21 فبراير 2018
عدوّنا يعطينا درساً في القانون
أتقبل بقلبٍ مثقل بالحزن إدانتي ودخولي السجن، فلا أحد فوق القانون... كان هذا آخر تصريح لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، قبل أن يدخل الزنزانة في سجن الرملة لقضاء عقوبة السجن 19 شهراً، بسبب إدانته بتلقي رشاوى بقيمة 14 ألف يورو، عندما كان عمدة لمدينة القدس المحتلة، قبل أن يصير رئيساً للوزراء بين عامي 2006 و2009.
ليس كل يوم يدخل رئيس وزراء السجن، لهذا احتل أولمرت، في الأسبوع الجاري، واجهة الصحف وشاشات التلفزة ومواقع الأخبار في العالم، ولأن إسرائيل لا تجعل حدثاً يمر، من دون أن تستفيد منه، حتى وإن كان في حجم فضيحة فساد رئيس وزراء، فإن إعلامها قدم دخول أولمرت السجن عنواناً على ديمقراطيتها وحكم القانون فيها واستقلالية السلطة القضائية التي تجعل زعيما سياسياً، ورئيس وزراء سابق، يدخل السجن مثل أي مواطن يخرق القانون.
إسرائيل دولة عنصرية، وقوة محتلة، ودولة بدون شرعية أخلاقية. هكذا ننظر إليها في العالم العربي، وهكذا ينظر إليها الأحرار في العالم على قلتهم، لأنها تحتل أرضاً ليست لها، وتشرد شعباً بريئاً من دم يهودها، وتبقي حكم الأبارتايد حياً أمام الأجيال التي لم تعرف هذا النوع من الأنظمة البائدة. لكن، يجب أن نتعلم من أعدائنا كيف نبني قوة الدول وحكم المؤسسات والفصل بين السلطات.
لنتصور السيناريو المعتاد في العالم العربي تجاه فساد السياسيين وتلاعب رجال السلطة بالقانون والإفلات من العقاب، عندما تنفجر أية فضيحة من فضائح السياسيين أو الوزراء أو الجنرالات أو عمداء المدن أو كبار القوم، ماذا يحدث في العالم العربي؟ يتحرك المتهم بكل ما في يده من مال أو سلطة أو نفوذ أو عشيرة أو طائفة أو حصانة... فيعمد أولا إلى الكذب، ونفي التهم جملة وتفصيلاً، ثم إلى تنظيم حملة إعلامية مضادة تجاه الجهة التي فضحت فساده أو اقتربت من حديقته الخلفية، فيسيّس الموضوع لإخراجه من الطابع الجنائي إلى الطابع السياسي، ويصور فاضحي الفساد بأنهم خصوم يستهدفونه لاعتبارات سياسية أو مذهبية أو دينية أو خدمة لأجندة خارجية، ثم يتحرّك سريعاً لمنع النيابة العامة من فتح تحقيق في الملف، باعتبار أن الفضيحة ما هي إلا مناورة سياسية ضد صاحبنا. وإذا فشل في طمس معالم الجريمة، يعمد إلى رشوة الشرطة أو النيابة العامة، أو يتجه إلى إتلاف الأدلة، أو طلب الحماية من سلطةٍ أكبر منه، يعرف هو بالتجربة والخبرة والمعلومة أنها ترعى الفساد في البلاد، وأنها لا تقيم وزنا للقضاء، وأنها تستطيع فتح الملفات وإغلاقها، مثل ما تفعل مع دولاب ملابسها. ولأن القضاء غير مستقل، وجل القضاة يعتبرون نفسهم موظفين، فإن صاحبنا يظل في مأمن من دخول السجن.
وحتى عندما يتحرك الرأي العام ويغضب الناس من فائض الفساد المنشور في الإعلام، فإن السياسي العربي يحمل جواز سفره، ويغادر البلاد، إلى حين أن تهدأ العاصفة، وحتى عندما يدان في المحكمة ابتدائيا يلتف على الحكم، فينتهي بريئاً في مرحلة الاستئناف أو النقض؟ فالقانون في بلاد العرب آلة يمكن أن نعزف عليها اللحن ونقيضه ...الدولة في العالم العربي أداة قهر، وليست سلطة قانون، والمواطنون رعايا لا حقوق لهم، ووضعهم أمام القضاء يقاس بولائهم للنظام أو تمردهم عليه، والقضاء منشأة وليس سلطة، والقاضي موظف، وليس ضمير المجتمع...
سجن وزير أول في بلد عنوان كبير على تساوي المواطنين أمام القضاء، ودليل على نظافة النيابة العامة والشرطة التي باشرت التحقيقات، ومؤشر كبير على فصل السلطات في نظامٍ عدالته عمياء، لا تميز بين كبير وصغير، بين قوي وضعيف. بلاد تدخل رئيس وزرائها السجن ليست في وارد أن تنهزم أمام دول ينقلب فيها وزير الدفاع على رئيسه المنتخب، ويضعه في السجن، فيما يخرج الديكتاتور مرفوع الرأس من محكمة فيها كل شيء إلا القانون...
