عشرات الأطفال التونسيّين في انتظار زرع قوقعة أذن

09 اغسطس 2014
أكثر من 118 طفلاً ينتظرون أدوارهم(العربي الجديد)
+ الخط -

أيوب، يبلغ من العمر ثلاث سنوات وسبعة أشهر‏. بدأت معاناته بعد بلوغه عامه الأوّل‏، عندما اكتشفت عائلته أنّه يعاني من ضعف شديد في حاسّة السمع‏. فاستشار والده أكثر من طبيب. وأكد الجميع أنّه يحتاج إلى زرع قوقعة‏. والقوقعة هي أنبوبة لولبيّة في الأذن الداخليّة، تحتوي على سائل وغشاء ومنتهيات أعصاب السمع.

وعندما اتجه والده إلى المستشفى تحضيراً للعمليّة الجراحيّة، وجد أنّ كلفة العمليّة تبلغ 50 ألف دينار تونسي (نحو 35 ألف دولار أميركي)، وهي كلفة لا تستطيع أسرة أيوب تحمّل ولو قسط منها، فربُّ العائلة عامل ويتقاضى أجراً بسيطاً لا يغطي حتى مصاريف العلاج.

وأيوب واحد من بين عشرات الأطفال الذين ينتظرون زرع قوقعة، حتى تتسنى لهم القدرة على السمع مثل أقرانهم. جزء من عائلات هؤلاء الأطفال توجه، يوم الخميس، إلى وزارتَي الشؤون الاجتماعيّة والصحة في محاولة لإيجاد حلّ لأبنائهم.

قيس حمدي، واحد من الآباء الذين التقاهم "العربي الجديد" والذين تحدّثوا عن معاناة أولادهم. هو من محافظة الكاف في شمال تونس، وابنه البالغ من العمر خمس سنوات يحتاج إلى زرع القوقعة. وقد تقدّم بطلب إلى وزارة الصحة قبل سنتَين وما زال ينتظر الردّ. يقول إنّه توجّه في العام 2011، إلى كل من وزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعيّة ليطلب المساعدة، حتى يتمكن ابنه من الخضوع إلى عمليّة على نفقة الدولة نظراً لارتفاع كلفتها، لكنّه وحتى اليوم ينتظر حلاً ليستعيد ابنه السمع ويتمكّن من الالتحاق بمقاعد الدراسة.

وأشار قيس إلى أنّ ابنه هو من بين 118 طفلاً في تونس ينتظرون إجراء هذه العمليّة، مؤكداً أنّ الدولة تتكفّل كلّ سنة بعشرين عمليّة فقط. لذا يبقى الأطفال ينتظرون سنوات ليتمكنوا من الخضوع للعمليّة.

من جهته، قال طارق الوسلاتي إنّ ابنه، البالغ من العمر خمس سنوات أيضاً، ينتظر منذ 28 مارس/ آذار 2012 الخضوع للجراحة، حتى يتمكّن من دخول المدرسة. ولفت إلى أنّ الأطباء غالباً ما ينصحون بعمليّة الزرع تلك قبل أن يبلغ الأولاد سن الخامسة.

وعمليّة زرع القوقعة هي عبارة عن تثبيت جهاز إلكتروني يبلغ وزنه ‏15‏ غراماً تقريباً‏ تحت الجلد خلف الأذن بهدف استثارة الجهاز العصبي للسمع. وشرح رئيس قسم جراحة الفم والأنف والحنجرة في مستشفى حبيب بورقيبة في محافظة صفاقس، جنوب تونس، الدكتور منعم غربال، لـ"العربي الجديد"، أنّ القوقعة الإلكترونيّة تتكوّن من جزءٍ خارجيّ يوضع خلف الأذن ويتمثل في سماعة متصلة بخيطٍ يتضمّن لاقطاً يستقبل الصوت وميكروفون يرسل ذبذبات كهرومغناطيسيّة، وجزء داخلي يتمّ زرعه في عمليّة جراحيّة.

وأوضح غربال أنّ الجزء خلف الأذن يتضمّن أقطاباً كهربائية يتمّ إدخالها في القوقعة الموجودة داخل الأذن. والذبذبات التي يستقبلها تتحوّل إلى ذبذبات كهربائيّة تسري في الخيط وتتحوّل إلى العصب السمعي مباشرة الذي يرسلها بدوره إلى المخ. وتتحوّل الأصوات التي يتلقاها الإنسان الذي يستعمل هذه القوقعة إلى ذبذبات كهربائيّة.

أضاف غربال أنّ ثمة أطفالاً وكذلك أشخاصاً بالغين لا تفيدهم السماعات العاديّة، إذ تكون غير كافية لهم، لذا يلجأون إلى القوقعة الإلكترونيّة. وعمليّة زرعها تبقى حكراً على مستشفى الرابطة في العاصمة، نظراً لارتفاع كلفة الجهاز التي تراوح ما بين 40 و50 ألف دينار (30 و35 ألف دولار)، وتتطلب ستّة أو سبعة أشهر من العناية والمتابعة.


ولأن العمليّة تجرى في ذلك مستشفى دون سواه، فإن الأمر يكون صعباً على العديد من أولياء الأمور الذين يتكبّدون مشقّة السفر إلى العاصمة لاصطحاب أبنائهم للقيام بالفحوصات اللازمة التي تستمرّ لفترة طويلة.

على صعيد آخر، يتطلّب هذا النوع من العلاجات أن يقوم كل مَن خضع للعمليّة بجلسات تأهيلٍ وتدريبٍ عدّة على النطق، تتجاوز مدّتها ستة أشهر.


حلول قريبة

وأوضح رئيس ديوان وزير الشؤون الاجتماعيّة، محمد بن غربية، لـ"العربي الجديد"، أنّه التقى، يوم أمس، عدداً من عائلات أولئك الأطفال، وقد تمّ التأكيد على العمل لتسريع إجراءات تلك العمليات.

وأشار غربية إلى أنّ اجتماعاً سنوياً يعقد ما بين وزارة الشؤون الاجتماعيّة وبين صندوق التأمين على المرض ووزارة الصحة، للنظر في قوائم المرشّحين من الأطفال لإجراء تلك العمليات. أضاف أنّه، خلال الاجتماع الذي عقد هذا العام، جرى الاتفاق على شراء 40 جهازاً مع إمكانيّة إضافة 10 أجهزة أخرى. كذلك تتكفل وزارة الصحة بشراء هذه الأجهزة وإجراء هذه العمليات في مستشفى الرابطة في العاصمة التونسيّة، بإشراف رئيس قسم أمراض الأنف والأذن والحنجرة. وأكّد رئيس الديوان أنّه سيتمّ إجراء تلك العمليات في القريب، لأنّ الأموال جاهزة وقد رُصدت لهؤلاء الأطفال.

دلالات
المساهمون