الكثير من النساء العربيات في الهجرة السابقة إلى البرازيل، كنّ دون عمل أو اختصاص، وربّات للبيوت ليس أكثر، على عاتقهن وقع تنظيم الأسرة وحفظ الروح الشرقية في المنزل. مع مرور الوقت ودخولهن الحياة الاجتماعية، باتت النساء العربيات مهتمات بالتعرف على الثقافة البرازيلية والانخراط فيها، برغم مصاعب التأقلم مع ثقافتين، وهو ما تستفيد منه القادمات حديثاً.
سليمارة شاردوكي، من أب عربي وأم برازيلية، تعمل منسقة في إدارة إحدى الجمعيات الاجتماعية في مدينة ساو باولو، وتعنى الجمعية بالعائلات الجديدة في البرازيل، تؤكد لـ"العربي الجديد"، أنه "من الصعب جداً أن تترك البلد الذي ولدت وعشت فيه وتأتي إلى بلد جديد وثقافة ولغة أخرى حيث كل شيء مختلف، ولكن المرأة لديها قوة ودافعا كبيرا للحفاظ على عائلتها، ومن أجل ذلك فإننا نحاول أن نساعدها في فهم المجتمع الجديد لها في البرازيل وكيفية دخولها إليه والحفاظ على ثقافتها في الوقت نفسه، فحينما تندمج المرأة في المجتمع البرازيلي سوف تكون مؤثرة على عائلتها".
وبالنسبة إلى سوق العمل وهل هو مفتوح في وجه المرأة العربية، تتابع سليمارة: "إن سوق العمل في البرازيل مختلف من حيث النوعية، كما أن البحث عن العمل مختلف أيضا، ونحن بدورنا كجمعية اجتماعية نحاول تقريب المسافات بين النساء العربيات والمؤسسات التي تتوفر فيها فرص العمل".
بصمة نسوية
الكثير من النساء العربيات، اللواتي وصلن إلى البرازيل في الهجرة السابقة، كنّ دون عمل أو اختصاص، وكن ربات بيوت ليس أكثر، فكان على عاتقهن تنظيم الأسرة وبث الروح الشرقية في المنزل. ومع مرور الوقت ودخول النساء الحياة الاجتماعية في البرازيل، باتت النساء العربيات مهتمات بالتعرف على الثقافة البرازيلية والانخراط فيها، وأصبح من الصعب التأقلم مع ثقافتين في الوقت نفسه: الثقافة العربية في المنزل والثقافة البرازيلية في المجتمع.
للمرأة العربية في البرازيل بصمة موجودة في الكثير من المجالات، لا سيما المهنية والاجتماعية منها، كمجلس السيدات السوريات لمعالجة الأمراض وحالات البؤس التي انتشرت بين أفراد الجالية العربية في عام 1940، ومن ثم إنشاء وإدارة مدرسة للطالبات العرب وبعدها إقامة مؤسسة خيرية عربية، ولاحقا المستشفى السوري اللبناني.
أما عن المهن التي برعت فيها النساء العربيات، فتبقى حصة الأسد للطعام والمطبخ الشرقي وما يخص التعريف بالثقافة العربية. وهو ما تعمل عليه زينب فاروق، وهي سيدة من أب مصري وأم برازيلية، قالت إنها تعمل منذ ثلاثين عاما في إحياء الحفلات والأعراس العربية، من خلال الديكورات العربية والشرقية ونقل الأجواء العربية الأصيلة المحبذة عند المجتمع البرازيلي.
في بلدها الأصلي تربت المرأة العربية في ظل الكثير من القيم والمبادئ، التي قد تكون بعضها سببا في تفكير المرأة في الهجرة، خاصة قيم الهيمنة الذكورية، وهو ما يلقي بآثاره في المحصلة على شخصية المرأة ذاتها، من خلال كبت قدراتها ومواهبها في بلدها الأصلي، الأمر الذي يدفعها نحو شق طريقها بنفسها ومتابعة السير في المجهول وبناء مستقبلها بعيدا عن تلك الهيمنة.
