عراقيات بعيدات من ذويهن بسبب كورونا

20 ابريل 2020
لم يتوقعن أن تطول مدة الحظر (Getty)
+ الخط -
وجدت الكثير من النساء العراقيات أنفسهن عالقات، بين من كانت في زيارة عائلية أو مهمة إدارية أو علاجية أو غيرها، من دون القدرة على العودة منذ نحو شهر ولغاية الآن، بسبب فرض السلطات العراقية حظر التجول وقطع الطرق بين المدن والمحافظات المختلفة، ومنع انتقال المواطنين بينها، في إطار خطتها لمكافحة انتشار فيروس كورونا

أمّ مصطفى، التي تترقب العودة إلى أسرتها بعد نحو شهر من وجودها في إقليم كردستان، تقول لـ"العربي الجديد"، "قبل فرض حظر التجوّل سافرت لإكمال أوراق رسمية في مدينة كلار، التابعة لمحافظة السليمانية، غير أن الإجراءات المفروضة لمنع الوباء منعتني من العودة إلى منزلي في ديالى"، وتضيف "لم أكن أتوقع أن أمكث كل هذه المدة، حتى أني لم أجلب كل ما يلزمني وأطفالي من ملابس أو أغراض".

وتتابع المتحدثة، "في بداية أيام حظر التجوّل كنت أظن أن بإمكاني العودة بشكل ما، لكن مع تشديد الإجراءات من قبل قوات الأمن ومنع تحرك السيارات الخاصة أو سيارات الأجرة، أصبح الوضع أكثر تعقيدا وباتت الأيام تمضي بصعوبة، وباءت جميع المحاولات في إيجاد طريقة أعود بها إلَى أسرتي بالفشل، وقد مضى أكثر من شهر (36 يومًا)؛ وأنا عالقة، وأيضا من دون أن أتمكن من إتمام الملف الخاص بأطفالي بسبب إغلاق الدوائر الرسمية".

بدورها تتحدث لطيفة صباح (36 عاما)، لـ"العربي الجديد"، عن المشكلة التي واجهتها قائلة "جئت من أميركا برفقة زوجي بداية العام الحالي، وذلك لزيارة أهلي، وكان يفترض أن نقيم نحو أربعة أشهر في العراق، لكن زوجي اضطرته الظروف إلى السفر والعودة من دوني إلَى ولاية كاليفورنيا حيث نقيم، وبقيت أنتظر موعد سفري نهاية شهر إبريل/ نيسان الجاري؛ إلا أن شركة الطيران غيّرت موعد السفر مرتين لتستقر على نهاية شهر رمضان، لقد أثر ذلك سلباً على نفسيتي وزاد من مخاوفي من تغيير الموعد للمرة الثالثة، في حال استمر انتشار الوباء واستمرت الدول بتوقيف رحلات الطيران إلى إشعار آخر".

وفرضت السلطات العراقية عقوبات تصل إلى السجن، وغرامات مالية تصل إلى 100 دولار، على مخالفي الحظر أو الذين يحاولون التحايل عليه.

من جانبها تقول لُمى ماجد (29 عامًا)، وهي طالبة دراسات عليا، "ذهبت إلى بيت خالتي لتقديم بحثي العلمي إلى جامعة ديالى، كان ذلك قبل فرض حظر التجول، وكنت قد عزمت مسبقا المكوث عندهم لبضعة أيام، إلا أني فوجئت بعدم السماح لي بالعودة وقد أغلقت الطرق بين المحافظات مما اضطرني البقاء 32 يومًا، إذ لم أكن أتوقع حينها البقاء أكثر من خمسة أيام، شعرت بالإحراج الشديد رغم الحفاوة الَتي تخصني بها خالتي وأسرتها وفكرت بكل الذين علقوا ولم يجدوا مكانًا يأوون إليه".

وتتابع لمى لـ"العربي الجديد"، وهي من سكان بغداد، أنّ " الإجراءات المشددة الَتي كانت القوات الأمنية تفرضها منعتني أكثر من مرة من العودة، حيث كنت استأجر سيارة وعند أول نقطة تفتيش يمنعوننا من العبور، حتى استعان زوجي بأحد أقاربه الّذي وفر لي سيارة يقودها رجل أمن ويحمل هوية رسمية جاء خصيصا من بغداد وأعادني إلى بيتي".

 



من جهتها تقول الباحثة الاجتماعية مها صكبان لـ"العربي الجديد"، إن الكثير من النساء، خلال فترة حظر التجول، زاد شعورهن بالقلق والاكتئاب، خاصة اللاتي اضطررنا للبقاء بعيدا عن ذويهن من دون أن يهيئن لذلك مسبقا؛ وهذا ما عزز من مخاوفهن وإحراجهن لكون الكثير منهن ربما لا يمتلكن المال، أو أنهن يحتجن مساعدة ومن الصعب أن يطلبنها من الآخرين مهما كانت درجة القرابة بينهن وبين العائلة التي يقمن معها.

وتبيّن صكبان (27 عامًا)، أن حظر التجول زاد من الشعور بالوحدة والعزلة وتدهور الحالة النفسية، وهذا ما يشكل تأثيرا سلبيا على الصحة العامة، لا سيما لدى النساء، وقد شكلت القرارات المتخذة بسبب تفشي فيروس كورونا تحدياً كبيرا للعائلات، حيث لم يكن متوقعاً أن تكون بهذه الشدة ولا أن تستمر كل هذه المدّة، وهذا ما جعل أكثر من 70 في المائة من النساء العراقيات يؤكدن أن الأعباء زادت لديهن خلال فترة حظر التجول في البلاد.