لا يمتلك رئيس الوزراء العراقي المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، عادل عبد المهدي، سوى 28 يوماً للإعلان عن كابينته الحكومية، وفقاً للدستور العراقي الذي يمنحه شهراً واحداً لذلك بدءاً من يوم تكليفه في الثاني من الشهر الحالي، ما دفعه للإسراع بإجراء اتصالات مع الكتل السياسية الفائزة بالانتخابات لوضع لبنات التشكيل الحكومي الجديد.
وأكد مصدر عراقي مطلع أن عبد المهدي بدأ منذ أمس الأربعاء بإجراء اتصالات مع قادة الكتل السياسية المؤثرة لمعرفة مواقفها وسقف مطالبها بشأن تشكيل الحكومة المقبلة، موضحاً، لـ"العربي الجديد"، أن هذه الاتصالات تمثل تمهيداً لانطلاق مفاوضات مباشرة بهذا الشأن.
وبيّن المصدر أن حوارات عبد المهدي مع القوى السياسية لن تكون سهلة، بسبب احتفاظ جميع الكتل بنقاطها التي لم تخسر أيا منها لرئاسة الوزراء، بعد تكليف عبد المهدي كمرشح تسوية على الرغم من عدم انتمائه إلى أية كتلة، متوقعاً أن يكون الصراع على أشده بين الأحزاب الفائزة على الوزارات السيادية والخدمية المهمة.
وأضاف أن "المعضلة الأكبر التي ستواجه عبد المهدي هي انقسام الشيعة إلى معسكرين، وكذلك الحال بالنسبة للسنة والأكراد، الأمر الذي يجعل مهمة إرضاء الجميع صعبة للغاية".
إلى ذلك، قال عضو البرلمان العراقي عن تحالف الإصلاح، عباس عليوي، إن جميع الكتل ستشارك في الحكومة الجديدة، موضحا أن كل حزب سيقدم مجموعة أسماء، يقوم بعدها رئيس الوزراء المكلف باختيار الأنسب لحكومته، وبالتالي فإن "رئيس الوزراء سيكون هو المحاسب في حال فشلت حكومته في إدارة العراق".
وتابع عليوي أن "الحكومة ستكون توافقية، ولكن الأنظار ستتوجه إليها، حيث سيكون البرلمان رقيبا على أدائها"، مبينا، في تصريح صحافي، أن الحكومة المقبلة ستكون مختلفة عن سابقاتها، بعد أن اتفق الجميع على تقديم المرشحين المناسبين، مع منح الحرية الكاملة لرئيس الوزراء لاستبعاد من يريد من حكومته.
في غضون ذلك، عبر وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، عن أمله في أن تهتم الحكومة العراقية الجديدة بوحدة العراق ومستقبل شعبه، موضحًا، خلال مؤتمر صحافي عقده في واشنطن، أن "الحكومة الجديدة يجب أن لا يتم التحكم بها من قبل الإيرانيين".
وتمكن البرلمان العراقي الثلاثاء الماضي من حسم الجدل بشأن رئاسة العراق، بعد أن صوت على القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني برهم صالح رئيسا للجمهورية.
وقام رئيس الجمهورية بعد اختياره بساعة، بتكليف عادل عبد المهدي بمهمة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
الصدر: أمام الحكومة الجديدة عاماً لإثبات نجاحها
بدوره، أكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنه منح رئيس الوزراء المكلف عاماً واحداً "من أجل إثبات نجاح حكومته أمام الله، وأمام الشعب"، موضحاً أنه أوعز بعدم ترشيح أي وزير من جهته.
وبيّن الصدر أنه "تمكن من جعل رئيس الوزراء الجديد مستقلاً، ومستقيلا من الفساد الحكومي السابق"، مضيفا في تغريدة "إننا بدأنا بخطوات الإصلاح، وها نحن اليوم نتممها بقدر المستطاع".
وعبر زعيم التيار الصدري، والذي يعود إليه تحالف سائرون، الفائز الأول بالانتخابات البرلمانية التي أجريت في مايو/أيار الماضي، عن شكره لـ"المرجعية الدينية في النجف، وكل من آزره، ووثق به"، مؤكدا أنه سيدعم رئيس الوزراء المكلف في مسألة تشكيل كابينته الوزارية، من دون "ضغوط حزبية، أو محاصصة طائفية، أو عرقية، مع الحفاظ على الفسيفساء العراقية الجميلة".
وشدد على ضرورة "السير بخطى حثيثة وجادة باتجاه بناء العراق، وفقا لأسس صحيحة، كما حاول سلفه من قبل"، في إشارة إلى رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي.
كما دعا الصدر رئيس الوزراء المكلف إلى الابتعاد عن "التفرد بالسلطة"، ملوحا بالاحتجاج في حال فشلت الحكومة الجديدة، وقال "إما أن ينتصر الإصلاح تدريجيا، أو أن ينتفض الشعب كليا".
وفي السياق، طالب عضو البرلمان العراقي عن تحالف البناء، منصور البعيجي، الكتل السياسية التي أيدت عبد المهدي بمنحه الفرصة لتشكيل كابينته الوزارية، بعيدا عن رغبات رؤساء الكتل، مضيفا في بيان "نأمل أن يتم اختيار حكومة قوية قادرة على إدارة البلاد خلال الفترة المقبلة، لا سيما أن الشعب العراقي يأمل خيرا بالحكومة المقبلة التي يجب أن تقدم الخدمات، وتوفر أغلب احتياجات المواطنين".
ورفض البعيجي تشكيل حكومة محاصصة أو توافق تفرض على رئيس الوزراء، داعيا عبد المهدي إلى "الاجتهاد في عملية اختيار وزرائه خلال الثلاثين يوما المحددة لاكتمال حكومته"، كما دعاه إلى "رفض أي وزير يفرض عليه، لأنه سيكون المسؤول الأول والأخير أمام الشعب، ويتحمل المسؤولية الكاملة".