عامل نظافة فلسطيني يصنع من مخلّفات الاحتلال فناً

01 مايو 2014
الفنان وقطعه الفنية
+ الخط -

 محمد الزمر (30 عاماً)، فنان تشكيلي فلسطيني، شكل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2009 إلهاماً له، فعمل على تحويل مخلفات قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى لوحات فنية فريدة. الزمر يحكي لـ"العربي الجديد" قصته مع هذه المخلفات:

كيف بدأت فكرة تحويل المخلفات لأعمال فنية؟
- خلال عملي كعامل نظافة كنت أصادف الكثير من مخلفات العدوان الإسرائيلي على غزة. كانت بقايا صواريخ الطائرات، وقذائف المدفعية، وقنابل الغاز السامة، والأعيرة النارية الفارغة تستوقفني، فهذه المعادن وما تحويه من مواد متفجرة كانت سبباً في موت وإصابة العديدين من أبناء شعبي.

فكرت وقتها أن أعبّر عن رفضي لوجود هذه المخلفات من خلال تحويلها إلى عمل فني يجعل منها رسالة لرفض الاحتلال وممارساته.

ما هي الرسالة الفنية من وراء استخدام هذه المخلفات؟
- تحويل هذه المخلفات إلى عمل فني ليس عبثاً، وإنما هو رسالة حب وسلام إلى العالم، مفادها أن غزة التي يتهمها العدو بالإرهاب هي مساحة للفرح والحياة، ويمكننا أن نقاوم المحتل بأشكال متعددة، منها الفن.

ما هي مراحل إنجاز اللوحات؟
- أمضي ساعات طويلة وأنا أبحث بين الأنقاض، وفي ركام البيوت المهدمة عما أستخدمه في أعمالي الفنية. رحلة البحث هذه هي أصعب مراحل العمل، فلا أترك مكاناً استهدف من قبل الاحتلال دون زيارته باحثاً عما تبقى هناك من هذه الآثار، مما يعني تحمل مشقة الانتقال إلى مناطق ربما لم أزرها من قبل. لكن هذا الأمر فتح لي المجال لأستمع إلى شهادات حية ممن تعرضوا للاعتداءات المباشرة، مما منحني أفكاراً جديدة للعمل في كل مرة. أحضر ما جمعته إلى الفناء الخلفي في منزلي، وأبدأ بتصنيفه ثم أختار لكل منه لوناً خاصاً.  

* لماذا تزاوج بين التلوين والكتابة في بعض الأعمال؟

- استوحيت أولى اللوحات التي استخدمت الكتابة فيها من مشهد تابعته على شاشة التلفزيون لأطفال إسرائيليين يكتبون أسماءهم على القذائف التي من المفترض أنها ستضرب على غزة، ففكرت بكتابة أسماء الأطفال الذين قتلوا جراء هذه القذائف على بقاياها لتكون شاهداً على جرائم الاحتلال.

ولأن عندنا كتّاباً عظاماً عبّروا عن ألمنا بكلمات قوية ومؤثرة، أحببت أن تمتزج أعمالي بهذه الكلمات المأثورة والتي يحفظها الكثيرون.

 دعم ذاتي

* هل تلقيت دعماً من أي جهة حكومية أو أهلية؟
- ما زلت أعتمد على مجهودي الذاتي في توفير المواد الخام كالألوان التي يرتفع سعرها خصوصاً في ظل الحصار وإغلاق المعابر، من خلال ما أستقطعه من عملي، لأتابع مسيرتي الفنية. أما على صعيد المخلفات، فقد تم التواصل مع إدارة المتفجرات في شرطة غزة، التي ساعدتني على توفير بعض المخلفات التي حصلوا عليها بحكم عملهم. ونحن الآن بصدد التجهيز لمعرض مشترك في مقر الإدارة لعرض نتاجي الفني، لتعريف الزوار على مخلفات الاحتلال بطريقة علمية وفنية في آن واحد.

* وماذا عن معرضك الخاص في المنزل؟ 
- ما تسمح به الظروف اليوم هو استقبال الزوار في بيتي الصغير في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة، ولكن هذا غير كاف، فلا مجال لاستقبال أعداد كبيرة، ولهذا تبقى الزيارات فردية ومحدودة.

هل درست الفن؟
- لم تسمح لي الظروف المادية بإكمال مسيرتي التعليمية، ولكني أعتبره حلماً لا بد من أن يتحقق في يوم ما.

* أنت عامل نظافة فكيف لك الجمع بين هذا العمل وبين الفن؟
- أنا فخور بأني عامل نظافة، فهذا العمل الذي أعيش منه. وعن علاقته بالفن، فالأمران يعبّران في نظري عن الجمال، وأنا أحاول توفير بيئة نظيفة وجميلة من خلال عملي وأرسم لوحة أخرى من خلال هوايتي.

ما هي أحلامك المستقبلية؟
- أطمح في إيجاد مؤسسة فنية تتبنى فكرة إقامة معرض دائم لهذه الأعمال، وافتتاحه أمام الجمهور سواء المحلي أو الخارجي لفضح جرائم الاحتلال وكشف حقيقة ادعاءاته الباطلة بحق سكان القطاع الواقعين جميعاً في دائرة استهداف الآلة الحربية الإسرائيلية.

دلالات
المساهمون