في أقصى شرق السوق الشعبي في مدينة الهفوف (محافظة الإحساء في المنطقة الشرقية)، تضعُ عائشة المنور أمامها سلالها المصنوعة يدوياً من سعف النخيل. لا تكترث للحرّ والشمس الحارقة، علماً أن درجة الحرارة تصل في بعض الأحيان لأكثر من 62 درجة مئوية. تُدرك جيداً أن غيابها ليوم واحد سيكلفها الكثير. تفكّر فقط بأربعة أطفال ينتظرونها كل يوم لإطعامهم. على الرغم من أنها تجاوزت عامها الستين، إلا أنها مسؤولة عن أربعة صغار، أكبرهم في العاشرة من عمره، هم أحفادها من ابنتها زينة التي توفيت وزوجها قبل نحو ثلاثة أعوام.
تُعاني المنور من أمراض كثيرة، بالإضافة إلى الفقر، إلا أنها لم تستطع ترك أحفادها في دور الرعاية الاجتماعية، وقرّرت أن ترعاهم بنفسها بعدما تخلى عنهم أعمامهم، بحسب ما تشرح. تقول المنور لـ "العربي الجديد": "ليس لهؤلاء الأطفال، بعد الله، سواي. تخلى الجميع عنهم وتُركوا على الطريق. يومياً، ومنذ الفجر وحتى العصر، أجلس هنا لأبيع السلال وغيرها من المنتجات التي أصنعها من السعف، لأتمكن من إطعامهم وتوفير كل احتياجاتهم. أريد أن أراهم أطباء ومهندسين فقط".
إلى جوارها، تجلسُ صديقةُ عمرها منيرة، التي تعاني من الفقر أيضاً، علماً أن زوجها يعيلها. مع ذلك، تُحاولُ مساعدة صديقتها وجارتها. تقولُ المنور إن مبلغ الـ 2200 ريال (نحو 580 دولارا) الذي تحصل عليه من الضمان الاجتماعي، لا يكفي لسداد حاجاتهم الضرورية، علماً أن نصف هذا المبلغ تدفعه بدل إيجار البيت الشعبي الصغير الذي تسكن فيه. لذلك، تجد نفسها مضطرة للنزول إلى الشارع يومياً. تقول بحسرة: "أشعة الشمس تكاد تشوي رأسي. لكن مع ذلك، تبقى أخف من صوت أحفادي وهم يبكون من الجوع".
تمر أيام صعبة على عائشة وصغارها، تكون فيها عاجزة عن إطعامهم، وخصوصاً حين يكون السوق في حالة ركود تام. من جهة أخرى، لا يمكنها الاعتماد على "المحسنين". تُدرك جيداً أنها مضطرة للاعتماد على نفسها فقط. طوال الليل، تعمل على صنع السلال وغيرها من سعف النخيل. صحيح أن هذا العمل لا يدرّ عليها دخلاً كبيراً، لكنه على الأقل، يجعلها غير مضطرة للتسوّل من الآخرين.
ولأنّها سئمت الوقوف على أبواب الجمعيات التي نادراً ما توافق على مساعدتها، وغالباً ما تردها على الرغم من ظروفها المادية الصعبة، تعتمد على بسطتها الصغيرة. تضيف: "لا أريد انتظار مساعدة أحد. أطلب الرزق من الله. أريد فقط إطعام أحفادي خبزاً حلالاً. ذلك خيرٌ من أن أطعمهم لحماً ليس حلالاً".
لا تريد المساعدة. ترغب فقط ألا يضايقها المسؤولون في البلدية، الذين يأتون في بعض الأحيان ويصادرون بضاعتها بحجة عملها من دون تصريح. تقول: "لا أستطيع استئجار أي محل. لذلك، لم أجد مكاناً لتصريف بضاعتي غير الشارع. بين الحين والآخر، يأتون إلي ويطلبون تصريحاً. لكنني لا أعرف كيفية الحصول عليه. أنا امرأة عجوز لا أعرف شيئاً، ولا أريد إلا الرزق الحلال، ورؤية البسمة على شفاه أحفادي الصغار".
تصمتُ المنور والحزن باد على عينيها، اللتين بالكاد تظهران، هي التي تغطي كل جسدها ووجهها. تقول: "أنا امرأة عجوز ومريضة. مع ذلك، وجدتُ نفسي مسؤولة عن أربعة أطفال. لا أخشى الموت، لكنني أخاف على هؤلاء الصغار من بعدي. أعرف أن الله لن ينساهم، لكنهم متعلقون ببعضهم البعض، وأخاف تفريقهم في دور الرعاية".
تبكي المنور قبل أن تضيف: "أطلب من الله أن يطيل عمري كي أبقيهم مع بعضهم البعض، أقله حتى يكبر محمد ويكون قادراً على تحمل المسؤولية من بعدي".
