انتظر الإيرانيون عاماً كاملاً بعد بدء تطبيق الاتفاق النووي، ليحصلوا على أول مكسب حقيقي عبر تسلم طهران أول طائرة جديدة من إيرباص الفرنسية الأسبوع الماضي لتنضم إلى أسطول طيران مدني يصفه متخصصون في المجال بالمتهالك، بعد حرمانه من دخول طائرات جديدة منذ أربعين عاما.
وأكدت مصادر إيرانية لـ"العربي الجديد" أن التسليم جاء متأخرا، إذ إن الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران مع السداسية الدولية في يوليو/تموز عام 2015، والذي سمح بإلغاء العقوبات وتوقيع الصفقة أيضا، دخل حيز التنفيذ العملي في 16 يناير/كانون الثاني من العام الماضي، وتزامنت هذه الذكرى، مع احتفالات الحكومة الحالية بوصول الطائرة الأولى، في ظل انتقادات سياسية واقتصادية من قبل الطيف المحافظ.
خطوة لكسر الحظر
وأكد محللون إيرانيون أن بدء تسلم صفقات الطائرات هي الخطوة العملية الأولى لكسر الحظر
عن إيران، التي اشتكت من الإبقاء على بعض العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها منذ سنوات سابقة رغم الاتفاق، وبالتالي عرقلة البلاد عن أي استفادة من الاتفاق النووي.
ووجهت إيران أصابع الاتهام لواشنطن بالدرجة الأولى، حيث إن العقوبات المالية لم تلغ بالكامل، فضلا عن هذا انتظر تطبيق صفقات الطائرات المدنية موافقة من الخزانة الأميركية، حسب مصادر إيرانية، لـ"العربي الجديد".
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم هيئة الطيران المدني، رضا جعفر زاده، لـ" العربي الجديد" إن "تأخر تسلم أول طائرات إيرباص يعود لانتظار المعنيين لطي بعض المراحل القانونية، مؤكدا أن الترخيص لم يكن صادرا حين تم عقد الصفقة العام الماضي. وأشار إلى أن المشكلة لم تكن لدى الطرف الإيراني وإيرباص.
وأكد جعفر زاده أن طهران ستتسلم طائرتين كذلك من إيرباص حتى نهاية العام الفارسي الجاري، والذي ينتهي في 21 مارس/آذار القادم، قائلا إن "العقد ينص على تسليم الطائرات تدريجيا".
وعن الصفقة مع بوينغ، أكد أن شركة الطيران المدني لم تتسلم أي تقارير أو شكاوى رسمية عن أي عراقيل خاصة تقف بوجه الأمر، مضيفاً أن المعنيين في بلاده يتابعون الأمور عن كثب لتطبيق الصفقة في المستقبل، مشيرا إلى أن "هذا الأمر أيضا يتطلب وقتا".
وسافر الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى فرنسا العام الماضي، على رأس وفد اقتصادي رفيع المستوى، ونجم عن زيارته ابرام صفقات مهمة على رأسها العقد الموقع مع إيرباص لشراء ما يزيد عن 100 طائرة تقدر بنحو 10.5 مليارات دولار، منها 46 طراز 32، و38 طائرة طراز 330، بالإضافة إلى 16 طائرة طراز 350 التي ستستخدم في الرحلات الدولية بالدرجة الأولى.
وأعلن مسؤولون إيرانيون أن طائرة إيرباص الأولى والتي وصلت الأراضي الإيرانية ستستخدم في النقل الداخلي أولا.
ملاحظات ضد الحكومة
وفي وقت تنتظر فيه طهران تطبيق صفقة أخرى توصلت إليها مع شركة بوينغ الأميركية
لتسليمها 100 طائرة، نقلت رويترز أن هذه الشركة لم تدرج في سجلها السنوي هذه الطائرات التي من المفترض أن تسلمها لطهران، ورجحت بعض المصادر أن تكون بوينغ بانتظار ترخيص من الخزانة الأميركية.
