عاليمي أوديل.. لوحات تتشكّل وقت الازدحام المروري

21 نوفمبر 2019
(من المعرض)
+ الخط -

حين أدرك أن الهندسة الميكانيكية؛ مجال اختصاصه، تنحصر في مجال الصيانة في بلاده وليس هناك مساحة للإبداع، قرّر الفنان النيجيري عاليمي أوديل (1974) التوجّه نحو الرسم والنحت، وتعامل معهما بوصفهما ممارستين فنيتيْن في فضاء واحد لا يمكن الفصل بينهما.

وعلى مستوى الثيمات، تركّزت اهتماماته على تسجيل الحياة اليومية لسكّان المدن المعاصرة، عبر استكشاف العديد من المسائل الحضرية من خلال المزج بين الواقعية والتجريد ودراسة التباين بين المناظر الطبيعية والكتل العمرانية، مؤمناً بأن "دور الفنان في المجتمع هو توثيق زمنه"، كما قال في مقابلة صحافية مؤخراً.

حتى 11 يناير/ كانون الثاني المقبل، يتواصل معرضه الجديد الذي يحمل عنوان "تقاطعات" في "غاليري أنيما" في الدوحة، وهو معرض افتتح في الحادي عشر من الشهر الجاري، ويتضمن ما يقرب من عشرين عملاً فنياً.

تعكس الأعمال المعروضة رؤية عاليمي، التي يبنيها على أن الفنان يمكن أن يكون محللاً اجتماعياً أو معارضاً سياسياً، يستخدم أدواته لإلقاء الضوء على أزمات مجتمعه، حيث يبدأ أي مشروع بالبحث والقراءة المعمّقة حول قضية أو موضوع عمله، لأن الخلاصات التي سيصل إليها يجب ألا تضلّل الجمهور. وتطبيقاً لهذا المنظور، قام بمقابلة العديد من المهاجرين في السويد حين عمل على مشروع حول الهجرة، كما قرأ العديد من الدراسات والكتب، ليبدأ بعدها بتفسير أفكاره وتقديمها في وسيط يمكن للجميع التفاعل معه.

يعبّر الفنان عن هموم المجتمعات المهمّشة وحقوقها، وقد اختار في هذا المعرض التفكّر بحرية الرأي والتعبير التي تسلب من شعوب عديدة، من خلال أعماله المنحوتة من الحجر والبرونز، كما يعود في بعض رسوماته لنقاش قضايا اللاجئين والهجرة، ساعياً لتوثيق ذلك المجهول والغامض الذي ينتظر المهاجر في رحلته عبر البحر وحتى عند نجاته بالوصول إلى الضفة الأخرى.

يظلّ الموضوع الأثير لدى أوديل هو استكشاف المشكلات الحضرية التي تواجه المجتمعات النامية، ومنها رصده لساعة الذروة في العديد من المدن، حيث الازدحام المروري في الطرق والضغط الهائل على وسائل النقل العام، مرة في الصباح ومرة في المساء على مدار أيام السنة، متأملاً جمالية تلك الحركة البشرية الضخمة.

وراء ذلك الجمال، يرى الفنان أن هذه الحركة نفسها هي لعنة المجتمع الحديث، حيث تحضر تساؤلات مثل: إلى أين يذهب الناس، من أين أتوا؟ ومن دون هذه الحركة التي يمارسها البشر، كيف سيبدو العالم؟ ويصل إلى أهمية أن يشاهد الناس أنفسهم في فن يرصد حركتهم كنوع من الممارسة العلاجية، ولتوجيه الأنظار إلى الإهمال والتهميش الدائم لهم.

يعمل أوديل منذ العام الماضي على توثيق النضال من أجل التحرّر السياسي في بلاده نهاية القرن التاسع عشر، بتسليط الضوء على سبع نساء كان لهن دورهن الكبير في مواجهة هيمنة الاستعمار البريطاني، وحصول الشعب النيجيري، رغم كل شيء، على استقلاله.

المساهمون