تشهد مناطق عدّة في العراق حملات واسعة لتنبيه العراقيّين إلى أهميّة مساعدة النازحين من المحافظات التي تشهد أعمالاً مسلحة، وإرسال أموال الزكاة لهم، بعد أن أجمع العراقيّون على أن النازحين هم الأكثر استحقاقاً لزكاة الفطر هذا العام.
ويعيش النازحون أوضاعاً صعبة بعد أن توزّعوا على عدد من مناطق العراق، لكن عدداً كبيراً منهم اتجه صوب إقليم كردستان نظراً لتوفر الاستقرار الأمني هناك، ومعظمهم يتخذ من مخيمات أقيمت على مشارف مدينة إربيل، مقراً لهم.
والنازحون في الغالب هم من البسطاء الذين يعتمدون على عملهم اليومي في تسيير معيشة أسرهم، وبنزوحهم فقدوا القدرة على توفير احتياجاتها. ووفق شهود عيان، فإن الأمراض بدأت تأخذ طريقها بين الأطفال والنساء في مخيمات النازحين، في وقت تشهد فيه هذه المخيمات نقصاً في الماء والغذاء والدواء.
وهؤلاء بما وصلوا إليه من حال، يعتبرون لدى عدد كبير من العراقيّين أَوْلى من غيرهم بأموال زكاة الفطر، بالإضافة إلى المساعدات الإنسانيّة الأخرى. وهذا ما يشدّد عليه الشيخ إسماعيل الغريباوي أحد أئمة مساجد بغداد الذي يوضح لـ"العربي الجديد" أن "عدداً كبيراً من أئمة المساجد وجّه رسائل تقول بتسليم زكاة الفطر إلى المساجد، لكي تجمع وتُرسل إلى الأسر النازحة التي تسكن في داخل مخيمات وسط العراء في ظروف إنسانيّة وبيئيّة صعبة".
ويؤكّد الغريباوي على التفاعل الكبير من قِبل المواطنين مع النازحين، لافتاً إلى أنهم سبق وتبرعوا بأموال أرسلت إلى عوائل نازحة. يضيف "بتنا أينما نلتفت نجد عوائل محتاجة، بينما كنا قبل سنين نسأل ونتحرى لكي نجد عائلة تستحق المساعدة".
ويوضح أن مسجده -من خلال من سماهم "أهل الخير"- يتكفّل بإعالة 58 أسرة تمّ قتل أو اعتقال أولياء أمورها. ويشير إلى أن هؤلاء الذين يستمرون في دفع المال لغرض عمل الخير، "تصدّقوا قبل رمضان لمساعدة النازحين، وحلول رمضان كان أيضاً فرصة لمساعدة إخوتنا النازحين بجمع أموال الزكاة لهم. وكان دور أهل الخير كبيراً في هذا الخصوص".
بدورها، قامت بعض المحلات والمقاهي بالإشارة أيضاً إلى وجود نازحين يعانون ظروفاً حياتيّة صعبة، لذا يتوجّب على الصائم دفع زكاة صومه لهم. وقد عُلّقت إعلانات صغيرة كتبها بعض أصحاب المحال التجاريّة في حين نشرت أخرى في الأسواق الشعبيّة، كتب فيها "إخوة لنا يعيشون وسط العراء بحاجة إلى زكاتك" و"هل تعلم أن الأطفال في خيم النازحين بدأوا يعانون من الجفاف وفقر الدم؟ هل تعلم أن زكاتك ستوفّر لهم فرص العلاج؟".
ويقول فيصل الحسني وهو صاحب متجر لبيع الأجهزة الإلكترونيّة في بغداد، إن الكثير من أصدقائه وزبائنه تنبهوا إلى وجوب دفع الزكاة للنازحين، حينما يشاهدون صورة علّقها خلف مكتبه داخل المتجر وتظهر نازحين بأعداد كبيرة يسيرون وسط الصحراء بعد أن هجّروا من مناطقهم. يضيف "تعمّدت كتابة عبارة "هؤلاء أولى بالزكاة" تحت الصورة. وقد أحدثت العبارة والصورة تأثيراً كبيراً في قلوب من شاهدها. فقمت بإرشادهم إلى أحد الأشخاص الذين أسّسوا صندوقا لجمع الزكاة بغرض توزيعها على النازحين".
إلى ذلك، بادر مواطنون لجمع زكاة الفطر وإرسالها إلى أقارب لهم نزحوا من مناطق سكنهم وأصبحوا بلا مورد مالي بعد نزوحهم. فيشير هنا الشيخ عبد الحكيم المساري من وجهاء قبيلة المسارات في بغداد، إلى أنه وجّه إلى أتباعه من أبناء عشيرته في بغداد رسالة مفادها أن يجمعوا أموال الزكاة بغرض إرسالها إلى أبناء قبيلتهم الذين نزحوا من ديارهم في ديالى وتوجهوا نحو إقليم كردستان. يضيف "معظم أرباب هذه العوائل يعتمدون في معيشتهم على العمل اليومي، فمنهم من يعمل في الأسواق أو في البناء وغير ذلك، وبنزوحهم فقدوا مصدر رزق عوائلهم".
أما مواقع التواصل الاجتماعي، فقد لعبت دوراً مهماً في التنبيه إلى مساعدة النازحين وإقامة حملات تبرّع لهم. وفي شهر رمضان انتهز مدوّنون ومواطنون عبر صفحاتهم الخاصة على موقعَي "تويتر" و"فيسبوك" أيام الشهر الفضيل، وبدأوا يوجّهون الآخرين إلى دفع زكاة الفطر للنازحين. فيقول محمد ظاهر (25 عاماً) إنه من خلال إشارات أصدقائه إلى منشور يدعو إلى دفع الزكاة للنازحين، تنبّه إلى أحقيّة النازحين بها. يضيف "بدوري رحت أنصح أقاربي وأصدقائي بأن نخصّص أموال زكاتنا للنازحين".
ويشير ظاهر إلى أن جميع من نصحهم وافقوا ودفعوا الزكاة لصندوق خصّصه لهذا الغرض، ثم سلمه إلى أحد المساجد لجمعه مع أموال الزكاة الأخرى المخصّصة للنازحين.