات كثيرة أمامها، فعدم تطوير قطاع النفط يعني انهيار البلاد، ملمحا إلى أن الالتصاق بالخارج، يعني مشكلات سياسية جديدة، وجعل الاقتصاد رهنا للأجانب ما يزيد من خطر حصولهم على المزايا المختلفة وانسحابهم في أي وقت لترك البلاد في حالة يرثى لها وهو ما حدث حين فرضت العقوبات، قائلا "المطلوب هو تحسين الاقتصاد، ومراعاة القانون في العقود، وليس جعلها رهنا للمتغيرات".
اقــرأ أيضاً
عقود تفتح باب الفساد
يتخوف الرافضون لهذه العقود من أن تفتح بابا لفساد داخلي، إذ عادت بعض المواقع الإيرانية ولاسيما تلك المحسوبة على الطيف المحافظ إلى التذكير بقضية عقود كرسنت، وهي القضية التي يعود عمرها لأعوام ولت، وقت أن بدأت المفاوضات بين شركة كرسنت بتروليوم الإماراتية والشركة الوطنية للنفط الإيرانية في العام 1997، وكان وزير النفط الحالي بيجن زنغنه يتولى ذات الوزارة حينها، واتفق الطرفان على عقد يبدأ من العام 2005 لنقل الغاز من حقل سليمان إلى دولة الإمارات بكمية تعادل 500 مليون متر مكعب يوميا لمدة 25 عاما، لكن رئيس ديوان الحسابات محمد رضا رحيمي، والذي كان نائب الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، شكك في العقود في العام 2005، وانطلق الجدل، بل وتم اعتقال أفراد منهم مدير مكتب وزير النفط، واتهم هؤلاء بالحصول على رشاوى لتوقيع عقد كرسنت مع إيران، لكن عدم تطبيق البلاد للعقد جر القضية لمحكمة لاهاي الدولية التي فرضت غرامة على طهران في العام 2013، وبسبب ارتباط اسم الوزير الحالي زنغنه بالقضية، يرفض كثيرون العقود الجديدة.
مبررات المؤيدين
الحكومة الإيرانية من جهتها، ترى ضرورة توقيع العقود مع الخارج لانتشال البلاد من الوضع الاقتصادي الراهن ولنقل التكنولوجيا المتقدمة لحقول النفط الإيرانية، وقد نقلت وكالة أنبار الطلبة الإيرانية (إيسنا) مؤخرا عن نائب وزير النفط زماني نيا، رده على المنتقدين، قائلا إن "النصوص تراعي الشفافية وليس فيها أي تعقيد"، مؤكدا أنها تقترب كثيرا من نصوص العقود الدولية لكنها لا تطابقها، مشيرا إلى أن الحكومة لا تركز فقط على الشركات الغربية العملاقة، بل إنها تسعى لتوقيع عقود مع شركات متوسطة الحجم لتضمن الحفاظ على زبائنها في الأمد البعيد.
ذات الوكالة الرسمية نقلت في تقرير مفصل حول الموضوع عن رئيس لجنة الرقابة على العقود مهدي حسيني قوله إن الفرصة الآن متاحة لترميم علاقات إيران مع الدول الأجنبية، وأضاف أن القلق من منح الملكية للأجانب أمر غير مبرر، فالحقول تبقى إيرانية ولن توضع كرهن للشركات الأجنبية، معتبرا أنه من الضروري دخول الأجانب للسوق، داعيا المتخوفين لعدم القلق.
من جهته، يقول الصحافي في قسم الاقتصاد في وكالة ايلنا مهدي الياسي لـ"العربي الجديد"، إن وزارة النفط تمتنع عن الكشف عن تفاصيل العقود، ليس بسبب وجود ثغرات كبرى في العقود، ولكن من أجل إبقائها سرية بسبب وجود منافسين أشداء في السوق النفطية العالمية، في الوقت الذي تحاول طهران استعادة حصصها التي خسرتها بسبب الحظر. واعتبر الياسي أن طهران بحاجة لزيادة إنتاج النفط وصادراته لتغطية العجز في موازنتها، لكن الحكومة أمام خيار وحيد حاليا وهو مد اليد للشركات الأجنبية ومنحها الامتيازات، مقابل حصولها على مكاسب أخرى ستساعد على عودتها للسوق، معتبرا أن العقود هامة ومغرية، ولا تناقض القانون الذي يسمح بوجود مستثمر أجنبي في البلاد.