اقــرأ أيضاً
رحلة غلوريا
وفي حديث لـ"العربي الجديد" مع السيدة غلوريا، وهي سورية مغتربة منذ عشرين عاما إلى أوروبا والآن في البرازيل، تقول: "سحر المجتمعات الغربية بأفكار الاستقلال والتطور والعمل، دفعني إلى ترك عملي في المجال النفطي في سورية، والهجرة إلى فرنسا أولا، بما أنني خريجة أدب فرنسي جامعة دمشق، فانطلقت رحلتي في البلاد الأوروبية وصولا إلى البرازيل، في مهمة للشركة التي كنت أعمل بها في مجال التخليص الجمركي، وعند وصولي إلى ساو باولو شعرت وكأنني عدت إلى المنزل بعد زمن من السفر، ونظراً للتشابه بين المجتمع البرازيلي والمجتمع العربي قررت الاستقرار في البرازيل". في رسالة وجهتها غلوريا للمرأة العربية، قالت: "نصيحتي للمرأة العربية أن تحافظ على هويتها الشرقية، وأن تحاول المحافظة على جميع العادات والتقاليد التي لن تجد في المجتمعات الغربية أفضل منها".
وعبّرت دنيا حسين، البرازيلية من أصول عربية، عن محبتها للثقافة البرازيلية، وأشارت إلى أنها تحاول الحفاظ على الثقافة العربية والإسلامية في المنزل "لكي يتلقاها أطفالنا، ولكنني أظن أيضا أننا كجالية عربية في البرازيل نفتقد إلى مؤسسات وجمعيات تعنى بالثقافة العربية، وتوفير الجو الثقافي العربي لأبناء الجالية بشكل مبسط وسريع يتماشى مع الحياة العملية في البرازيل".
وتابعت دنيا: إن الإعلام العالمي له دور سلبي لما يروجه عن الدول والثقافة العربية، وهو ما يخلق نفورًا من الثقافة العربية عموما. وأشارت إلى أنه "عند وجود مؤسسات أو جمعيات عربية تعمل بشكل جيد في بلاد الاغتراب، فسوف يكون لها دور كبير في مواجهة الإعلام العالمي الذي يوصل للمجتمعات الغربية أفكارا معينة فقط عن الثقافة والبلاد العربية".
اللغة والثقافة
العائلات العربية التي عاشت في البرازيل في العقود الماضية باتت جزءاً أساسياً من المجتمع البرازيلي، حيث يوجد الملايين من أصول سورية ولبنانية، لكنهم الآن برازيليون، ويسمعون فقط من آبائهم وأجدادهم أنهم عرب أو من أسمائهم العربية وليس لديهم أدنى فكرة عن هذه الثقافة.
وفي لقاء معها، قالت السيدة تايس الخوري، من أصول لبنانية، لـ"العربي الجديد": "عندما بدأ اللاجئون العرب بالقدوم إلى البرازيل إثر الحرب العراقية والربيع العربي حاملين ثقافتنا معهم التي كانت بعيدة جدا، أبهرتني هذه الثقافة من جديد وجعلتني أبحث أكثر للمعرفة. بعد وصول الكثير من تلك العائلات أخيرا، باتت هناك الكثير من النساء العربيات اللواتي وقفن أمام الواقع الجديد، وهو ترك البلد الأصلي والهجرة مع الرجل، هذه الهجرة التي لم يكن للمرأة خيار بديل عنها".
تعاون أسري
تقول لطيفة تيناوي، وهي سيدة سورية تعيش في البرازيل مع عائلتها منذ 3 سنوات، إنها جاءت إلى هنا مع زوجها وأولادها، ولم تكن تحلم في يوم من الأيام بأن تعيش بعيدا عن مجتمعها وعملها، حيث كانت تعمل في تصميم الثياب لأشهر المعامل في دمشق: "ولكنني الآن هنا أعمل في صنع الحلويات العربية لأتمكن من العيش ومساعدة زوجي لتحمل مصاريف الحياة التي استجدت علينا".
وتواصل تيناوي: "المرأة عند وصولها إلى حاجز في الحياة تحاول جاهدة اختراقه وبقوة إذا كان دافعها الأمومة والحفاظ على بيتها. وسوف تحاول إيجاد الكثير من الطرق لاجتياز المراحل الصعبة في حياتها".
وبالنسبة للسيدة فتون، وهي سورية تعمل في بيع الأعمال الفنية الدمشقية القديمة، فترى أنه "مع كل يوم جديد في هذه الحياة يخلق تحدي جديد آخر، والتغلب عليه يكون للمتسلح بعوامل القوة، بعد اكتسابه مهارات جديدة. وبالنسبة للمرأة السورية التي أجبرت على الهجرة والسفر والبدء ببناء حياة جديدة، فهي الآن أمام فرصة لتثبيت بيتها ووقوفها جنبا إلى جنب مع زوجها في بلاد الاغتراب".
