عراقيل أمام المصريات

13 يناير 2017
يبحث عن هوية (علي جاد الله/ الأناضول)
+ الخط -
بالرغم من تعديل قانون حصول أبناء المصريات المتزوجات من أجانب على الجنسية المصرية، إلاّ أنّ هناك عراقيل أمامهن، ما يجعل الأم تخوض ماراثوناً من الإجراءات. يسمح التعديل للأبناء بالحصول على الجنسية، إلاّ أنّ الابن في بطاقة الهوية يصنف على هوية الأب حتي يبلغ سن الرشد. كذلك، يسمح لهم بالالتحاق بالمدارس لكن على أساس تبعيتهم لأب أجنبي. وهو ما يزيد من معاناة الأم ولا يحقق المساواة مع أبناء المصري المتزوج بأجنبية الذين يمنحون الجنسية. وتعجّ المحاكم المصرية بالقضايا التي تسعى لإثبات نسب الأبناء خصوصاً في حال وجود خلافات بين الزوج الأجنبي والأم المصرية، وفي حالات الطلاق.

يقول المحامي المعروف، نبيه الوحش، إنّه بالرغم من التعديلات، فإنّ قانون الأحوال الشخصية يحتاج إلى غربلة كبيرة في كلّ مواده. يطالب الوحش "بأن يكون لوزارة الخارجية دور في هذه الكارثة الكبيرة التي تقع فيها الكثير من الأسر المصرية". يتابع أنّه منذ صدور القانون رقم 25 لسنة 1920 حتى اليوم، فإنّ ما يطرأ على قانون الأحوال الشخصية بالنسبة للمرأة ما هو إلا تعديلات فقط من دون الدخول في الجوهر. ويوضح أنّ لديه الكثير من القصص عن زوجات في مقتبل العمر لا هنّ مطلقات من أزواجهن العرب، أو متزوجات، فضلاً عن وجود أطفال بلا هوية يمثلون "قنبلة موقوتة سوف تنفجر في المستقبل". ويطالب بضرورة استحداث قوانين تضمن للزوجة والأم والمطلقة حقوقها كاملة بعد الطلاق، وضمان حقوق أطفالها خصوصاً بعد الزواج من أجانب.

يشير تقرير الاتحاد النسائي المصري إلى أنّ هناك أكثر من 120 ألف طفل بلا هوية في مصر، إما بسبب زواج مصريات من عرب أو أجانب، أو بسبب الزواج العرفي غير المعترف به. ويشير التقرير إلى أنّ أسباب مثل هذه الزيجات من أجانب كثيرة، لكنّه يشدد على أنّ عدم منح أبناء المصريات المتزوجات من أجانب الجنسية المصرية يجعلهم يعيشون غرباء في وطنهم، بالرغم من أنّهم يقيمون فيه.

ويعرض الاتحاد نماذج لمشاكل مصريات تزوجن من عرب وأنجبن أطفالاً من هذا الزواج بعد فشله. تقول فاتن محمد من الإسكندرية إنها تزوجت من سعودي منذ أكثر من 10 أعوام، ودام الزواج أكثر من 18 شهراً، وأثمر عن طفل: "كان زواجاً شرعياً، لكن عقب الولادة افتعل زوجي مشاكل بهدف الطلاق الذي أنجز عام 2007. في البداية ترددت على السفارة السعودية في القاهرة والقنصلية في الإسكندرية، لكن من دون فائدة. حصلت على حكم قضائي بأحقية إبني في الجنسية السعودية. هو الآن في الصف الثاني الابتدائي في مدرسة خاصة، نظراً لعدم قبوله في المدارس الحكومية كونه أجنبياً، وأنا في انتظار قرار وزير الداخلية الذي طال منذ سنوات".



بدورها، تقول منال سعيد (24 عاماً) إنّها تنتظر قرار الحكومة في منح ابنتها الجنسية المصرية بعد طلاقها من سعودي أيضاً منذ ثلاثة أعوام. لجأت إلى الاتحاد النسائي المصري كي يقوم بدوره تجاهها، خصوصاً أنّ ظروفها المادية الصعبة تمنعها من التجوّل بين المحاكم والنيابات ووزارة الداخلية ومصلحة الجوازات والهجرة. أما منال مصطفى (18 عاماً) فقد تزوجت من إماراتي وهي في سن صغيرة بعد رفض والدها إكمال تعليمها بحجة الظروف المادية. تشير إلى أنّ الزواج كان عرفياً، ووعد الزوج بتسجيل الزواج في مصلحة الشهر العقاري بعد الإنجاب لظروف قال إنها ترجع له. تقول الزوجة الشابة في شكواها: "حملت بعد الزواج بأشهر، وذهبت إلى زوجي كي أبشره بالخبر، وهو الذي كان يتردد على القاهرة في الشهر الواحد ثلاث مرات، فلم يفرح. بعدها قرر الانفصال بعدما أعطى أسرتي أموالاً كثيرة. لم يفكر أحد في حملي. بعد وضعي اتصلت بزوجي أكثر من مرة، وبعدها بدّل الرقم. وحتى اليوم ندور بين أجهزة الدولة لإثبات نسب طفلي".

يقول أستاذ القانون الدستوري، الدكتور عبد الله المغازي، إن قانون الجنسية المصري المعدّل والمعمول به منذ عام 2004، قانون غريب ومجحف، مشيراً إلى أنّ هذه القضية تتطلب تدخلاً تشريعياً سريعاً. يضيف أن عدد السنوات التي ينتظرها الطفل حتى يجري منحه الجنسية بموجب هذا القانون كبير جداً. ويرفض المغازي أحد شروط القانون أن يكون ابن المصرية المتزوجة من أجنبي "معافى صحياً"، فهذا الشرط يخالف الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة، التي صادقت عليها مصر.

كذلك، يتساءل: "كيف يمنح الطفل اللقيط الموجود على الأراضي المصرية الجنسية، ولا يمنحها إبن المصرية المتزوجة من أجنبي؟".

دلالات
المساهمون