إسرائيل الكيان الداء، تحول عند بعض العرب الى ترياق ودواء، كيف لا؟ وهذا البعض العربي، قد اجتهد طيلة عقود على تهيئة المناخات حتى يستوي الأمر في منتهاه لإسرائيل. فكانت أول الحلقات بغض الطرف عن وعد بلفور وما تبعه من تسرب صهيوني الى فلسطين، ثم كان التواطؤ والتخاذل في نكبة 1948، ثم الهزيمة والذل في نكسة 1967، ثم إضعاف مصر عبد الناصر، وكسر ظهر الثورة الفلسطينية وإبعادها عن خط النار المباشر مع العدو، ثم زجها في متاهة عملية سلام مسمومة بدأت من فاس 1982 وصولاً الى بيروت 2002، مروراً بمدريد وأوسلو. متاهة وهم لم يجن منها الشعب الفلسطيني إلا إنهيار مشروعه الوطني التحرري.
ومنذ كارثة بيروت 1982، كرَّت مسبحة الانهيار، بدءاً من العراق وتدمير جيشه وشعبه وبنياته العسكرية والعلمية، وصولاً إلى التدمير الممنهج، الناعم والخشن، لمصر، وليبيا، وسورية، واليمن، حتى باتت إسرائيل الـ"دولة" الأقوى والأكثر أمناً وأماناً في المنطقة.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ مضى البعض العربي، إلى حد اختراع أعداء جدد للأمة العربية والإسلامية، بدلأ من إسرائيل، التي باتت في إعلام هذا البعض العربي، "محبة للسلام... وغير عدوانية... وتسعى للعيش بهدوء مع جيرانها العرب..." وحليفا إستراتيجيا في مواجهة خطر "الشيطان الأكبر" الذي "يتدخل في الشؤون العربية، ويسعى إلى تصدير ثورته الخمينية، ونشر نفوذه الشيعي، من الخليج الى المحيط".
وحتى تكتمل حلقات الزمن الإسرائيلي الجميل، واصل البعض العربي دك أسافين التخريب في الكيانات العربية، حتى كان الحصار على قطر، الذي احتفى به رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب أفيغدور ليبرمان، وزعيم المعارضة الإسرائيلية إسحاق هرتسوغ، ولا سيما أنه تزامن مع احتفالهم بذكرى احتلال كامل فلسطين في 5 يونيو/ حزيران عام 1967.