ونظمت المعارضة، مساء الخميس، ثلاث مسيرات شعبية التقت عند ملتقى طرق "مديد" في طريقها إلى ساعة ابن عباس وسط نواكشوط في "أكبر مظاهرة شعبية معارضة" بحسب وصف أوساط المعارضة.
وحمل المتظاهرون شعارات ولافتات رافضة للتعديل الدستوري، وما وصفه المتظاهرون بمحاولة الرئيس محمد ولد عبد العزيز البقاء في السلطة بعد انتهاء مأموريته عام 2019.
وقال الرئيس الدوري للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، محمد جميل منصور، في كلمة له خلال التظاهرة إنه "لا مشكلة للمنتدى مع الجيش وإنما مشكلته مع النظام الذي يحاول إقحام الجيش في العملية السياسية".
وجدد ولد منصور رفض المنتدى للتعديلات الدستورية داعيا إلى التعبئة الشاملة لإسقاط هذه التعديلات"، متهما نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز بـ"تجويع الشعب وتهديد وحدته الوطنية والمزايدة بمشتركات الوحدة كالعلم والنشيد وطبيعة النظام السياسي".
وقال نائب رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية، محمد ولد أمات، إن "قادة الأغلبية الذين طالبوا علنا بخرق الدستور وبقاء الرئيس في السلطة تجب محاكمتهم"، واصفا التعديل الدستوري المقترح بأنه "مهزلة" يصر عليها النظام رغم معارضة غالبية أطياف الشعب الموريتاني لها، وخاطب ولد امات وكيل الجمهورية (النائب العام) قائلا "نبلغ وكيل الجمهورية بجريمة تعديل الدستور انطلاقا من المادة 36 من القانون الجنائي التي تلزم كل فرد بالتبليغ عن أي جريمة".
وشارك وفد من مجلس الشيوخ الموريتاني في التظاهرة، وقال محمد ولد غده، عضو مجلس الشيوخ الذي أفرج عنه قبل يومين، إن "على الشعب الموريتاني أن يرفض هذه التعديلات وأن يظهر ذلك للرئيس محمد ولد عبد العزيز"، محذرا من "وقوع انقلاب عسكري إذا استمر النظام في سعيه لتعديل الدستور والسعي لولاية ثالثة".
وتحدث خلال المنصة عدد من قادة التحالف الجديد للمعارضة والذي يتشكل من القوى المشكلة للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة وحزب تكتل القوى الديمقراطية وحزب الصوب وحزب الوطن، إضافة إلى حزب القوى التقدمية للتغيير وقوى شبابية ومدنية.
على صعيد آخر، يواصل الحزب الحاكم وحلفاؤه تنظيم أنشطة جماهيرية للمشاركة والتصويت لصالح التعديل الدستوري خلال الاستفتاء الشعبي المقرر في الخامس من أغسطس/آب القادم.
وقال سيد محمد ولد محمد، رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم إن "الأغلبية متمسكة بالرئيس محمد ولد عبد العزيز وتدعم التعديلات الدستورية التي اقترحها".
وأكد ولد محمد في مهرجان شعبي مساء أمس في مدينة بتلميت جنوب موريتانيا أن الأغلبية الحاكمة تعمل على تمرير التعديل الدستوري من خلال الشعب الذي هو صاحب القرار تطويرا للنظام السياسي وتعزيزا لمصالح المواطنين ".
وكانت الحكومة الموريتانية قد حددت الخامس من أغسطس/آب القادم موعدا لاستفتاء شعبي لتمرير تعديل دستوري أسقطه مجلس الشيوخ الموريتاني في 18 من شهر مارس/ آذار الماضي وقد شكل رفض مجلس الشيوخ الذي تهيمن عليه الأغلبية لمشروع التعديل الدستوري سابقة في تاريخ موريتانيا وانقسمت الأغلبية الحاكمة بشأن التعديل المذكور واتخذ مجلس الشيوخ على إثر ذلك سلسلة قرارات ضد الحكومة والرئيس الموريتاني من أهمها تشكيل لجان تحقيق في صفقات التراضي والتحقيق في مصادر تمويل هيئة خيرية يرأسها نجل الرئيس.
وقد لجأ الرئيس الموريتاني في ظل رفض مجلس الشيوخ مشروع التعديلات إلى المادة 38 من الدستور التي تنص على أن "لرئيس الجمهورية الحق في استفتاء الشعب حول أي قضية وطنية" رغم اعتراض عدد من القانونيين.
وتتضمن التعديلات الدستورية عددا من الإصلاحات أهمها إلغاء مجلس الشيوخ (الغرفة الأولى بالبرلمان الموريتاني) واستبداله بمجالس جهوية مكلفة بالتنمية المحلية ودمج عدد من المؤسسات الدستورية وتغيير العلم الوطني.
وعلى وقع السجال بين الأغلبية والمعارضة بشأن التعديلات الدستورية جدد قادة سياسيون ومسؤولون حكوميون مسألة الولاية الثالثة للرئيس بعد أن تراجعت هذه الدعوات خلال الأشهر الماضية بعد تصريحات الرئيس الواضحة بشأن عدم رغبته في الترشح من جديد.
وأكد رئيس الوزراء الموريتاني يحيى ولد حدمين خلال جولة في الولايات الداخلية على أن الرئيس الموريتاني باق في منصبه بعد انتهاء ولايته استجابة لما وصفه "رغبة الشعب الموريتاني"، وهو ما أكده رئيس الحزب الحاكم سيد محمد ولد محم في تصريحات مشابهة حيث كشف في خطاب له أمام أنصار حزبه في مدينة روصو جنوب البلاد أن التعديل الدستوري الحالي ستتبعه سلسلة تعديلات أخرى.
وكان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز قد أكد في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي رفضه تعديل الدستور للسماح له بفترة رئاسية جديدة مؤكدا أن ذلك ليس مصلحة عامة مشددا على أنه لم يطلب ذلك إطلاقا ولو كان يريده لفعله متهما المعارضة بـ"الكذب" متعهدا بعدم السماح لها بالوصول إلى السلطة.
وفيما اعتبر بعض المراقبين تجدد دعوات الولاية الرئاسية الثالثة مجرد مناورة من الأغلبية للحفاظ على تماسكها بعد أن تفجرت الخلافات داخلها بفعل إعلان الرئيس عدم ترشحه من جديد لا تخفي المعارضة قلقها من تعديلات دستورية جديدة قد يطرحها النظام تمس المواد الجامدة في الدستور والتي تحدد ولاية الرئيس بفترة رئاسية قابلة للتجديد مرة واحدة كما ينص القسم الدستوري على "عدم دعم رئيس الجمهورية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لأي مبادرة لتعديل المواد المتعلقة بمدة ولاية رئيس الجمهورية.