من ناحية ثانية، يصف الخبير في شؤون الطاقة حسين أنصاري فرد، المشكلة بين إيران والشركات الأجنبية في قطاع النفط بـ"التاريخية" التي يعود عمرها إلى سنين طويلة من العداوة، معتبرا أن المشكلة الفعلية هي مشكلة مع الحكومة الداعية للانفتاح، التي استندت في صياغة عقودها إلى عقود شركات أجنبية خارجية وهو ما يثير تخوف البعض من عدم مراعاة المصلحة الإيرانية بالدرجة الأولى. يرى أنصاري أن الحل يكمن في تحقيق التوازن، وتقليص اعتماد البلاد على النفط، وجعل تصدير الغاز للخارج أمرا مساعدا، قائلا إن "المشكلات الداخلية في إيران والمشكلات الإقليمية معها قد تقف كحجر عثرة بوجه مخططات الحكومة، التي يتوجب عليها البحث عن بدائل مناسبة".
سوداني ليس بمفرده، إذ إن عددا من النواب المحافظين في البرلمان الإيراني، يرفضون العقود الجديدة التي تنهي نظام إعادة الشراء المعمول به منذ أكثر من 20 عاما والذي يمنع الشركات الأجنبية من حجز احتياطيات أو تملك أسهم في الشركات الإيرانية. ويتحدث هؤلاء عن وجود ثغرات في نصوص العقود، يرون أنها تخالف الدستور الإيراني، فيما يراها النواب الإصلاحيون ضرورة لانتشال البلاد من الوضع الاقتصادي الراهن.
جدل متصاعد
تطورت الاعتراضات على عقود النفط الجديدة إلى فعاليات احتجاجية أدت إلى اعتقال 38 شخصا اعتصموا أمام وزارة النفط الإيرانية في شهر فبراير/شباط الفائت، وتم إطلاق سراحهم في وقت لاحق، وبررت الشرطة الأمر بأنه اعتصام غير مرخص، فيما قال نواب برلمانيون من بينهم النائب أحمد توكلي، إن الاحتجاج على عقود تتطلب المراجعة والتظاهر ضدها أمر طبيعي، وقد علق رئيس البرلمان علي لاريجاني على الأمر قائلا إن "إصلاح العقود غير ممكن بهذه الطريقة"، مؤكدا على تقديم شكاوى لمجلس الشورى الإسلامي من قبل عدة جهات رسمية لمراجعة الموضوع. أما أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي فقال لوكالة مهر الإيرانية، إن المجمع سيدرس العقود المعلن عنها وسيحدد من طرفه ما إن كانت تضر بمصلحة البلاد.
ويخشى المحافظون من فتح الباب أمام العلاقات الإيرانية الغربية، ولاسيما أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي حذر في تصريحات كررها مؤخرا من نوايا غربية لاختراق البلاد، فضلا عن رفعه لشعار "بناء اقتصاد مقاوم" ليكون شعار العام الإيراني الجديد، الذي بدأ في 21 مارس/آذار الجاري، وهو الاقتصاد الذي يتحقق بالوصول للاكتفاء الذاتي والاعتماد على قدرات الداخل.
تفاصيل وثغرات العقود
تتعلق نصوص عقود النفط الجديدة، بمشاريع لتطوير القطاع النفطي تصل مدتها إلى عشرين عاما، وتشمل التنقيب، الاستخراج، التنمية والتطوير، وتسمح للشركات الأجنبية بالعمل في حقول نفطية وباكتشاف حقول جديدة، كما تمنحها حق الاستثمار بحسب مناقصات تنافسية، وجاء في النصوص التي عرضتها وزارة النفط، أن ملكية الحقول الإيرانية لن تتغير، لكن النص لم يوضح كيفية توزيع الحقوق بحال اكتشاف حقول جديدة.
