تعيش عائلة النقيب الأردني، أنور السعد أبو زيد، تحت وقع الصدمة، بعد أن أقدم ابنها على فتح النار، داخل مدينة الملك عبد الله للتدريب التابعة لمديرية الأمن العام، أمس الأول، موقعاً ثلاثة قتلى في صفوف المدربين الأجانب، بينهم أميركيان اثنان، وآخر جنوب أفريقي، إضافة إلى مترجمين أردنيين توفيا متأثرين بإصاباتهما البليغة.
العائلة التي لم تبلغها بعد المصادر الرسمية بوقائع الحادثة وتفاصيلها، وعلمت بموت ابنها من وسائل الإعلام، تشعر أن لغزاً يحيط بالحادثة، وأن جهات رسمية تحاول تسويق بأن ابنها وقع فريسة للفكر المتطرف، من خلال الاعتماد على سيرته كشخص ملتزم دينياً، وهي فرضية يرجحها الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية، وترفضها العائلة، التي ترفض أيضاً محاولات وصم ابنها بالاضطراب النفسي لتبرير ما حدث.
الصدمة تعيشها العائلة، كما بلدية ريمون الواقعة في محافظة جرش (شمال عمّان)، حيث يؤم سكانها ديوان عائلة أبو زيد، تعبيراً عن تضامنهم مع العائلة بمصابها الجلل، ورفضاً للروايات التي تثار حول النقيب أنور الذي يعتبرونه شهيداً.
بشكل قاطع ينفي فادي أبو زيد، وهو أكبر أشقاء النقيب، رواية سقوط شقيقه فريسة للأفكار المتطرفة، رافضاً أن يعتبر الالتزام الديني لشقيقه دليلاً على التطرف.
ويقول لـ"العربي الجديد": "كلنا مسلمون، هل الصلاة والصوم أصبحا تطرفاً؟ المسيحيون يصومون ويصلون، هل يمكننا القول إن كل مسيحي يصوم ويصلي يوم الأحد يعد إرهابياً"؟.
ويتساءل "أنور يعمل في الأمن منذ 11 عاما، هل اكتشفوا اليوم أنه متطرف؟ أنا أقول إن من يتهم أنور بالتطرف هو المتطرف". ويشير فادي إلى أن شقيقه كان يقاوم التطرف من خلال عمله قبل سنتين في جهاز الأمن الوقائي، الذي تعتبر إحدى مهامه مقاومة التطرف وإلقاء القبض على المتطرفين.
ويضيف "كلنا نعرف أن المدينة التدريبية حيث كان يعمل مكان حساس، وفيها أميركيون وجنسيات أجنبية، ولا يمكن أن يقبلوا شخصاً عليه شبهة تطرف، للعمل في مكان حساس كالمدينة التدريبية".
وعما إذا كان شقيقه يتحدث عن الجماعات المتطرفة، يجيب فادي "الله أعلم كم تأثر أنور حين أُحرق الطيار معاذ الكساسبة، كان أنور ممن احترق قلبهم عليه، وكان يدرك أنه قد يلاقي مصيره".
وحول ما أثير حول رغبة شقيقه ترك جهاز الأمن العام للعمل في الخليج، يقول "كان موعوداً بفرصة عمل في السعودية، كان يريد أن يحسن أوضاعه، أي شخص تأتيه فرصة لتحسين أوضاعه وظروف معيشته لن يتواني عن ذلك، غالبية شبابنا هجروا الأردن بسبب الفقر المدقع، الذي يعاني منه الشعب الأردني نتيجة للسياسة الحكومية".
في المقابل، يرجح الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية أن أنور كان "ذئباً منفرداً"، نفذ هجومه من دون أن يكون مرتبطاً بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وبحسبه فإن من باتوا يعرفون "بالذئاب المنفردة" الذين ينفذون هجمات من دون ارتباط تنظيمي، يشكلون خطراً أكبر من التنظيمات نفسها، خاصة أنهم يستطيعون الوصول إلى مواقع تعجز التنظيمات عن الوصول إليها.
وفي وقت يؤكد مقربون من عائلة النقيب أن سيرتهم العائلية خالية من التطرف والتشدد الديني، يرى الخبير النفسي محمد الحباشنة، أن ذلك ليس قرينة، ويقول "العقل معقد وقد يفكر في سردية بعيدة عن التعميمات والفرضيات، وبالتالي فإن إمكانية أن يفكر الشخص بطريقة متطرفة بشكل يخالف توجهات العائلة أمر وارد"، ويقول الحباشنة "تنظيم داعش يشكل إغراءً كبيراً لبعضهم، خاصة من يعانون من حالات غياب النموذج الأعلى، ويبحثون عن ملئه من خلال مشروع يبدو ناجحاً على الأرض".
بدوره، النائب السابق سلمان السعد، وهو عم النقيب أنور، يرفض روايات التطرف، ويلمح إلى أن يكون وراء الحادث استفزاز تعرض له ابن شقيقه، على غرار حادثة إقدام الجندي الأردني أحمد الدقامسة على قتل الفتيات الإسرائيليات في عام 1997 بعد أن تعرض للسخرية منهم خلال تأديته الصلاة.
ويكشف النائب السعد، عن محاولاته في عام 2008 التوسط لأنور لدى جهاز الأمن العام للسماح له بمواصلة دراسته العليا في القانون، لكن هذه الوساطة رفضت حينها، ويقول إن "أنور كان محباً للعلم ولديه رغبة كبيرة في التطور الأكاديمي" ويؤكد أنه "كان مميزاً بالقانون ودرسه عن رغبة، وعندما أنهى الثانوية العامة (التوجيهي) نصحه بعضهم بدراسة الشريعة، لكنه رفض وأصر على دراسة القانون".
يشار إلى أن النقيب أنور (29 عاماً) الذي ترفض عائلته استلام جثته ودفنها حتى معرفة المسؤول عن مقتله ومعاقبته، هو أب لطفلين، عبد الرحمن (4 أعوام) وأحمد (عامان ونصف)، ويحمل درجة البكالوريوس في القانون من جامعة مؤتة في عام 2008.
وعمل بعد تخرجه في الشرطة القضائية، ثم انتقل إلى أمن الجمارك، وتدرج ليعمل في الأمن الوقائي، والبحث الجنائي، قبل أن ينتقل إلى المدينة التدريبية التي عمل محاضراً ومساعد مدرب فيها.
اقرأ أيضا:مقتل عسكريين أجانب برصاص شرطي أردني وترجيحات حادث فردي