ويعد القرار الأخير فصلاً جديداً من سلسلة القرارات الصادرة عن حكومة النظام، والتي تهدف للتضييق على الشباب السوري الموجودين في مناطق سيطرة النظام، لمنعهم من الفرار من تأدية الخدمة العسكرية الإلزامية مع جيش النظام، وتضع طلاب الدراسات العليا في مصاف موظفي مؤسسات الدولة في سورية، والذين تشترط عليهم حكومة النظام أيضاً الحصول على إذن سفر للخروج من البلاد.
يقول وضاح الحسن، وهو لاجئ سوري في ألمانياً: "أعترف بأني أحد طلاب الماجستير الفارين من جامعة دمشق، في الواقع لم تكن دراسة الماجستير أحد خياراتي المستقبلية يوماً، لكني كغيري من الطلاب الشباب كنت مضطراً ومجبراً على العمل بجد للحصول على قبول وتسجيل في أي تخصص ماجستير قد يتاح لي بهدف تأجيل الخدمة الإلزامية في الجيش ريثما أتمكن من السفر خارج البلاد".
ويضيف: "بالنسبة لي ولمعظم زملائي في الدفعة كان القبول في الماجستير طريق النجاة الوحيد بالنسبة لنا للهروب من الخدمة الإلزامية، ومن المعروف أن مقاعد الماجستير محدودة جداً في الجامعات السورية ولا تتجاوز العشرة في معظم التخصصات، ندخلها من خلال نظام المفاضلة، أذكر أننا كنا نتفاوض مع زميلاتنا الطالبات لإقناعهن بالانسحاب من المفاضلة، فمن لا يحصل على تأجيل دراسي عليه أن يبحث عن طرق أخرى للهروب من البلاد، وهي طرق خطرة عبر التهريب وتجاوز الحدود، أو ينصاع للخدمة الإلزامية في جيش النظام".
ويردف الحسن: "يبحث الشباب السوريون دائماً عن مخارج للهرب من تضييق الحكومة، بات الأمر مثل لعبة القط والفأر. أعتقد أن هذا النوع من القرارات يفتح باب الرشى للمشرفين والعمداء، وبفضل هذا القرار ربما يتقاضى بعض المشرفين رشى مقابل السماح للطلاب بالسفر وبضمير مرتاح كونهم منحوهم فرصة لحياة أفضل".
ويرى معن، الذي يدرس الدكتوراه بالكيمياء في جامعة دمشق، أن "لجوء الشباب إلى التسجيل في الدراسات العليا للهروب من الخدمة الإلزامية يطرح مشكلة كبيرة في الجامعات السورية، فانقطاع الطلاب المفاجئ في منتصف العام الدراسي عن الدوام وسفرهم من سورية دون رجعة يضيع كافة الجهود المبذولة، منذ بداية العام، ويضيع البحث، ويكون المسافر قد قطع الطريق على غيره، في العديد من الماجستيرات تقوم الجامعة بإصدار مفاضلة ترميم في حالة انقطاع الطالب منذ بداية العام، لكن المشكلة في من ينقطعون في منتصف العام".
ويتابع: "المشكلة معقدة فعلاً فمن حق الطالب أن يكون له حرية السفر وتقرير المصير، في المقابل من المنطقي ألا تقبل إدارة الجامعة أن تكون مجرد بوابة لعبور كوادرها للخارج، أو أداة لتخليصهم من الخدمة العسكرية".
ويضيف: "للأسف معظم طلاب الدراسات العليا الذين أقابلهم اليوم منشغلون بالبحث عن فرصة للسفر أكثر من بحثهم الدراسي، خاصة أن ظروف طالب الدراسات باتت سيئة جداً، نتقاضى راتباً لا يتجاوز 80 دولاراً شهرياً بدوام كامل وأعمال إدارية ومراقبة امتحانات، أعتقد أنه من الأولى على إدارة مجلس التعليم تحسين فرص عمل وحياة طلاب الدراسات ومستقبلهم وتركهم لتقرير مستقبلهم بأنفسهم".