يقدر عدد أبناء الجاليات العربية الأميركية في الولايات المتحدة بنحو ثلاثة ملايين ونصف المليون شخص. وتعد نسبة العرب الأميركان، بحسب المركز العربي الأميركي ومقرّه واشنطن، من أعلى النسب في الولايات المتحدة، في ما يخص حملة الشهادات الجامعية العليا، ما ينعكس على معدل دخل الفرد بينهم حيث يعد من الأعلى كذلك مقارنة بمعدل متوسط دخل الفرد في الولايات المتحدة عامة.
ويعيش الكثير منهم في عدد من "الولايات المتأرجحة" كأوهايو وفلوريدا وبنسلفينيا. وهي تلك الولايات التي تصوّت بشكل مختلف في كل انتخابات مما يؤهلها، بشكل غير مباشر، لحسم نتيجة السباق الرئاسي في الانتخابات الأميركية. كما توجد تجمعات كبيرة في ولايات أخرى، غير متأرجحة، كنيوجيرسي ونيويورك وتأخذ أصواتهم أهمية في ما يخص انتخابات مجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس الأميركي وخاصة عند انتخاب نواب عن دوائرهم، أو في الانتخابات المحلية على مستوى الولايات.
وتشكل العوامل، آنفة الذكر، أساساً جيداً يمكن الانطلاق منه لجعل الصوت "العربي الأميركي" أكثر قوة. لكن الإعلام الأميركي، شأنه شأن المتنافسين على سبق الرئاسة، قلما يولي هذه الجالية اهتماما يوازي القوة التي من الممكن أن تشكلها، مع بعض الاستثناءات. واحدة من تلك الاستثناءات كانت عند تصويت حوالى ستين بالمائة منهم في مدينة ديربورن في ولاية ميشيغان لصالح السيناتور، بيرني ساندرز، الذي تنافس مع هيلاري كلينتون على ترشيح الحزب الديمقراطي لسبق الرئاسة. ساعد ذلك التصويت على فوز ساندرز في تلك الولاية بأغلب النواب.
ويظهر هذا الاستثناء أهمية تنظيم الصفوف وضخ التبرعات وضرورة العمل المستمر، خارج فترات الانتخابات الرئاسية بل على مستوى الانتخابات المحلية كذلك، من أجل حشد أفضل للمجهودات وترسيخ قاعدة فاعلة. وتظهر استطلاعات المؤسسة العربية الأميركية في واشنطن أن هناك عشرات العرب الأميركان، الذين وصلوا إلى عضوية الكونغرس الأميركي أو إلى عضوية برلمانات ولاياتهم. لكن تسجيل وزن أكبر، يحتاج إلى تنظيم أفضل كما إلى ضخ عدد أكبر بكثير من أموال التبرعات في الحملات الإنتخابية لكي ينعكس ذلك في أهمية أكبر، وخاصة أن نسبتهم لا تتعدى الواحد بالمائة من تعداد السكان مما يجعل النفوذ السياسي والمادي والتنظيمي ذا أهمية كبرى.
وأعلنت أكثر من شخصية عربية أميركية عن تأييدها له، بمن فيهم ليندا صرصور، وهي فلسطينية أميركية تترأس الجمعية العربية الأميركية في نيويورك. كما حظي بتأييد جيمس زغبي، رئيس المركز العربي الأميركي في واشنطن. وكذلك أعلن الكوميدي المعروف، عامر زهر، عن تأييده له وهو ما فعله كذلك الناشط السياسي المعروف والمحامي الأميركي من أصول لبنانية، رالف نادر.
وشكلت حملة ساندرز أهمية كبرى على عدة أصعدة في الولايات المتحدة عامة، وداخل الحزب الديمقراطي خاصة. ويطلق عليها ساندرز نفسه "ثورة سياسية". وقد تبدو هذه التسمية مستعجلة للوهلة الأولى، لأن ساندرز لم يتمكن من الفوز على هيلاري كلينتون لكن المثير في هذه الثورة هو ما تحمله بذورها مستقبلاً ، وخاصة بسبب تمكنها من تجنيد ملايين الشباب الأميركيين الذين يبحثون عن تغيير حقيقي على المستوى الاقتصادي الداخلي، وكذلك عن تغيير على مستوى السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وجاءت مواقف ساندرز الواضحة تجاه القضية الفلسطينية مختلفة واستثنائية في تاريخ السبق الرئاسي. على عكس مواقف كلنتون التي تفرط في دعمها لإسرائيل وتظهر عداء واضحاً تجاه الفلسطينيين. وتجلّى ذلك بتحميلها كامل المسوولية للفلسطينيين في ما يخص الحرب الأخيرة على غزة.
يدرك جناح كلينتون داخل الحزب الديمقراطي، أنه يحتاج إلى مؤيدي السيناتور، ساندرز، بغية تحسين فرص الفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة. هذا ما يفسر قبولهم أن يحدد ساندرز خمسة أسماء من أصل 15 للمتحدثين في لقاء الحزب في الأسبوع الأخير من شهر تموز/ يوليو، وتحدد كلينتون 6 والبقية تحددها سكرتارية الحزب. وتعكس الأرقام المذكورة التمثيل لكل من المرشحيْن.
واختار ساندرز من بين الشخصيات الخمس ثلاثاً تشكل علامة فارقة، كاتبة من السكان الأصليين للبلاد، كورنيل ويست، المفكر الأميركي من أصول أفريقية، وجيمس زغبي، رئيس المؤسسة العربية الأميركية في واشنطن، وهو من أصول لبنانية. وويست وزغبي من المطالبين بتغيير السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية، ومن الذين يجاهرون بدفاعهم عن حقوق الفلسطينيين. ولا يشكل المتحدثون أهمية رمزية فحسب، بل إنهم يحدّدون المحاور الأساسية لمؤتمر الحزب الديمقراطي ويؤثرون على سياسة الحزب، وها هنا تكمن أهمية هذه الاختيارات. كما أن زغبي ينضم لأول مرة إلى اللجنة التي تقوم بصياغة البنود، التي سيصوت الحزب عليها.