وعلى الجانب الآخر، جدّد مراقبون ملاحظاتهم السلبية الموجهة للحكومة الحالية، وأكدوا على عدم تطبيق الاتفاق النووي بحذافيره، وعدم جني مكاسبه الاقتصادية المنتظرة والتي دار الحديث عنها مطولا.
وكتبت صحيفة "جوان" المحافظة تعليقا على صفقة الطائرات قائلة إن "كل هذه الاحتفالات جاءت بعد استلام طائرة واحدة وحسب، وحصد مكسب واحد من قائمة مكاسب كان من المفترض جنيها بعد التوصل لهذا الاتفاق".
أما صحيفة كيهان المحسوبة على التيار المتشدد، فرأت كذلك أن الإيرانيين يعانون من عشرات المشكلات المعيشية التي تتطلب حلولا وتركيزا حكوميا عليها، قائلة إن "الاتفاق النووي لم يصل للنتائج المرجوة بعد عام من دخوله حيز التطبيق العملي"، وربطت تسلم الطائرة في الوقت الراهن والترويج لها في الداخل بمحاولة لحصد أصوات لروحاني حيث يستعد لخوض سباق الانتخابات الرئاسية في مايو/أيار القادم بشعارات اقتصادية.
التطلع نحو المنافسة
من ناحيته، قال الصحفي في القسم الاقتصادي في وكالة أنباء فارس المقربة من المحافظين، سعيد مؤذني، لـ"العربي الجديد" إن "المعنيين في إيران أقروا في سنوات سابقة خطة تنمية، تستوجب تطوير أسطول الطيران المدني بما يجعل الشركات الإيرانية، منافسة إقليميا"، مؤكدا وجود 250 طائرة مدنية تخدم في الأسطول حاليا، متوسط عمر كل واحدة منها 23 عاما، وهو ما يعني أنه أسطول متدهور وهو ما سمح لدول أخرى بمنافسة إيران إقليميا في هذا
المجال مثل تركيا والإمارات.
وأضاف مؤذني أن الانتقادات لا تتعلق بعدم رغبة البعض بتجديد هذا الأسطول، بل على العكس، يجب بالفعل التركيز على الأمر، لكنْ في صفقة إيرباص أمور مبهمة وغير شفافة على حد تعبيره، وقال إن "الحكومة لم توضح كيف حصلت على المصادر المالية لتطبيق هذه الصفقة، ولم تتحدث عن تفاصيل عقدها، هناك تناقض في تصريحات مسؤوليها".
ورأى مؤذني أن هناك مأخذاً آخر، فالحكومة لا تبدي الاهتمام المطلوب بشركات الطيران الأخرى، وتسعى لتجديد أسطول شركة "هما" أو "إيران اير" بينما هناك ١٣ شركة طيران أخرى في الداخل الإيراني، وتسلم ما يزيد عن 200 طائرة من إيرباص أو بوينغ وحتى من شركة أي تي آر الإيطالية التي دار حديث عن عقد صفقة مشابهة معها، يعني تحسين وتجديد شركة واحدة أو اثنتين، وتآكل واختفاء الشركات الأخرى عن الساحة.
وعقدت إيران في يناير/كانون الثاني العام الماضي مؤتمراً استقبلت فيه مسؤولين تنفيذيين من شركات طيران إيرانية وأجنبية، أعلن حينها عن نية إيران شراء 114 طائرة من شركة إيرباص، وأكد المسؤولون في الحكومة رغبة بوينغ بعقد صفقة مماثلة.
اقــرأ أيضاً
وأشارت التقديرات، إلى حاجة إيران لنحو 400 طائرة تقريبا، خلال السنوات القليلة القادمة لتأمين كل احتياجاتها، وتجديد أسطولها، وقال المسؤول السابق في شركة الطيران المدني الإيراني إيرج إبراهيمي، إن البلاد تحتاج لكل أنواع الطائرات، سواء تلك التي تستخدم في الرحلات الداخلية والتي تحتوي على خمسين مقعدا أو أقل، أو تلك التي تضم مائة مقعد وتستخدم للنقل بين المحافظات الكبرى، وأخرى أكبر للرحلات الإقليمية والدولية.
وخلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي، عقد مساعدو وزراء خارجية السداسية الدولية وإيران اجتماعا على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، طالب خلاله الوفد الإيراني بتسريع تطبيق الاتفاق من قبل الطرف الغربي وإلغاء العقوبات بالكامل.
كما أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن وفد بلاده طالب الولايات المتحدة بتسريع الإجراءات لتطبيق صفقات بيع الطائرات، التي ما زالت البلاد تترقبها حتى الوقت الراهن.
وكشفت الحكومة الإيرانية أنها استقطبت نحو 11 مليارا و300 مليون دولار من الاستثمارات الأجنبية بعد الاتفاق النووي.
وقال وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي في إيران رضا صالحي، في تصريحات صحافية الأسبوع الماضي، إن "أكثر من 100 وفد أجنبي زاروا طهران بعد الاتفاق النووي".
اقــرأ أيضاً
خطوة لكسر الحظر
وأكد محللون إيرانيون أن بدء تسلم صفقات الطائرات هي الخطوة العملية الأولى لكسر الحظر
ووجهت إيران أصابع الاتهام لواشنطن بالدرجة الأولى، حيث إن العقوبات المالية لم تلغ بالكامل، فضلا عن هذا انتظر تطبيق صفقات الطائرات المدنية موافقة من الخزانة الأميركية، حسب مصادر إيرانية، لـ"العربي الجديد".
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم هيئة الطيران المدني، رضا جعفر زاده، لـ" العربي الجديد" إن "تأخر تسلم أول طائرات إيرباص يعود لانتظار المعنيين لطي بعض المراحل القانونية، مؤكدا أن الترخيص لم يكن صادرا حين تم عقد الصفقة العام الماضي. وأشار إلى أن المشكلة لم تكن لدى الطرف الإيراني وإيرباص.
وأكد جعفر زاده أن طهران ستتسلم طائرتين كذلك من إيرباص حتى نهاية العام الفارسي الجاري، والذي ينتهي في 21 مارس/آذار القادم، قائلا إن "العقد ينص على تسليم الطائرات تدريجيا".
وعن الصفقة مع بوينغ، أكد أن شركة الطيران المدني لم تتسلم أي تقارير أو شكاوى رسمية عن أي عراقيل خاصة تقف بوجه الأمر، مضيفاً أن المعنيين في بلاده يتابعون الأمور عن كثب لتطبيق الصفقة في المستقبل، مشيرا إلى أن "هذا الأمر أيضا يتطلب وقتا".
وسافر الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى فرنسا العام الماضي، على رأس وفد اقتصادي رفيع المستوى، ونجم عن زيارته ابرام صفقات مهمة على رأسها العقد الموقع مع إيرباص لشراء ما يزيد عن 100 طائرة تقدر بنحو 10.5 مليارات دولار، منها 46 طراز 32، و38 طائرة طراز 330، بالإضافة إلى 16 طائرة طراز 350 التي ستستخدم في الرحلات الدولية بالدرجة الأولى.
وأعلن مسؤولون إيرانيون أن طائرة إيرباص الأولى والتي وصلت الأراضي الإيرانية ستستخدم في النقل الداخلي أولا.
ملاحظات ضد الحكومة
وفي وقت تنتظر فيه طهران تطبيق صفقة أخرى توصلت إليها مع شركة بوينغ الأميركية
وعلى الجانب الآخر، جدّد مراقبون ملاحظاتهم السلبية الموجهة للحكومة الحالية، وأكدوا على عدم تطبيق الاتفاق النووي بحذافيره، وعدم جني مكاسبه الاقتصادية المنتظرة والتي دار الحديث عنها مطولا.