للعربيات في البرازيل مئات القصص التي لا ينتهين من روايتها في يوميات البقاء والحفاظ قدر المستطاع على اللغة والثقافة، بعيدا عن الأوطان الأصلية، لكن لسان حالهن في المجمل "نأمل كل الخير والتقدم لبلادنا العربية، ليكون لأولادنا ذات يوم ما يزورونه ويعودون ليرووا للآخرين عن جذورهم بكل فخر".
اقــرأ أيضاً
وبالنسبة إلى سوق العمل وهل هو مفتوح في وجه المرأة العربية، تتابع سليمارة: "إن سوق العمل في البرازيل مختلف من حيث النوعية، كما أن البحث عن العمل مختلف أيضا، ونحن بدورنا كجمعية اجتماعية نحاول تقريب المسافات بين النساء العربيات والمؤسسات التي تتوفر فيها فرص العمل".
بصمة نسوية
الكثير من النساء العربيات، اللواتي وصلن إلى البرازيل في الهجرة السابقة، كنّ دون عمل أو اختصاص، وكن ربات بيوت ليس أكثر، فكان على عاتقهن تنظيم الأسرة وبث الروح الشرقية في المنزل. ومع مرور الوقت ودخول النساء الحياة الاجتماعية في البرازيل، باتت النساء العربيات مهتمات بالتعرف على الثقافة البرازيلية والانخراط فيها، وأصبح من الصعب التأقلم مع ثقافتين في الوقت نفسه: الثقافة العربية في المنزل والثقافة البرازيلية في المجتمع.
للمرأة العربية في البرازيل بصمة موجودة في الكثير من المجالات، لا سيما المهنية والاجتماعية منها، كمجلس السيدات السوريات لمعالجة الأمراض وحالات البؤس التي انتشرت بين أفراد الجالية العربية في عام 1940، ومن ثم إنشاء وإدارة مدرسة للطالبات العرب وبعدها إقامة مؤسسة خيرية عربية، ولاحقا المستشفى السوري اللبناني.
أما عن المهن التي برعت فيها النساء العربيات، فتبقى حصة الأسد للطعام والمطبخ الشرقي وما يخص التعريف بالثقافة العربية. وهو ما تعمل عليه زينب فاروق، وهي سيدة من أب مصري وأم برازيلية، قالت إنها تعمل منذ ثلاثين عاما في إحياء الحفلات والأعراس العربية، من خلال الديكورات العربية والشرقية ونقل الأجواء العربية الأصيلة المحبذة عند المجتمع البرازيلي.
في بلدها الأصلي تربت المرأة العربية في ظل الكثير من القيم والمبادئ، التي قد تكون بعضها سببا في تفكير المرأة في الهجرة، خاصة قيم الهيمنة الذكورية، وهو ما يلقي بآثاره في المحصلة على شخصية المرأة ذاتها، من خلال كبت قدراتها ومواهبها في بلدها الأصلي، الأمر الذي يدفعها نحو شق طريقها بنفسها ومتابعة السير في المجهول وبناء مستقبلها بعيدا عن تلك الهيمنة.
رحلة غلوريا
وفي حديث لـ"العربي الجديد" مع السيدة غلوريا، وهي سورية مغتربة منذ عشرين عاما إلى أوروبا والآن في البرازيل، تقول: "سحر المجتمعات الغربية بأفكار الاستقلال والتطور والعمل، دفعني إلى ترك عملي في المجال النفطي في سورية، والهجرة إلى فرنسا أولا، بما أنني خريجة أدب فرنسي جامعة دمشق، فانطلقت رحلتي في البلاد الأوروبية وصولا إلى البرازيل، في مهمة للشركة التي كنت أعمل بها في مجال التخليص الجمركي، وعند وصولي إلى ساو باولو شعرت وكأنني عدت إلى المنزل بعد زمن من السفر، ونظراً للتشابه بين المجتمع البرازيلي والمجتمع العربي قررت الاستقرار في البرازيل". في رسالة وجهتها غلوريا للمرأة العربية، قالت: "نصيحتي للمرأة العربية أن تحافظ على هويتها الشرقية، وأن تحاول المحافظة على جميع العادات والتقاليد التي لن تجد في المجتمعات الغربية أفضل منها".
