لم يسلم من نظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، عدد من أعضاء الاتحاد العام لطلاب تونس، في ظل الاعتقالات والملاحقات التي عانوها أثناء الدراسة وبعد التخرج. وبعد حصول غالبية معارضي بن علي على عفو عام، انخرطوا في برنامج تشغيل مكّنهم من الحصول على وظائف في المؤسسات العامة والاندماج في المجتمع، إلا أن قدماء اتحاد طلاب تونس لم يحصلوا على الامتيازات نفسها على غرار المعارضين، على الرغم من تعرضهم للقمع، ليستمر نضالهم من أجل العمل والحصول على وظائف.
ونظّم قدماء الاتحاد اعتصامات وإضرابات في العديد من المناطق، مطالبين بحقهم في الحصول على وظائف عامة، وخصوصاً أولئك الذين تجاوزت أعمارهم الـ 35 عاماً. وكان تسعة شباب من قدامى الاتحاد قد أضربوا عن الطعام في 29 سبتمبر/أيلول عام 2014. وكان هؤلاء قد شاركوا في ثورة 14 يناير/كانون الثاني، وقادوا مسيرات مناهضة لنظام بن علي، ما أدى إلى اعتقالهم من قبل أمن الدولة. وتعرضوا للتعذيب النفسي والجسدي، لاتهامهم بالتآمر على أمن الدولة وإرباك النظام.
ويروي أحد هؤلاء الطلاب لـ"العربي الجديد" أنهم عانوا بسبب التعذيب والضرب والصعقات الكهربائية والحرق بالسجائر وغيرها من وسائل التعذيب. يضيف: "ما زلنا نعاني من مشاكل جسدية حتى اليوم. لم تنصفنا الحكومات المتعاقبة. ولم يحاسب الجناة ولا حصلنا على عمل، علماً أننا من أصحاب الشهادات العليا. ولم تساهم اتصالاتنا مع وزارتي العدل وحقوق الإنسان في التوصل إلى أي حل".
وبعد انسداد جميع الآفاق، رفعوا دعوى في المحكمة الابتدائية في تونس ضد الذين تورطوا في تعذيبهم. وعلى الرغم من إدراج أسمائهم ضمن قائمة جرحى الثورة التي أنشأتها لجنة تقصي الحقائق، لم يحصلوا على عمل حتى اليوم. وفي 16 مارس/آذار الماضي، اختارَ 186 شاباً من قدماء الاتحاد المفروزين أمنياً الدخول في اعتصام مفتوح، بينهم 24 شاباً أضربوا عن الطعام دفاعاً عن حقّهم في العمل.
تجدر الإشارة إلى أن المفروزين أمنياً هم أشخاص كتبت بحقهم تقارير أمنية خلال عهد بن علي. فهذا النظام كان يراقب كل معارضيه. واليوم، فإن معظم أبواب العمل في المؤسسات العامة مغلقة في وجوههم، علماً أن لدى بعضهم أطفالاً ويجب إعالتهم. لكنهم يعانون من تبعات التقارير السياسية التي حرمتهم من العمل.
في السياق، يقول أحد المشاركين في الاعتصام حاتم بن علي لـ "العربي الجديد" إن "المعتصمين دخلوا في اعتصام مفتوح منذ 16 مارس/آذار الماضي"، لافتاً إلى أن حال بعض المضربين عن الطعام حرجة جداً، ما استوجب نقلهم إلى المستشفى. ويوضح أن الجميع مصرّون على مواصلة الاعتصام إلى حين الاستجابة إلى مطالبهم وتسوية أوضاعهم، وخصوصاً أن هناك اتفاقاً مع الحكومة عقد في ديسمبر/كانون الأول عام 2014 وينصّ على دمجهم في الوظائف العامة بعد الاطلاع على ملفاتهم.
ويصل عدد قدماء الاتحاد الذين فرزوا أمنياً خلال النظام السابق إلى نحو 186 شخص، وفق اللجنة التي تكونت بعد الثورة بهدف إنصافهم. ونجحت اللجنة خلال حكومة مهدي جمعة في توقيع اتفاق يقضي بتحويل ملفاتهم من وزارة العدل وحقوق الإنسان إلى رئاسة الحكومة، لإيجاد الحلول المناسبة لهم. لكن ملفهم ما زال عالقاً حتى اليوم. لذلك، اختار عدد منهم الإضراب عن الطعام.
إلى ذلك، ساندت منظمات المجتمع المدني تحرّكات قدماء اتحاد طلاب تونس، على غرار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والاتحاد العام التونسي للشغل، بالإضافة إلى عدد من الجمعيات الحقوقية الأخرى. وطالبوا الحكومة بضرورة الاهتمام بالملف، لا سيما وقد تدهورت الحالة الصحية لبعضهم جراء الإضراب المتكرر عن الطعام.
ويؤكد النائب وليد جلاد أنه اتفق إثر لقاء بين وفد برلماني ورئيس الحكومة الحبيب الصيد على إنشاء لجنة لدراسة جميع حالات قدماء الاتحاد العام لطلاب تونس المفرزوين أمنياً.
وكان رئيس لجنة تنظيم الإضراب حافظ بن عمار، المضرب عن الطعام بدوره، قد أعلن أن اللجنة تعهدت بتسوية أوضاع المعنيين من خلال إلحاق جزء منهم بالقطاع العام، وإدماج آخرين في مؤسسات خاصة، ومنح قروض ميسرة لبعضهم بهدف إنجاز مشاريع خاصة.
إلا أن مجموعة من قدماء الاتحاد في محافظة بنزرت (شمال البلاد) أضربوا عن الطعام في 21 أبريل/نيسان، احتجاجاً على مماطلة الحكومة في الاستجابة إلى مطالبهم.