من بين نحو 20 ألف مقاتل من أبناء عشائر الدليم وشمر وعنزة وجبور وعشائر أخرى، تعكف القوات الأميركية بالعراق على تدريبهم في معسكرات الحبانية وعين الأسد، بمحافظة الأنبار، غرب العراق، سيتولّى نحو 3 آلاف مقاتل مهمة "حرس حدود" ضمن تشكيلات وزارة الداخلية العراقية، بعد الانتهاء من تدريبهم وتسليحهم. وسيتم العمل على نشر هؤلاء على طول الحدود العراقية ـ السعودية وأجزاء من الحدود الأردنية، التي تنشط قربها حالياً مليشيات "الحشد الشعبي" الموالية لإيران، والتي أطلقت قبل مدة تهديدات عقب مناورات "رعد الشمال" في الشمال السعودي، التي شاركت بها دول إسلامية وعربية على بعد نحو 200 كيلومتر من الحدود العراقية.
في هذا السياق، رأت مصادر عسكرية عراقية في الأنبار وسياسية في بغداد، أن "حساسية الملف وسعي إيران لتثبيت المليشيات على حدود الدولتين (الأردن والسعودية)، كأمر واقع، ثم تعمد بعدها على دمجهم في قوات الأمن النظامية، ضمن قوات حرس الحدود، سيخلق منطقة قلقة غير مستقرة. وهو ما دفع إلى البدء في تدريب قوات من أبناء الأنبار نفسها، التي تتشارك الحدود مع ثلاث دول عربية، هي السعودية والأردن وسورية".
في سياق متصل، أكد مسؤول عراقي بحكومة حيدر العبادي، هذه المعلومات، مشدّداً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، على أن "عديد مقاتلي العشائر حالياً، ارتفع إلى 22 ألف مقاتل، موزّعين على شكل مجاميع، تعمل بالتنسيق مع القوات الأميركية، وبعلم من الحكومة". وكشف أن "هذا العدد إلى ازدياد، وتم توزيعهم على أفواج ووحدات قتالية وهناك نحو 3 آلاف منهم ما زالوا تحت التدريب".
وأضاف المسؤول أن "المدن المهمة أو الحساسة، ولها خصوصيتها، سيكون للعشائر الدور الأكبر في تحريرها والإمساك بأمنها بعيداً عن المليشيات. ولن تقلّ نسبة أبناء العشائر في قوات حرس الحدود عن 70 في المائة"، مؤكداً أن "ذلك يجب ألا يتعدّى هذا العام". كما أكد أحد زعماء عشيرة شمر بالأنبار الشيخ عفات الشاهر، لـ"العربي الجديد"، أن "العشائر ستمسك بمناطقها".
أما من جهة "الحشد الشعبي"، فقد أشار المتحدث باسم "الحشد"، النائب أحمد الأسدي في جديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن "ما يقوم به الأميركيون مضى عليه أكثر من عام، ونحن نسمع به، لكننا لم نرَ أي أثر حقيقي على الأرض". ورحّب بـ"أي دعم أو تدريب يوجه للعراقيين، لكن ما يجري يمكن اعتباره قضية سياسية، أكثر مما هو دعم لوجستي لمحاربة الإرهاب". وتابع: "لا يمكن لأي جهة سواء الأميركيون أو غيرهم، الإشراف على إعداد قوات وتوزيعها وفقاً لما يريدون، ولن نقبل بأي تدخّل مباشر بهذه القضية سواء من الأميركيين أو غيرهم".
وأردف الأسدي قائلاً إن "الحشد الشعبي مشروع انطلق واكتمل خارج إرادة الأميركيين من دون حاجة للتنسيق معهم، وهذا لا يسرّ الأميركيين، الذين يريدون التدخل بكل التفاصيل الأمنية بالعراق". ولفت إلى أن "الأميركيين حاولوا إعاقة الحشد، لكنهم تأكدوا الآن، أنه بات أمراً واقعاً وعليهم الاعتراف به، لذلك يحاولون التقرّب منا الآن". أما أحد أعضاء حزب "الدعوة" في محافظة بابل، جمال المالكي، فعلّق على ذلك بالقول: "إنها محاولة لإبعاد مجاهدي الحشد عن حدود العراق الدولية، وجلب قوات موالية للأميركيين كي يبقى العراق قلقاّ".