عالية أسعد تروي قسوة اللجوء

12 مارس 2015
"اضطررت إلى العمل في البساتين أيضاً" (العربي الجديد)
+ الخط -

تحمل عالية أسعد إرث زوجها أحمد اسماعيل قاسم، وهو أحد أول شهيدين سقطا في مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين، في صور جنوب لبنان. كان ذلك قبل الحرب اللبنانية، وتحديداً عام 1974، بغارة إسرائيلية على موقع للفدائيين.

وعن ذلك اليوم تقول أرملته: "كنت صغيرة عندما استشهد زوجي. ولي ثلاث بنات، وكنت حاملاً بابني وحيد، الذي وضعته بعد أربعة أشهر من وفاة أحمد". وتضيف: "انتظرت عودة زوجي من العمل عصراً، لكنه لم يحضر. وعند المساء حضر إليّ أقاربه وأبلغوني بوفاته مع شاب آخر من المخيم".

تقول: "عندها، بدأت رحلتي القاسية في تربية أولادي. لم يكن لزوجي راتب علماً أنّه كان في جيش التحرير، فقد كان هو من يدفع للثورة. ولم اتقاض أيّ تعويض أو راتب بعد وفاته، ولم يساعدنا أيّ من الفصائل".

عملت عالية في تطريز القماش. وتقول: "كنت أطرّز القطعة بمبلغ زهيد جداً تحت ضوء شحيح. وفي الملجأ عندما يبدأ القصف، كنت أضيء شمعة أطرز على نورها. حتى شحّ نظري اليوم".

تضيف: "كنت أوزع المدخول ما بين مصروف الأولاد، والبيت. فبالنسبة للأكل، كنت أشتري أوقية لحم فقط لأطبخ ما يقيتنا لعدة أيام، كما أشتري الطحين للخبز. ولم أحصل يوماً على إعانة غذائية".

تتابع: "مبلغ ضئيل كنت أحصل عليه لتأمين معيشة أولادي، ولم يكفنا ذلك. فاضطررت للعمل في البساتين أيضاً، في حصاد مواسم الحمضيات والخضروات. وحتى ذلك، لم يكن يكفي لسداد متطلبات العائلة".

وعند ذلك، وفي عز الحرب الأهلية قبل الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، ذهبت عالية إلى المسؤولين في منظمة التحرير، وطلبت منهم راتباً لزوجها الراحل، كتعويض على الأقل عمّا كان يدفعه، فردوا عليها، كما تقول: "نحن أصحاب قضية". تقول إنّها ردت عليهم بالقول: "وهل أصحاب القضية يموت أولادهم من الجوع. أيأكل أولادي الرمل؟".

وتتابع: "بعد أخذ ورد معهم، تمكن أخي من دفع المنظمة إلى تخصيص راتب لزوجي كي أعتاش منه. لكنه كان راتباً ضئيلاً. حتى إنّ أجرة الطريق إلى مخيم البص (صور)، كي تتمكن عالية من تقاضيه، كانت تكلف حوالي نصفه في البداية. وحتى اليوم، وبعد أن تمت زيادة الراتب، بقي ضئيلاً جداً، ولا يكفي ثمناً لعلبتي دواء من التي وصفها لها الطبيب بعد إجرائها عمليتي تمييل للقلب. فراتب زوجها الشهيد التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، لا يتجاوز اليوم 95 ألف ليرة لبنانية، أي ما يعادل 63 دولاراً أميركياً، في بلد قيمة الحد الأدنى للأجور فيه 450 دولاراً.
دلالات
المساهمون