09 يونيو 2019
ظلمتنا أمي
صبيحة الأربعاء، غادرت باكرا فراشها البارد. توجَّهت إلى المطبخ وبَدأت بتحضير أغراض الفطور لأفراد المنزل. مرّ الوقت وأصبحَت قُرابة السادسة صباحًا. توجَّهت لغرفة نوم الأطفال وأيقظتهم: "حان وقت الاستيقاظ"..
رافَقت الأطفالَ إلى الحمام، وتأكّدت أنهم نظّفوا أسنانهم جيدًا. "بسرعة، عليكم أن تلبسوا ثيابكم قبل البدء بتناول الفطور". هَرَعَت بسرعة إلى المطبخ وبدأت بقلي البيض، وتسخين الحليب. رتّبت الصحون على المائدة، وَضَعَتْ رقائق الذرة المفضّلة للأطفال قرب الحليب ومن ثمّ بدأت توضيب طعام المدرسة في علبٍ ضاغطة. "عليكم إنهاء الفطور بسرعة، اقترب موعد وصول الباص". أَلبست الأطفال حقائبهم، وتأكّدت أنهم صعدوا جميعًا إلى الباص. "رافقتكم السلامة" ودّعتهم بابتسامة عريضة وأسرعت إلى المنزل.
حضّرت القهوة وأخذتها إلى الغرفة. "القهوة جاهزة"..
إلى المطبخ مُجددًا، أحضرت عدّة التنظيف وبدأت تكنيس الأرض ومسحها. لمّعت الأحجار الثمينة المتدلّية من الثرّيا ومن ثمّ نقلت سُلَّم المنزل الصغير قرب النوافذ. جريدة الأمس مع قليل من سائل منظّف وها هي زُجاجات النوافذ تبرق لمعانًا.
اقتربت الساعة من الثامنة صباحًا، المطبخ طبعًا يُناديها. دخلت لتُحضّر الفَطور للزوج الذي أنهى حمّامه وأتى ليتناول فطوره قبل الذهاب إلى العمل. "أريد تناول الكوسا بلبن اليوم". غادر بعد أن ربّت بيديه على كتفيها.
وضعت مِعطفها وغادرت هي أيضًا المنزل وتوجّهت للدكان لابتياع حاجيات الطبخة. "أريد نصف كيلوغرام من اللحم المفروم الناعم دون دهن، سأعد طبخة كوسا بلبن اليوم".
هرعت إلى المنزل مسرعةً، وبدأت حَشو الكوسا بعد أن تَبّلت الأرز مع اللحم المفروم. دقائق حتى بدأت تحريك اللبن على النار. "يا إلهي، نسيت صُنع السلطة"، صاحت في نفسها. تَفَقَّدت الثلاجة، وبدأت على عجل تحضير السلطة.
إنّها الساعة الثانية بعد الظهر، عاد الأطفال من المدرسة. أخذت حقائبهم ووضعت لهم الطعام ونادتهم للبدء بالأكل. قليلٌ من الحِيل والقصص لإقناعهم بإنهاء صُحونهم، فليست الكوسا بلبن إحدى أكلاتهم المحبّبة إلى القلب. توجّه الأطفال لغرفهم، لتبدأ هي بتنظيف الصحون وغسلها.
إنها قرابة الساعة السادسة مساءً، عاد الأب إلى المنزل، في حين كانت تنشّف شعر أحد الأطفال بعد أن كانت تساعده على الاستحمام. "حان وقت النوم، اذهبوا وقبّلوا والدكم".
بقيت ساهرةً حتى منتصف الليل، فالزوج غالبًا ما يطلب الشاي بالنعناع قبل دخوله إلى الفراش.
توجّهت أخيرًا لسريرها عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل. وضعت رأسها على المخدّة وحاولت النوم. "غدًا سيتكرّر سيناريو اليوم بحذافيره". سأستيقظ بعد ثلاث ساعات على أبعد تقدير.
يا تُرى هل أطفالي بخير؟ هل ينامون جيدًا؟ من يُحضّر لهم الفطور كل صباح؟ من يساعدهم على أخد حمّامهم ومن يصفّف لهم شعرهم؟ من يحكي لهم قصصًا، يوميًا، كي يناموا؟.. تتساءلون عنّي من أكون؟.. أنا مدبّرة المنزل التي أفنت حياتها لخدمة هذه العائلة.
لم أذكر زوجة الرجل الذي أعمل عنده لأنني لا أراها إلا عند الفطور والعشاء. لم أسمع منها إلّا أحضري ونظّفي. أنا مدبّرة المنزل التي تُنظّف، تُربّي، تَسهر، تَهتمّ بالتفاصيل وليس لديها يوم عطلةٍ واحد. أنا ألعب دور الأم والشقيقة والعمّة.
في عيد الأم، أتمنى احتضان أولادي وتقبيلهم لبضع ثوانٍ فقط. بضع ثوانٍ تكفيني لتثلج قلبي المحترق بنار الشوق وقلّة الحيلة.. لا يواسيني سوى التفكير بأنّ تعاستي هذه ستصنع لأطفالي مستقبلًا أفضل.