ليس كل يوم يدخل رئيس وزراء السجن، لهذا احتل أولمرت، في الأسبوع الجاري، واجهة الصحف وشاشات التلفزة ومواقع الأخبار في العالم، ولأن إسرائيل لا تجعل حدثاً يمر، من دون أن تستفيد منه، حتى وإن كان في حجم فضيحة فساد رئيس وزراء، فإن إعلامها قدم دخول أولمرت السجن عنواناً على ديمقراطيتها وحكم القانون فيها واستقلالية السلطة القضائية التي تجعل زعيما سياسياً، ورئيس وزراء سابق، يدخل السجن مثل أي مواطن يخرق القانون.
إسرائيل دولة عنصرية، وقوة محتلة، ودولة بدون شرعية أخلاقية. هكذا ننظر إليها في العالم العربي، وهكذا ينظر إليها الأحرار في العالم على قلتهم، لأنها تحتل أرضاً ليست لها، وتشرد شعباً بريئاً من دم يهودها، وتبقي حكم الأبارتايد حياً أمام الأجيال التي لم تعرف هذا النوع من الأنظمة البائدة. لكن، يجب أن نتعلم من أعدائنا كيف نبني قوة الدول وحكم المؤسسات والفصل بين السلطات.
لنتصور السيناريو المعتاد في العالم العربي تجاه فساد السياسيين وتلاعب رجال السلطة بالقانون والإفلات من العقاب، عندما تنفجر أية فضيحة من فضائح السياسيين أو الوزراء أو الجنرالات أو عمداء المدن أو كبار القوم، ماذا يحدث في العالم العربي؟ يتحرك المتهم بكل ما في يده من مال أو سلطة أو نفوذ أو عشيرة أو طائفة أو حصانة... فيعمد أولا إلى الكذب، ونفي التهم جملة وتفصيلاً، ثم إلى تنظيم حملة إعلامية مضادة تجاه الجهة التي فضحت فساده أو اقتربت من حديقته الخلفية، فيسيّس الموضوع لإخراجه من الطابع الجنائي إلى الطابع السياسي، ويصور فاضحي الفساد بأنهم خصوم يستهدفونه لاعتبارات سياسية أو مذهبية أو دينية أو خدمة لأجندة خارجية، ثم يتحرّك سريعاً لمنع النيابة العامة من فتح تحقيق في الملف، باعتبار أن الفضيحة ما هي إلا مناورة سياسية ضد صاحبنا. وإذا فشل في طمس معالم الجريمة، يعمد إلى رشوة الشرطة أو النيابة العامة، أو يتجه إلى إتلاف الأدلة، أو طلب الحماية من سلطةٍ أكبر منه، يعرف هو بالتجربة والخبرة والمعلومة أنها ترعى الفساد في البلاد، وأنها لا تقيم وزنا للقضاء، وأنها تستطيع فتح الملفات وإغلاقها، مثل ما تفعل مع دولاب ملابسها. ولأن القضاء غير مستقل، وجل القضاة يعتبرون نفسهم موظفين، فإن صاحبنا يظل في مأمن من دخول السجن.
وحتى عندما يتحرك الرأي العام ويغضب الناس من فائض الفساد المنشور في الإعلام، فإن السياسي العربي يحمل جواز سفره، ويغادر البلاد، إلى حين أن تهدأ العاصفة، وحتى عندما يدان في المحكمة ابتدائيا يلتف على الحكم، فينتهي بريئاً في مرحلة الاستئناف أو النقض؟ فالقانون في بلاد العرب آلة يمكن أن نعزف عليها اللحن ونقيضه ...الدولة في العالم العربي أداة قهر، وليست سلطة قانون، والمواطنون رعايا لا حقوق لهم، ووضعهم أمام القضاء يقاس بولائهم للنظام أو تمردهم عليه، والقضاء منشأة وليس سلطة، والقاضي موظف، وليس ضمير المجتمع...
سجن وزير أول في بلد عنوان كبير على تساوي المواطنين أمام القضاء، ودليل على نظافة النيابة العامة والشرطة التي باشرت التحقيقات، ومؤشر كبير على فصل السلطات في نظامٍ عدالته عمياء، لا تميز بين كبير وصغير، بين قوي وضعيف. بلاد تدخل رئيس وزرائها السجن ليست في وارد أن تنهزم أمام دول ينقلب فيها وزير الدفاع على رئيسه المنتخب، ويضعه في السجن، فيما يخرج الديكتاتور مرفوع الرأس من محكمة فيها كل شيء إلا القانون...