حوّل طفل في مدينة تعز (وسط اليمن) سيارة عائلته التي دمّرتها الحرب إلى متجر صغير ليعيل منه أسرته، في ظل عجز والده عن القيام بذلك لسوء الوضع المعيشي الذي وصل إليه معظم أولياء الأمور في البلاد.
ويقضي عز الدين الصبري (12 عاماً) نهاره في السيارة المتهالكة، ويبيع فيها بعض أصناف الشوكلاتة والبسكويت والحلويات والمقرمشات، لتأمين متطلبات الحياة الضرورية له ولأسرته من عائدات مشروعه المتواضع والذي يعدّ مصدر دخلهم الوحيد.
وتفاقمت عمالة الأطفال في اليمن خلال السنوات الأخيرة، مسجلة معدلات مرتفعة بسبب الفقر والبطالة والنزوح وتوقف الرواتب وفقدان الكثير من الأسر لمعيليها، حسب ناشطين حقوقيين، أشاروا إلى أن الأوضاع الراهنة دفعت قرابة 5 ملايين طفل إلى مزاولة أعمال مختلفة، بينهم ثلاثة ملايين تركوا مدارسهم.
وفقد معظم السكان في تعز مصادر رزقهم جراء الحرب والحصار الذي تطبقه جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) على المدينة منذ عام 2015، ما دفع بعض الأطفال إلى ابتكار أفكار مشاريع تسد رمقهم مع عائلاتهم، وصارت مصدر إلهام ومحط إعجاب الكثيرين.
في السياق، يقول الطفل عز الدين الصبري لـ"العربي الجديد" "جاءتني الفكرة في الوقت الذي ساء فيه وضعنا المعيشي جراء الحصار، والحرب التي أوقفت الرواتب والأعمال وقطعت أرزاق الناس، كما تسببت في عجز والدي عن إعالة العائلة، فتحملت المسؤولية وأنشأت هذا المشروع بمبلغ استدنته من أحد الجيران".
ويضيف "حوّلت سيارة والدي التي دمرتها الحرب إلى بقالة صغيرة، لأوفر لقمة العيش لعائلتي وبمعدل وجبتين غذائيتين في اليوم الواحد، وهذا الأمر جيد بالنسبة لنا".
و يحظى عز الدين بإعجاب أهالي المنطقة التي يستقبل منها الزبائن في محله بمنطقة صبر الموادم من مختلف القرى، والتي يصفونه فيها بالطفل المنقذ والوديع والمحبوب .
إلى ذلك، ينوه المواطن مصطفى عبد الله بمكانة الطفل عند الناس والوضع الجيد الذي آل إليه مع أسرته، لافتاً إلى الإقبال الكبير للزبائن على محله، و خصوصاً الأطفال.
وأجبرت الأوضاع، التي تمر بها البلاد للعام السادس على التوالي، الأطفال على ترك التعليم وتحمل مسؤولية إعالة أسرهم، وهو ما ذكره محمد علي، وهو أحد أهالي المنطقة.
وأشار إلى أنه "رغم الدمار والحصار ما زال الأطفال يبتكرون أشياء، ولو متواضعة، من أجل الحصول على لقمة العيش، كما يكافحون لأجلها".