رافَقت الأطفالَ إلى الحمام، وتأكّدت أنهم نظّفوا أسنانهم جيدًا. "بسرعة، عليكم أن تلبسوا ثيابكم قبل البدء بتناول الفطور". هَرَعَت بسرعة إلى المطبخ وبدأت بقلي البيض، وتسخين الحليب. رتّبت الصحون على المائدة، وَضَعَتْ رقائق الذرة المفضّلة للأطفال قرب الحليب ومن ثمّ بدأت توضيب طعام المدرسة في علبٍ ضاغطة. "عليكم إنهاء الفطور بسرعة، اقترب موعد وصول الباص". أَلبست الأطفال حقائبهم، وتأكّدت أنهم صعدوا جميعًا إلى الباص. "رافقتكم السلامة" ودّعتهم بابتسامة عريضة وأسرعت إلى المنزل.
حضّرت القهوة وأخذتها إلى الغرفة. "القهوة جاهزة"..
إلى المطبخ مُجددًا، أحضرت عدّة التنظيف وبدأت تكنيس الأرض ومسحها. لمّعت الأحجار الثمينة المتدلّية من الثرّيا ومن ثمّ نقلت سُلَّم المنزل الصغير قرب النوافذ. جريدة الأمس مع قليل من سائل منظّف وها هي زُجاجات النوافذ تبرق لمعانًا.
اقتربت الساعة من الثامنة صباحًا، المطبخ طبعًا يُناديها. دخلت لتُحضّر الفَطور للزوج الذي أنهى حمّامه وأتى ليتناول فطوره قبل الذهاب إلى العمل. "أريد تناول الكوسا بلبن اليوم". غادر بعد أن ربّت بيديه على كتفيها.
وضعت مِعطفها وغادرت هي أيضًا المنزل وتوجّهت للدكان لابتياع حاجيات الطبخة. "أريد نصف كيلوغرام من اللحم المفروم الناعم دون دهن، سأعد طبخة كوسا بلبن اليوم".
هرعت إلى المنزل مسرعةً، وبدأت حَشو الكوسا بعد أن تَبّلت الأرز مع اللحم المفروم. دقائق حتى بدأت تحريك اللبن على النار. "يا إلهي، نسيت صُنع السلطة"، صاحت في نفسها. تَفَقَّدت الثلاجة، وبدأت على عجل تحضير السلطة.
إنّها الساعة الثانية بعد الظهر، عاد الأطفال من المدرسة. أخذت حقائبهم ووضعت لهم الطعام ونادتهم للبدء بالأكل. قليلٌ من الحِيل والقصص لإقناعهم بإنهاء صُحونهم، فليست الكوسا بلبن إحدى أكلاتهم المحبّبة إلى القلب. توجّه الأطفال لغرفهم، لتبدأ هي بتنظيف الصحون وغسلها.
إنها قرابة الساعة السادسة مساءً، عاد الأب إلى المنزل، في حين كانت تنشّف شعر أحد الأطفال بعد أن كانت تساعده على الاستحمام. "حان وقت النوم، اذهبوا وقبّلوا والدكم".
بقيت ساهرةً حتى منتصف الليل، فالزوج غالبًا ما يطلب الشاي بالنعناع قبل دخوله إلى الفراش.
توجّهت أخيرًا لسريرها عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل. وضعت رأسها على المخدّة وحاولت النوم. "غدًا سيتكرّر سيناريو اليوم بحذافيره". سأستيقظ بعد ثلاث ساعات على أبعد تقدير.
يا تُرى هل أطفالي بخير؟ هل ينامون جيدًا؟ من يُحضّر لهم الفطور كل صباح؟ من يساعدهم على أخد حمّامهم ومن يصفّف لهم شعرهم؟ من يحكي لهم قصصًا، يوميًا، كي يناموا؟.. تتساءلون عنّي من أكون؟.. أنا مدبّرة المنزل التي أفنت حياتها لخدمة هذه العائلة.
لم أذكر زوجة الرجل الذي أعمل عنده لأنني لا أراها إلا عند الفطور والعشاء. لم أسمع منها إلّا أحضري ونظّفي. أنا مدبّرة المنزل التي تُنظّف، تُربّي، تَسهر، تَهتمّ بالتفاصيل وليس لديها يوم عطلةٍ واحد. أنا ألعب دور الأم والشقيقة والعمّة.
في عيد الأم، أتمنى احتضان أولادي وتقبيلهم لبضع ثوانٍ فقط. بضع ثوانٍ تكفيني لتثلج قلبي المحترق بنار الشوق وقلّة الحيلة.. لا يواسيني سوى التفكير بأنّ تعاستي هذه ستصنع لأطفالي مستقبلًا أفضل.
صبيحة الأربعاء غادرتُ فراشي، قَبّلتُ أطفالي وتوجّهتُ إلى المطار.. وحتى الساعة لم أعد!