عازف البيانو في فرقة بليغريني..العضو الأهم في الأوركسترا المنقوصة

19 ابريل 2016
السيتي يستعد لفترة ما بعد بيليغريني (Getty)
+ الخط -



أراد ريال مدريد مواجهة مانشستر سيتي في نصف نهائي الأبطال، الفريق الإنجليزي أقل خبرة من بايرن، وأسهل من أتليتكو مدريد، لذلك يعتبر خياراً مثالياً في الطريق إلى النهائي، لكن في المقابل لم ينزعج أنصار ملعب الاتحاد كثيرا من هذه القرعة، خصوصا أنهم أرادوا الريال بالمثل، وفضلوا مواجهته قياسا بمدربهم المنتظر غوارديولا، والفريق القوي أتليتكو الذي أقصى برشلونة مبكرا، لذلك يبدو هذا الطريق مناسباً لكلا الفريقين.

موظف للتقاعد
مع بداية دخوله عالم التدريب، لم يكتف بليغريني بكرة القدم فقط، بل قرر دراسة الهندسة المدنية ليقول عن هذا التنوع، إنه أراد ربط كرة القدم بمجال حيوي آخر، لأن اللعبة في النهاية عبارة عن دورة حياتية بحتة، ويصفونه في تشيلي والعالم بعد ذلك بالمهندس، ليس فقط لفنه المعماري بل لتطوره التكتيكي.

يقدم مانويل بليغريني نفسه مؤخرا وكأنه موظف عجوز في طريقه للتقاعد، يتعامل بهدوء مع كل الظروف المحيطة، وفقد الدافع تماما في بطولة الدوري، مع الرضا بالأمر الواقع في مسألة خلافة بيب غوارديولا، ليضع عصبة الأبطال نصب عينيه، متمنيا مزيدا من التوفيق في البطولة الأهم على صعيد القارة العجوز.

أراد المهندس التشيلي تجنب برشلونة في ربع النهائي فكان له ذلك، ثم أوقعته القرعة في طريق الميرنغي، ليكون هذا الدور بمثابة الاختبار الأهم له طوال مسيرته، لأن العبور يعني تاريخاً جديداً لهذا النادي، حتى وإن خسر في المحطة الأخيرة، وبالتالي سيجهز مانويل لهذه المعركة بطريقة مغايرة، على كافة المستويات الخططية والفنية.

أوركسترا ضعيفة
"لقد اشتروا أفضل اللاعبين، لكن ليس بالضرورة أن يكونوا هم النوعية التي يحتاجها الفريق، من الممكن أن تضم أوركسترا 10 عازفي غيتار، لكن عازف البيانو غير موجود، فهل ستنجح المقطوعة الموسيقية في هذه اللحظة"؟ يتحدث بليغريني بنظرة فلسفية فنية بعد موسم واحد له مع ريال مدريد، ليضع يده على أبرز عامل جعل العلاقة بين الطرفين تدوم لعام واحد فقط، بسبب كثرة الأسماء الكبيرة دون رابط حقيقي في العمق.

والمتابع الجيد لفريق مان سيتي خلال العامين الأخيرين، سيدرك فورا أن الفريق يعاني من نفس مشكلة مدربه الحالي برفقة ريال مدريد، بسبب تواجد عدد كبير من الأسماء المميزة، دون توازن حقيقي بين الخطوط، مما يجعل الطريق إلى مرماهم سهلاً ويسيراً، مع اللجوء إلى الحلول الفردية في معظم المباريات الكبيرة.

أغويرو مهاجم ممتاز لكنه لا يجد الدعم الكافي من لاعبي الوسط والأطراف، بالإضافة إلى نقص لياقته وضعف ضغطه على المدافعين، أما يايا توريه فيعيش أيامه الأخيرة داخل النادي، بدون تركيز على التفاصيل الدقيقة، كذلك يعاني الدفاع كثيرا مع كثرة إصابات كومباني، مما يحول بليغريني إلى عازف أوركسترا يقدم نغمة أقرب إلى "النشاز" في نهاية المطاف.

عازف البيانو
انقلب كل شيء إلى الأفضل في الأسابيع الأخيرة، من ابتعاد كبير عن المراكز المؤهلة إلى عصبة الأبطال، إلى منافسة قوية على المركز الثالث مع آرسنال، ثم صعود مستحق على حساب باريس سان جيرمان في ربع النهائي، كل هذه الأخبار الرائعة بعد عودة البلجيكي كيفين دي بروين من إصابته الطويلة.

وكأن دي بروين هو عازف البيانو الذي تحدث عنه بليغريني، في حوار قديم يصف موسمه اليتيم في العاصمة الإسبانية، ويمتاز هذا اللاعب بقدرته على تسجيل الأهداف الغزيرة من مركز صانع اللعب، ليتحول إلى صانع لعب وهمي أو ما يعرف باسم False 10، نتيجة قدرته على قلب مركزه داخل الثلث الهجومي، من مجرد لاعب مساند إلى مهاجم صريح أمام المرمى.

ويشرح المدرب التشيلي رأيه في مهاجميه خلال فيديو تكتيكي قديم، ليقول إنه يعشق بشدة المهاجم المتحرك، الذي تجده على الطرف ليتحول الجناح إلى العمق، ثم يدخل سريعا إلى منطقة الجزاء بالتبادل مع المهاجم الزميل، بالإضافة إلى قيامه بدور لاعب الارتكاز الصريح عند الحاجة، لذلك تدور كل أفكار بليغريني على مركز المهاجم المساعد.

الفرصة الأخيرة
أرقام دي بروين الأخيرة تؤكد أنه مهاجم ثان وليس مجرد لاعب وسط متقدم، فالبلجيكي سجل 6 أهداف في البريمييرليغ، مع الرقم 3 في عصبة الأبطال، لذلك يقترب كثيرا من أغويرو داخل الملعب، ويعطي الأريحية الكاملة لثنائي المحور، في القيام بأدواره الدفاعية أولا، مع حماية مرماه أمام الرباعي الأخير في خطة 4-2-3-1 التي تتحول هجوميا إلى 4-4-2.

يرشح الكثيرون ريال مدريد إلى النهائي، وبكل تأكيد هذا الرأي هو الأوفر حظا والأقرب للحدوث، لكن لا يوجد مستحيل في هذه اللعبة، وتعتبر هذه المعضلة هي الأهم في مسيرة الرجل القادم من أميركا اللاتينية، لأنه سيلعب بدون أي ضغوطات، فالخسارة والخروج لن تؤثر على مدرب يعيش أيامه الأخيرة، بينما تخيل فقط خيار الصعود يعني تاريخاً جديداً لكل أعضاء هذا الجيل في مانشستر.

لمتابعة الكاتب
المساهمون