وكتبت صحيفة "جوان" المحافظة تعليقا على صفقة الطائرات قائلة إن "كل هذه الاحتفالات جاءت بعد استلام طائرة واحدة وحسب، وحصد مكسب واحد من قائمة مكاسب كان من المفترض جنيها بعد التوصل لهذا الاتفاق".
أما صحيفة كيهان المحسوبة على التيار المتشدد، فرأت كذلك أن الإيرانيين يعانون من عشرات المشكلات المعيشية التي تتطلب حلولا وتركيزا حكوميا عليها، قائلة إن "الاتفاق النووي لم يصل للنتائج المرجوة بعد عام من دخوله حيز التطبيق العملي"، وربطت تسلم الطائرة في الوقت الراهن والترويج لها في الداخل بمحاولة لحصد أصوات لروحاني حيث يستعد لخوض سباق الانتخابات الرئاسية في مايو/أيار القادم بشعارات اقتصادية.
التطلع نحو المنافسة
من ناحيته، قال الصحفي في القسم الاقتصادي في وكالة أنباء فارس المقربة من المحافظين، سعيد مؤذني، لـ"العربي الجديد" إن "المعنيين في إيران أقروا في سنوات سابقة خطة تنمية، تستوجب تطوير أسطول الطيران المدني بما يجعل الشركات الإيرانية، منافسة إقليميا"، مؤكدا وجود 250 طائرة مدنية تخدم في الأسطول حاليا، متوسط عمر كل واحدة منها 23 عاما، وهو ما يعني أنه أسطول متدهور وهو ما سمح لدول أخرى بمنافسة إيران إقليميا في هذا
وأضاف مؤذني أن الانتقادات لا تتعلق بعدم رغبة البعض بتجديد هذا الأسطول، بل على العكس، يجب بالفعل التركيز على الأمر، لكنْ في صفقة إيرباص أمور مبهمة وغير شفافة على حد تعبيره، وقال إن "الحكومة لم توضح كيف حصلت على المصادر المالية لتطبيق هذه الصفقة، ولم تتحدث عن تفاصيل عقدها، هناك تناقض في تصريحات مسؤوليها".
ورأى مؤذني أن هناك مأخذاً آخر، فالحكومة لا تبدي الاهتمام المطلوب بشركات الطيران الأخرى، وتسعى لتجديد أسطول شركة "هما" أو "إيران اير" بينما هناك ١٣ شركة طيران أخرى في الداخل الإيراني، وتسلم ما يزيد عن 200 طائرة من إيرباص أو بوينغ وحتى من شركة أي تي آر الإيطالية التي دار حديث عن عقد صفقة مشابهة معها، يعني تحسين وتجديد شركة واحدة أو اثنتين، وتآكل واختفاء الشركات الأخرى عن الساحة.
وعقدت إيران في يناير/كانون الثاني العام الماضي مؤتمراً استقبلت فيه مسؤولين تنفيذيين من شركات طيران إيرانية وأجنبية، أعلن حينها عن نية إيران شراء 114 طائرة من شركة إيرباص، وأكد المسؤولون في الحكومة رغبة بوينغ بعقد صفقة مماثلة.
وخلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي، عقد مساعدو وزراء خارجية السداسية الدولية وإيران اجتماعا على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، طالب خلاله الوفد الإيراني بتسريع تطبيق الاتفاق من قبل الطرف الغربي وإلغاء العقوبات بالكامل.
كما أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن وفد بلاده طالب الولايات المتحدة بتسريع الإجراءات لتطبيق صفقات بيع الطائرات، التي ما زالت البلاد تترقبها حتى الوقت الراهن.
وكشفت الحكومة الإيرانية أنها استقطبت نحو 11 مليارا و300 مليون دولار من الاستثمارات الأجنبية بعد الاتفاق النووي.
وقال وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي في إيران رضا صالحي، في تصريحات صحافية الأسبوع الماضي، إن "أكثر من 100 وفد أجنبي زاروا طهران بعد الاتفاق النووي".