سجّلت الحركة النسوية العربية منذ بداياتها في عشرينيات القرن الماضي في مصر، انحيازها المطلق للقضية الفلسطينية والاستقلال عن المستعمر، إضافة إلى انخراطها الكامل في كافة الحراكات الشعبية، حينها، التي تطالب بدولة دستورية مدنية تسودها العدالة الاجتماعية.
ربما لأجل تلك النشأة والأهداف عانت اتحادات المرأة ومناضلاتها القمع والإقصاء، سواء في الأنظمة الملكية التي تحالف معظمها مع قوى محافظة في المجتمع، أو في الأنظمة الجمهورية التي رفعت شعارات التقدّمية والتحرّر.
تواطأت العقلية الذكورية الوصائية في العالم العربي، فأغلقت المنظّمات النسائية أكثر من مرة في بلدان عدّة، كما تعرّضت الناشطات للاعتقال والتضييق لآرائهن السياسية تجاه شؤون داخلية أو تتعلّق بمواقف بلدانهن من قضايا إقليمية ودولية.
الأسوأ من ذلك كلّه تمثّل في اشتغال ماكينة السلطة العربية على الحطّ من قيمة رائدات العمل النسوي، واعتبارهن منقلبات على موروث المجتمع وتقاليده وحتى أخلاقه، فتُجتزأ نضالاتهن بموقف يصوّرهن عدوّات لمجتمعهن.
تختزل صورة هدى شعراوي مثلاً في دعوتها إلى نزع الحجاب، لتنزع من سياق عام ناضلت خلاله دفاعاً عن فلسطين وسيادة مصر وعدم التمييز ضد النساء في العمل والأجور والمشاركة في الحياة العامة، باعتبار حقوق المرأة طريقاً حتمية لتحرّر المجتمعات وتحديثها.