عراقيون يسخرون من نائب سابق حذرهم من "النستلة"

24 فبراير 2016
من الصور التي تم تناقلها على مواقع التواصل الاجتماعي
+ الخط -
لم يمرر العراقيون عبارة تتعلق بـ"ترشيد الاستهلاك"، أطلقها خطيب جامع براثا في بغداد، عضو مجلس النواب السابق الشيخ جلال الدين الصغير، تتعلق بالامتناع عن أكل حلوى "النستلة" مرور الكرام، حتى أخذوا يتداولونها بسخرية في مواقع التواصل الاجتماعي، رامين سهام النقد اللاذع بأشكال مختلفة للشيخ الصغير.

ونصح الصغير العراقيين بالتقشف لتلافي المقبل من الأيام التي ستشتد ضراوةً بوجعها الاقتصادي على المواطنين، مشيراً إلى أنه "بإمكان الشخص أن ينفق من مبلغ 100 ألف دينار (ما يعدل 83 دولاراً) 30 ألف دينار (ما يعدل 25 دولاراً) ويدخر ما يتبقى، ودعا أيضاً الى الاستغناء عن تناول الـ"نستلة" وغيرها مما هو غير ضروري.

ويُطلق العراقيون على جميع حلوى البسكويت والشوكولا المغلفة، مهما كان منشؤها، اسم "نستلة" والتسمية تعود لشركة "نستلة" أحدى أقدم شركات المواد المعلبة في العالم، التي عرفت بشكل كبير في العراق منذ عقود طويلة.

الصغير، وهو من أبرز القيادات في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية الذي يقوده عمار الحكيم، أكد على أهمية أن يستذكر العراقيون أيام الحصار الاقتصادي في تسعينيات القرن الماضي، وكيف أنهم كانوا يخلطون الخبز الأسود ببعض الحشائش لسد جوعهم.



وسخرية العراقيين لا تحمل سراً لمن يتابع الوضع في الساحة العراقية من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويعتبر تطرق الشيخ الصغير إلى الاقتصاد في نصحه للعراقيين، بعيداً عن الواقع، بحسب ما أكده مواطنون لـ"العربي الجديد" لأنهم يرون أن مبلغ المائة ألف دينار التي تحدث عنها الصغير، يعدل مراجعتين لعيادة طبيب متوسط السمعة، وأن مبلغ 30 ألف دينار التي قال إنها تكفي لسد الحاجة، قد تسد حاجة عائلة من الطعام ليوم واحد فقط.

ناشطون عراقيون لم يفوتوا نصيحة الصغير وعباراته دون تعليقات ناقدة، فأطلقوا وسم "#الا_نستلة" على "تويتر"، فيما راح بعضهم ينشر صوراً معدلة عبر برنامج "فوتوشوب"، كما لم يفوت رسامو الكاريكاتير العبارة دون تناولها برسم ساخر. ومن أشهر الصور التي تم تناقلها على مواقع التواصل الاجتماعي، غلاف لنستلة، بلون أخضر يبرز منه عشب، تعبيراً عن "الحشيش" الذي تطرق إليه الشيخ جلال الدين الصغير، ووضعت داخله صورة الأخير، فيما أبدل كلمة "نستلة" بأخرى بديلة وهي "نتسلة" (أي التسلية)، وكتب عليها "بنكهة الحشيش"، فيما عُنون اسمها بـ"شيكولادين الصغير" في إشارة إلى جلال الدين الصغير، لكن بـ"الشيكولا"، وفي عبارة ساخرة لاذعة حواها تصميم الصورة، حيث كتب عليها، في دلالة على جودتها، 70% green، وفي خط صغير كتب أيضاً "70% dry grass" أي عشب جاف، وهو نقد مضاف، لما قاله الشيخ عن الحشائش.

أيضاً من بين الصور التي تم تعديلها على "فوتوشوب"، شوكولا "كيندر" الشهيرة، وقد وضع رأس الشيخ جلال الدين الصغير بدلاً عن رأس الطفل في صورة الغلاف المعروفة عالمياً للشوكولا.