كما جاء فيها أن مدة كل عقد تحدد على حدة، بناء على عمر الحقل النفطي أو ما يسمى بعمر المخزون النفطي، ومن غير الواضح ما إن كانت هذه المدة ستطابق مدة العقد، وبهذه الحالة لن يحصل المستثمر المحلي على المكاسب التي سيحصل عليها المستثمر الأجنبي بحسب المنتقدين. كما يحصل الشريك الأجنبي على عائدات نفطية تتناسب والوضع في السوق، أي أن سعر برميل النفط يتحكم بنسب العائدات، وقد يكون هذا أمرا إيجابيا بالنسبة للحكومة المعتدلة، لكن رافضي هذه العقود يتحدثون عن كون هذا البند جديدا، ولم يكن موجودا في عقود إيران القديمة، وهو ما يتطلب مزيدا من التوضيح.
أما عن دفع المستحقات لإيران، فيتم نقدا أو بالمقايضة، والاتفاق على هذا الأمر يحتاج لعقد جديد غير العقد الاستثماري، وهو من صلاحيات السلطات القضائية والقانونية وفق الدستور، أما مسؤولية تنفيذ المشروع فتقع على عاتق الشركة الأجنبية المستثمرة، وبحال منحت إحدى الشركات حق التنقيب في منطقة بعينها، ولم تفلح بمهمتها فإنها لن تحصل على أي عائدات.
أسباب المنتقدين
يرى البرلماني ناصر سوداني، إن النفط الإيراني لا يجب أن يتحول إلى حقل تجارب للأجانب، ولاسيما أن في البلاد كوادر كثيرة، واعتبر سوداني أن الحكومة عليها التركيز على البحث عن طرق للحصول على التقنيات النفطية، لا إدخالها مع كوادر أجنبية عاملة، وإعطائها امتيازات كبرى لمدة تزيد عن عشرين عاما، قائلا لـ"العربي الجديد"، في حال الاضطرار يجب وضع سيناريوهات للحصول على المساعدة لدعم الشركات المحلية وعدم وضع النفط بخدمة الشركات الأجنبية".
وأضاف الأستاذ الجامعي قائلا لـ"العربي الجديد"، "الوضع في السوق النفطية العالمية مزر، واقتصاد إيران مازال يعاني من مشكلات عديدة"، منتقدا هو الآخر هذه العقود قائلا "يجب تشجيع الأجانب على الاستثمار الحقيقي وليس منحهم الامتيازات في القطاع النفطي لسنوات طويلة وبفوائد غير محددة بوضوح".
إلا أن ليلاز رأى أن سبب إصرار وزارة النفط على العقود هو عدم وجود خيارات كثيرة أمامها، فعدم تطوير قطاع النفط يعني انهيار البلاد، ملمحا إلى أن الالتصاق بالخارج، يعني مشكلات سياسية جديدة، وجعل الاقتصاد رهنا للأجانب ما يزيد من خطر حصولهم على المزايا المختلفة وانسحابهم في أي وقت لترك البلاد في حالة يرثى لها وهو ما حدث حين فرضت العقوبات، قائلا "المطلوب هو تحسين الاقتصاد، ومراعاة القانون في العقود، وليس جعلها رهنا للمتغيرات".
عقود تفتح باب الفساد
يتخوف الرافضون لهذه العقود من أن تفتح بابا لفساد داخلي، إذ عادت بعض المواقع الإيرانية ولاسيما تلك المحسوبة على الطيف المحافظ إلى التذكير بقضية عقود كرسنت، وهي القضية التي يعود عمرها لأعوام ولت، وقت أن بدأت المفاوضات بين شركة كرسنت بتروليوم الإماراتية والشركة الوطنية للنفط الإيرانية في العام 1997، وكان وزير النفط الحالي بيجن زنغنه يتولى ذات الوزارة حينها، واتفق الطرفان على عقد يبدأ من العام 2005 لنقل الغاز من حقل سليمان إلى دولة الإمارات بكمية تعادل 500 مليون متر مكعب يوميا لمدة 25 عاما، لكن رئيس ديوان الحسابات محمد رضا رحيمي، والذي كان نائب الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، شكك في العقود في العام 2005، وانطلق الجدل، بل وتم اعتقال أفراد منهم مدير مكتب وزير النفط، واتهم هؤلاء بالحصول على رشاوى لتوقيع عقد كرسنت مع إيران، لكن عدم تطبيق البلاد للعقد جر القضية لمحكمة لاهاي الدولية التي فرضت غرامة على طهران في العام 2013، وبسبب ارتباط اسم الوزير الحالي زنغنه بالقضية، يرفض كثيرون العقود الجديدة.