تعلمت المنور المهنة من أمها التي بدورها كانت قد تعلمتها من والدها. تجدر الإشارة إلى أن هذه المهنة تناوبَ الآباء على توريثها للأبناء. مع ذلك، ترفضُ أن يساعدها أحد من الصغار، حتى محمد. لا تريد أن يؤثر ذلك على دراسته ومستقبله.
إقرأ أيضاً: أرملة حاتم الطائي تستضيف المارة على مائدتها
تُعاني المنور من أمراض كثيرة، بالإضافة إلى الفقر، إلا أنها لم تستطع ترك أحفادها في دور الرعاية الاجتماعية، وقرّرت أن ترعاهم بنفسها بعدما تخلى عنهم أعمامهم، بحسب ما تشرح. تقول المنور لـ "العربي الجديد": "ليس لهؤلاء الأطفال، بعد الله، سواي. تخلى الجميع عنهم وتُركوا على الطريق. يومياً، ومنذ الفجر وحتى العصر، أجلس هنا لأبيع السلال وغيرها من المنتجات التي أصنعها من السعف، لأتمكن من إطعامهم وتوفير كل احتياجاتهم. أريد أن أراهم أطباء ومهندسين فقط".
إلى جوارها، تجلسُ صديقةُ عمرها منيرة، التي تعاني من الفقر أيضاً، علماً أن زوجها يعيلها. مع ذلك، تُحاولُ مساعدة صديقتها وجارتها. تقولُ المنور إن مبلغ الـ 2200 ريال (نحو 580 دولارا) الذي تحصل عليه من الضمان الاجتماعي، لا يكفي لسداد حاجاتهم الضرورية، علماً أن نصف هذا المبلغ تدفعه بدل إيجار البيت الشعبي الصغير الذي تسكن فيه. لذلك، تجد نفسها مضطرة للنزول إلى الشارع يومياً. تقول بحسرة: "أشعة الشمس تكاد تشوي رأسي. لكن مع ذلك، تبقى أخف من صوت أحفادي وهم يبكون من الجوع".
تمر أيام صعبة على عائشة وصغارها، تكون فيها عاجزة عن إطعامهم، وخصوصاً حين يكون السوق في حالة ركود تام. من جهة أخرى، لا يمكنها الاعتماد على "المحسنين". تُدرك جيداً أنها مضطرة للاعتماد على نفسها فقط. طوال الليل، تعمل على صنع السلال وغيرها من سعف النخيل. صحيح أن هذا العمل لا يدرّ عليها دخلاً كبيراً، لكنه على الأقل، يجعلها غير مضطرة للتسوّل من الآخرين.
ولأنّها سئمت الوقوف على أبواب الجمعيات التي نادراً ما توافق على مساعدتها، وغالباً ما تردها على الرغم من ظروفها المادية الصعبة، تعتمد على بسطتها الصغيرة. تضيف: "لا أريد انتظار مساعدة أحد. أطلب الرزق من الله. أريد فقط إطعام أحفادي خبزاً حلالاً. ذلك خيرٌ من أن أطعمهم لحماً ليس حلالاً".
لا تريد المساعدة. ترغب فقط ألا يضايقها المسؤولون في البلدية، الذين يأتون في بعض الأحيان ويصادرون بضاعتها بحجة عملها من دون تصريح. تقول: "لا أستطيع استئجار أي محل. لذلك، لم أجد مكاناً لتصريف بضاعتي غير الشارع. بين الحين والآخر، يأتون إلي ويطلبون تصريحاً. لكنني لا أعرف كيفية الحصول عليه. أنا امرأة عجوز لا أعرف شيئاً، ولا أريد إلا الرزق الحلال، ورؤية البسمة على شفاه أحفادي الصغار".
تصمتُ المنور والحزن باد على عينيها، اللتين بالكاد تظهران، هي التي تغطي كل جسدها ووجهها. تقول: "أنا امرأة عجوز ومريضة. مع ذلك، وجدتُ نفسي مسؤولة عن أربعة أطفال. لا أخشى الموت، لكنني أخاف على هؤلاء الصغار من بعدي. أعرف أن الله لن ينساهم، لكنهم متعلقون ببعضهم البعض، وأخاف تفريقهم في دور الرعاية".
تبكي المنور قبل أن تضيف: "أطلب من الله أن يطيل عمري كي أبقيهم مع بعضهم البعض، أقله حتى يكبر محمد ويكون قادراً على تحمل المسؤولية من بعدي".
تعلمت المنور المهنة من أمها التي بدورها كانت قد تعلمتها من والدها. تجدر الإشارة إلى أن هذه المهنة تناوبَ الآباء على توريثها للأبناء. مع ذلك، ترفضُ أن يساعدها أحد من الصغار، حتى محمد. لا تريد أن يؤثر ذلك على دراسته ومستقبله.
إقرأ أيضاً: أرملة حاتم الطائي تستضيف المارة على مائدتها