عادات فلسطينية خاصة في رمضان الضفة
رام الله
محمد عبيدات
محمد عبيدات
بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة، إلاّ أنّهم يصرون على بعض عادات شهر رمضان المبارك، ولو تغيرت ما بين الأمس واليوم.
العادة الأكثر شهرة عند الفلسطينيين هي "فقدة الوَلايا" وهي من العادات الدينية المتوارثة عند الفلسطينيين والمرتبطة بصلة الرحم، وفيها يزور الأب بناته المتزوجات وشقيقاته، ويزورهن الأعمام، محملين بالهدايا والحلويات. يقول يوسف بزبز (63 عاماً) وهو من مدينة القدس المحتلة لـ"العربي الجديد" إنّ هذه العادة ترتبط بصلة الرحم، إذ تذهب فيها العزوة (أقارب الفتاة المتزوجة من الدرجة الأولى) إلى منزلها لزيارتها في أيام شهر رمضان المبارك، ما يشعرها بالسعادة، ويمثل دلالة على حب عائلتها لها، واهتمامهم بها. يسترجع بزبز الماضي ويؤكد أنّ صلة الرحم في شهر رمضان المبارك وبقية الأشهر كانت أقوى بكثير: "بعض الناس نسوا اليوم عادة فقدة الولايا، فالهموم كثيرة، والحياة صعبة". تقتصر زيارات الأقارب لـ"ولاياهم" (بناتهم) لمرة واحدة عند الكثير من الناس في هذه الأيام، مع إصرار بزبز على المحافظة على تلك العادة وزيارة "ولاياه" أكثر من مرة في الشهر، حتى تبقى صلة الرحم متناقله بينه وبين أبنائه.
"العزائم" أو دعوات الولائم، من العادات الفلسطينية التي ما زالت تحافظ على وجودها في شهر رمضان المبارك، بالرغم من أنّ حدتها خفّت بعض الشيء بين الناس، لا سيما أنّها ترتبط بأعباء اقتصادية على العائلة التي تتولى تنظيم تلك الوليمة. هي من العادات التي تجمع الأقارب على موائد الإفطار، إذ يتولاها رب العائلة وأبناؤه وأشقاؤه، فيدعون أقاربهم من الدرجة الأولى وبعض العائلات من الدرجة الثانية، وكلّ من يرتبط بهم بنسب، إلى وليمة إفطار جماعية فيها الكثير من أصناف الطعام، وتختلف طبيعتها من مدينة إلى مدينة، وحتى مرات الدعوة تختلف من منطقة فلسطينية إلى أخرى.
يقول الحاج صادق الحلمان (85 عاماً) لـ"العربي الجديد": "التقارب بين الناس يتلاشى بشكل كبير في هذه الأيام، ومع كلّ رمضان هناك بعض العزائم، لكنّها تقتصر على عدد محدود من الأقارب". يضيف: "الحياة صعبة، والظروف الاقتصادية صعبة جداً، لذلك، يحافظ الناس على عادة دعوة أقاربهم إلى موائد الإفطار لكن ليس كما في السابق". يوضح الحلمان أنّ دعوة العائلات قديماً على وليمة الإفطار لم تكن مكلفة، بالإضافة إلى حبّ الناس للتجمعات والتقارب، لأنّهم في الأساس يشتاقون إلى بعضهم البعض ويحتاجون إلى مثل هذه العزائم.
كذلك، يفتقد الحلمان إلى عادات رمضان القديمة، منها "التوحش" وهي فرق إنشادية كانت تنشط في المساجد في الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك، ويلتف حولها الناس، ويرددون أناشيد حزينة لوداع الشهر الفضيل، لكنّ هذه العادة تلاشت مع تطور وسائل الاتصال وتمكن الناس من سماع ما يريدون في أيّ وقت.
في نابلس، شمالي الضفة الغربية المحتلة، ثمة عادات خاصة بالمدينة، منها "الأبيض أو الأخضر" وهو افتتاحية شهر رمضان المبارك بالطعام الأبيض أي الطعام الذي يشكل اللبن واللحوم، أو الأخضر من الخضر الخضراء كالملوخية والعكوب الفلسطيني. العادة متوارثة كما هي في المدينة منذ مئات السنين بحسب الشيخ جميل المصري (60 عاماً). يقول لـ"العربي الجديد" إنّها عادة رمزية لجلب الخير، وتكون في بداية الشهر وآخره وتنتشر بشكل كبير في نابلس وتلتزم غالبية العائلات بها. وعند انتهاء كلّ صلاة تروايح، يحيي أهالي مدينة نابلس "السوق نازل" وهي عادة يتوجه فيها الأهالي إلى مركز المدينة وسوقها للتبضع، وشرب القهوة، والعصائر، بالإضافة إلى السهر وتبادل الأحاديث.
أما في الخليل، جنوب الضفة الغربية المحتلة، فما زال أهل المدينة يحافظون على عدد من العادات الرمضانية غالبيتها في الحرم الإبراهيمي الشريف، وهي عادات دينية متوارثة عن الأجداد، منها "التسميع العثماني" وهو عبارة عن فقرات تشتمل على ذكر الله عز وجل حتى يؤكد للناس أنه قرب وقت آذان الجمعة. يقول الشيخ حفظي أبو سنينة مدير الحرم الإبراهيمي لـ"العربي الجديد": "هذه العادات لن تندثر في المدينة لأنّ الناس يصرون على بقائها، ويتعمدون في كلّ رمضان إحياءها لتبقى". ومن العادات المتوارثة أيضاً، بحسب أبو سنينة، الأذان السلطاني الجماعي، ويجتمع فيه أربعة مؤذنين في آن واحد، أحدهم يردد الآذان، وبقية المؤذنين يرددون خلفه، وهي عادة مقتصرة على صلاة الجمعة.