مبررات المؤيدين
الحكومة الإيرانية من جهتها، ترى ضرورة توقيع العقود مع الخارج لانتشال البلاد من الوضع الاقتصادي الراهن ولنقل التكنولوجيا المتقدمة لحقول النفط الإيرانية، وقد نقلت وكالة أنبار الطلبة الإيرانية (إيسنا) مؤخرا عن نائب وزير النفط زماني نيا، رده على المنتقدين، قائلا إن "النصوص تراعي الشفافية وليس فيها أي تعقيد"، مؤكدا أنها تقترب كثيرا من نصوص العقود الدولية لكنها لا تطابقها، مشيرا إلى أن الحكومة لا تركز فقط على الشركات الغربية العملاقة، بل إنها تسعى لتوقيع عقود مع شركات متوسطة الحجم لتضمن الحفاظ على زبائنها في الأمد البعيد.
ذات الوكالة الرسمية نقلت في تقرير مفصل حول الموضوع عن رئيس لجنة الرقابة على العقود مهدي حسيني قوله إن الفرصة الآن متاحة لترميم علاقات إيران مع الدول الأجنبية، وأضاف أن القلق من منح الملكية للأجانب أمر غير مبرر، فالحقول تبقى إيرانية ولن توضع كرهن للشركات الأجنبية، معتبرا أنه من الضروري دخول الأجانب للسوق، داعيا المتخوفين لعدم القلق.
من جهته، يقول الصحافي في قسم الاقتصاد في وكالة ايلنا مهدي الياسي لـ"العربي الجديد"، إن وزارة النفط تمتنع عن الكشف عن تفاصيل العقود، ليس بسبب وجود ثغرات كبرى في العقود، ولكن من أجل إبقائها سرية بسبب وجود منافسين أشداء في السوق النفطية العالمية، في الوقت الذي تحاول طهران استعادة حصصها التي خسرتها بسبب الحظر. واعتبر الياسي أن طهران بحاجة لزيادة إنتاج النفط وصادراته لتغطية العجز في موازنتها، لكن الحكومة أمام خيار وحيد حاليا وهو مد اليد للشركات الأجنبية ومنحها الامتيازات، مقابل حصولها على مكاسب أخرى ستساعد على عودتها للسوق، معتبرا أن العقود هامة ومغرية، ولا تناقض القانون الذي يسمح بوجود مستثمر أجنبي في البلاد.
من ناحية ثانية، يصف الخبير في شؤون الطاقة حسين أنصاري فرد، المشكلة بين إيران والشركات الأجنبية في قطاع النفط بـ"التاريخية" التي يعود عمرها إلى سنين طويلة من العداوة، معتبرا أن المشكلة الفعلية هي مشكلة مع الحكومة الداعية للانفتاح، التي استندت في صياغة عقودها إلى عقود شركات أجنبية خارجية وهو ما يثير تخوف البعض من عدم مراعاة المصلحة الإيرانية بالدرجة الأولى. يرى أنصاري أن الحل يكمن في تحقيق التوازن، وتقليص اعتماد البلاد على النفط، وجعل تصدير الغاز للخارج أمرا مساعدا، قائلا إن "المشكلات الداخلية في إيران والمشكلات الإقليمية معها قد تقف كحجر عثرة بوجه مخططات الحكومة، التي يتوجب عليها البحث عن بدائل مناسبة".