عائلة تفتح بيتها للاجئين السوريين في فرنسا

22 نوفمبر 2016
(تصوير: فيليب هويغيان)
+ الخط -

حوّلت عائلة سورية لاجئة في فرنسا بيتها إلى محطّة وصول للاجئين السوريين، وتولّت بإمكانياتها الخاصة مهمّة إيواء الهاربين من بطش نظام الأسد، ومن قسوة الشوارع الأوروبية، حفظاً لكرامة مواطنيهم من السوريين في بلاد الغربة.

تتشابه طرق تقديم المساعدة للاجئين السوريين في الدول الأوروبية، فغالبًا ما تركز الجمعيات الخيرية والناشطون الحقوقيون، على توفير البطانيات والأغذية والدواء، ولكن ما لا ينتبه له كثيرون، هو أن اللاجئين بحاجة إلى دفء بيت عائلي، يمنحهم شيئًا من الطمأنينة والاستقرار النفسي، إلى حين تسوية وضعيتهم.

قام زوجان سوريان رفقة طفليهما، باستقبال عائلات سورية لاجئة، في منزلهما الصغير في أحد الضواحي الفرنسية، وحولّا مقرّ إقامتهما، إلى فضاء يشاركانه مع مواطنيهم الهاربين من نيران الحرب السورية.

الزوجان السوريان، قدِما إلى فرنسا سنة 2012، وكبقية اللاجئين إلى أوروبا واجها ظروفًا صعبة دفعتهما للتشرّد في الشوارع، والمبيت في أنفاق الميترو لمدة شهرين كاملين، قبل أن يتحصّلا على مساعدة السلطات الفرنسية. هنا، جاءتهما فكرة التكفّل بإيواء عدد من العائلات السورية اللاجئة في بيتهما العائلي بعد استقرارهما.

الزوج بشار قدّة، يشير في حديث مع "جيل"، إلى أنه استقبل ثماني عائلات سورية منذ وصوله إلى فرنسا منذ أربع سنوات، موضحًا أن العائلات التي قام باستقبالها رفقة زوجته، اختلفت مدّة إقامتها من عدّة أيّام إلى عدة أشهر.

واستطرد المتحدّث: "استقبال بعض العائلات سبّب لي بعض المشاكل العائلية، حيث اضطررت أحيانًا لقطع العلاقات مع بعضها، بسبب خلافات شخصية، في مقابل ذلك توطّدت علاقة الصداقة مع عائلات أخرى، واكتسبت من خلال هذه التجربة، معرفة العائلات التي أنوي استقبالها".

مهمّة قدّة التي تحمّل تبعاتها على حساب عائلته لم تكن سهلة، خاصة في حالته كلاجئ في بلد أجنبي، مشيرًا إلى أن حماسه لاستقبال عائلات سورية جديدة لم يعد كما في الماضي، ولذلك لاطمئنانه بوجود عائلات سورية أخرى تقوم بمساعدة الوافدين الجدد، ولتحسن ظروف اللاجئين خلال هذه المدّة، من حيث سرعة المساعدات المقدمة لهم من قبل الحكومة الفرنسية.

وحول تدبّر الأمور المادية، اعتبر المتحدّث أن استقبال العائلات لم يكن يزيد من المصروف الإجمالي للمنزل، معتبرًا أن المساعدات الحكومية كانت كافية لتدبّر مصاريف المنزل من مأكل وملبس، بالإضافة إلى ذلك "فإن المشاعر الإيجابية التي تتولّد لدي نتيجة هذا العمل، تتجاوز تحمّل النفقات المادية لإقامة هذه الأسر".

يشير قدة إلى أن العمل التطوّعي يشعره بالسكينة بعد انتهاء مهمّته تجاه إحدى العائلات، ويعتبر أن ما يقوم به هو جزء من الثورة السورية، وهو ما يتجاوز الشعور بالعجز، الذي يعاني منه بعض السوريين، لعدم تمكّنهم من فعل أي شيء لبلدهم بسبب ظروفهم الخاصة.

من جهتها اعترفت زوجته رزان بأن استقبال بعض العائلات سبّب لها بعض المشاكل العائلية، موضحة أن "أغلبها كانت تحت السيطرة، وإن لم يخلُ الأمر من جدال عقيم بيني وبين بشار، ومن لوم متبادل، لكن استقبال عدد من العائلات، أعطاني بعض الخبرة في تفاصيل محدّدة، مكنتني من تجاوز أكبر عدد ممكن من المشاكل".

وقد عبّرت رزان في حديث مع "جيل"، عن أسفها لعدم مقدرتها على تقديم المزيد من المساعدة، مبرّرة ذلك بأن استقبال اللاجئين، أصبح على حساب عائلتها وأطفالها، مشيرة إلى أنها ستحاول أن تجد طريقة أخرى لتقديم المساعدة لمن يحتاجها بحسب قدرتها وظروفها، لأن الشعور الإيجابي هو الدافع الوحيد الذي كان يسندها لتقديم المزيد من المساعدات، وهو ما سيدفعها أيضًا لإيجاد طريقة على حدّ تعبيرها.

مبادرة هذه العائلة السورية ليست استثنائية، فهناك الكثير من الحالات المشابهة لها، ولكنها ليست تحت الضوء، خاصّة في حالة حرب الأسد على الشعب السوري، إلّا أن هذه القصّة، ربما تعطينا فرصة لعيش لحظات مليئة بالحب، في فضاء مليء بالموت والإحباط، وتؤكّد أن مشاعر الإنسانية أقوى من عاصفة العنف المحيطة بنا.

المساهمون