الشعر الساخر دخل أيضاً مجال النقد، حيث تم تركيب صورة للشيخ الصغير وهو يحمل شوكولا "نوتس" وقد ألف، بحسب مصمم الصورة، قصيدة عنوانها "نستلتي" جاء فيها: "نستلتي نستلتي .. فيها نجاة أمتي/ فيها خلاص الناسِ .. من خطر الإفلاس/ وتعمر البلاد.. وينمو الاقتصاد/ فطعمها رهيب .. ولونها عجيب/ فهي من الجريش .. ولونها حشيشي/ تحمي من الأمراض..ومجمل الأعراض/ فإن أكلت واحدة ..تقيك شر الزائدة/ وإن أكلت اثنين .. تقيك شر العين/ وإن أكلت ثالثة.. تقيك شر الكارثة".
رسام الكاريكاتير سلمان عبد، وضع بصمته الناقدة على الموضوع الذي صار مثار حديث الشارع العراقي، إذ رسم عائلة فقيرة تقول إن الشيخ جلال الدين الصغير يقول أكل النستلة يدمر الاقتصاد، لن نأكلها بعد ذلك، فيما يدلّ الرسم على أن العائلة من شدة فقر حالها تبتعد أصلاً عن أكل الحلويات، وهو ما يريد الرسام إيصاله عبر خطوطه.

مواطنون أبدوا استغرابهم من نصائح الشيخ الصغير، وهو الذي ينتمي إلى كتلة سياسية تتمتع بنفوذ واسع في البلاد، وتضع يدها، بحسب قولهم، على أملاك الدولة، ولها نصيب كبير في المشاريع الوهمية، التي استنزفت ولا زالت، اقتصاد العراق، وهو ما ذهب إليه رياض حسنين، مستثمر سابق في العراق.

وقال حسنين في حديثه لـ"العربي الجديد" إن "جلال الدين الصغير كان الأولى أن يبتعد عن تلك النصائح لأنه يدرك تماماً أن الشعب مطلع على فساد كتلته، حال باقي الكتل، والأولى أن يبدأ منها وهي التي تملك مشاريع عديدة من خلال مقاولين ومكاتب عقارية تابعة لها، تنالها بلا مشروعية، بل من خلال نفوذها، وتجني من خلالها مليارات الدولارات".

فيما قال نصير الزهيري، ويسكن قريباً من جامع براثا، الذي يخطب فيه الشيخ الصغير، إن الأخير "يملك سيارات مصفحة، وله عدد كبير من الحماية يغلقون الشوارع حين مرور موكبه، وكان الأجدر أن يبدأ بنفسه"، لافتاً في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن "حماية الصغير تكلف خزينة الدولة مبالغ كبيرة".

"النستلة" و"الحشيش"، صارت منذ الجمعة الماضي، حيث أطلقها الشيخ الصغير في خطبته، محل تندر ليس في مواقع التواصل الاجتماعي فحسب، بل في وسائل النقل والأسواق والأماكن العامة، بحسب ما شاهده مراسل "العربي الجديد". فنصح سائق باص نقل عمومي أحد ركابه، قبل انطلاقه من محطة نقل الركاب في الباب الشرقي، أن لا يشتري "نستلة" بعد الآن لولده الصغير الذي كان يحمل قطعة "شوكولا" بيده، قائلاً "امتناعك عن شراء النستلة يوفر لك أجرة الباص" وهو ما فتح الباب للسخرية من نصائح الشيخ جلال الدين، بحسب قيس وضاح، أحد ركاب الباص.

وفي السياق يقول خالد حمودي، ويملك محلاً للمواد الغذائية في منطقة الكرادة وسط العاصمة العراقية، إن جميع أنواع الشوكلاتة صارت مرغوبة أكثر من ذي قبل، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن "بعضهم صار يشتري الكثير من الشوكولا وحلوى الأطفال؛ في دلالة على رفض نصائح الشيخ الصغير". وأضاف: " كثيرون صاروا لا يشترون أنواع الشوكولا فقط بل يلتقطون صور سيلفي معها، بل صاروا أيضاً يطلقون على جميع أنواع الشوكولا نستلة الصغير، حين يريدون شراء شيء منها".



اقرأ أيضاً: داعية سعودي يتهم الموساد بمحاولة قتله... خبر من 2011!
المساهمون