وعبّرت دنيا حسين، البرازيلية من أصول عربية، عن محبتها للثقافة البرازيلية، وأشارت إلى أنها تحاول الحفاظ على الثقافة العربية والإسلامية في المنزل "لكي يتلقاها أطفالنا، ولكنني أظن أيضا أننا كجالية عربية في البرازيل نفتقد إلى مؤسسات وجمعيات تعنى بالثقافة العربية، وتوفير الجو الثقافي العربي لأبناء الجالية بشكل مبسط وسريع يتماشى مع الحياة العملية في البرازيل".
وتابعت دنيا: إن الإعلام العالمي له دور سلبي لما يروجه عن الدول والثقافة العربية، وهو ما يخلق نفورًا من الثقافة العربية عموما. وأشارت إلى أنه "عند وجود مؤسسات أو جمعيات عربية تعمل بشكل جيد في بلاد الاغتراب، فسوف يكون لها دور كبير في مواجهة الإعلام العالمي الذي يوصل للمجتمعات الغربية أفكارا معينة فقط عن الثقافة والبلاد العربية".
اللغة والثقافة
العائلات العربية التي عاشت في البرازيل في العقود الماضية باتت جزءاً أساسياً من المجتمع البرازيلي، حيث يوجد الملايين من أصول سورية ولبنانية، لكنهم الآن برازيليون، ويسمعون فقط من آبائهم وأجدادهم أنهم عرب أو من أسمائهم العربية وليس لديهم أدنى فكرة عن هذه الثقافة.
وفي لقاء معها، قالت السيدة تايس الخوري، من أصول لبنانية، لـ"العربي الجديد": "عندما بدأ اللاجئون العرب بالقدوم إلى البرازيل إثر الحرب العراقية والربيع العربي حاملين ثقافتنا معهم التي كانت بعيدة جدا، أبهرتني هذه الثقافة من جديد وجعلتني أبحث أكثر للمعرفة. بعد وصول الكثير من تلك العائلات أخيرا، باتت هناك الكثير من النساء العربيات اللواتي وقفن أمام الواقع الجديد، وهو ترك البلد الأصلي والهجرة مع الرجل، هذه الهجرة التي لم يكن للمرأة خيار بديل عنها".
تعاون أسري
تقول لطيفة تيناوي، وهي سيدة سورية تعيش في البرازيل مع عائلتها منذ 3 سنوات، إنها جاءت إلى هنا مع زوجها وأولادها، ولم تكن تحلم في يوم من الأيام بأن تعيش بعيدا عن مجتمعها وعملها، حيث كانت تعمل في تصميم الثياب لأشهر المعامل في دمشق: "ولكنني الآن هنا أعمل في صنع الحلويات العربية لأتمكن من العيش ومساعدة زوجي لتحمل مصاريف الحياة التي استجدت علينا".
وتواصل تيناوي: "المرأة عند وصولها إلى حاجز في الحياة تحاول جاهدة اختراقه وبقوة إذا كان دافعها الأمومة والحفاظ على بيتها. وسوف تحاول إيجاد الكثير من الطرق لاجتياز المراحل الصعبة في حياتها".
وبالنسبة للسيدة فتون، وهي سورية تعمل في بيع الأعمال الفنية الدمشقية القديمة، فترى أنه "مع كل يوم جديد في هذه الحياة يخلق تحدي جديد آخر، والتغلب عليه يكون للمتسلح بعوامل القوة، بعد اكتسابه مهارات جديدة. وبالنسبة للمرأة السورية التي أجبرت على الهجرة والسفر والبدء ببناء حياة جديدة، فهي الآن أمام فرصة لتثبيت بيتها ووقوفها جنبا إلى جنب مع زوجها في بلاد الاغتراب".
للعربيات في البرازيل مئات القصص التي لا ينتهين من روايتها في يوميات البقاء والحفاظ قدر المستطاع على اللغة والثقافة، بعيدا عن الأوطان الأصلية، لكن لسان حالهن في المجمل "نأمل كل الخير والتقدم لبلادنا العربية، ليكون لأولادنا ذات يوم ما يزورونه ويعودون ليرووا للآخرين عن جذورهم بكل فخر".