من مهندس كيميائي إلى هندسة العود، كيف هندس الموسيقي الأردني، طارق الجندي، هذا التناقض، وهو الذي يقول إن "فكرة الهندسة لم تكن خيارا لي، معدلي أهّلني لهذه الدراسة، وكنت "شاطر"، فالطب والهندسة صكوك غفران لدى المجتمع، أعزف منذ كان عمري 10 سنوات، وكنت رافضا دراسة الهندسة". ويضيف "حاولت في منتصف الطريق، في مسيرة تعلم الهندسة، أن أقطع الطريق وأدرس موسيقى، لكنني لم أستطع، إلا أنني كنت مصمما على قرار دراستي للموسيقى، وبمجرد انتهائي من الهندسة سوف أدرسها. بحثت عن بعثات تحقيقا لذلك، واستمرت دراستي في الهندسة ستة أعوام، إلا أنني كنت منشغلا بالتمرّن على العود، ثم درست بكالوريوس موسيقى وأنا عمري 25 عاما".
متى أول مرة ظهر فيها طارق الجندي على الأرض كفنانٍ؟
أول حفل قدمته على مسرح كان في عام 2001.
اسمك برز مع ولادة الحراك الشعبي الأردني، ولمع مع انتهاء مخاض هذه الولادة، أي مع ظهور حركة التغيير التي طرأت على المنطقة، أليس كذلك؟
أريد ان أنوه إلى أنني لم أكن متصلا بما فيه الكفاية بالساحة السياسية قبل هذه الولادة، لكنني أود أن أقول إنني كموسيقي من الطبيعي أن يكون لدي تراكم ثقافي، فطارق الموسيقي هو نتاج مثقف في النهاية، وأعتبر نفسي موسيقيا وليس آلاتيا، إذ إنني لست شخصا يمسك آلة ويعزف، أنا موسيقي لدي مواقفي، سواء السياسية أو غيرها، وأفكاري خليط من اليسارية والعلمانية، لكن في النهاية إذا أردت أن أصف نفسي، فأصف نفسي بأنني شخص إنساني. لا أعبر عن حزب أو تيار معين، بالعكس حتى موسيقاي تعبر عن قواسم مشتركة لمختلف الميول السياسية".
لديك لحن اسمه "هبة تشرين"، هل يعني أنك تأثرت بهذه الهبة؟
"أنا من الأشخاص الذين شاركوا في مظاهرات هبة تشرين، فأنا مواطن كأي مواطن ارتفعت عليه الأسعار، فنزلت إلى الشارع، ومؤمن بأنني قادر على التعبير عن رأيي بطريقة حضارية. وفي دوار الداخلية، حيث خرجت الهبة، هناك رأيت مشاهد في الشارع من شعب يدفع ثمن ما حدث، عندما أرى أن حالة الاقتصاد في تدهور تلاها ارتفاع في الأسعار تأثرت، فمثلا لم أستطع أن أعبئ سولارا في تلك الفترة، خصوصا أن مستوى دخلي بقي كما هو، بالتالي أجد نفسي أدفع ثمن سرقات وثمن فساد وفشل حكومات متتالية والشعب لا يستشار.
هل أنت مع الرأي القائل إن هبة تشرين فشلت؟ هل كنت معولا عليها؟
"هبة تشرين انطفأت بشكل غريب. نعم كنت أعول عليها بأن نتغير إلى الأفضل مثل العالم العربي الذي طالب بالتغيير نحو الأفضل. فنحن في النهاية شعوب مقهورة نشأت على استعمار وتربينا على "حط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس". هبة تشرين كانت اللحظة الأولى، حيث رأيت الناس تصرخ في الشوارع وتعبر عن مطالبها. لا أعرف تفاصيل فشلها، لكن أستطيع أن ألاحظ أنها كانت هبة حدثت في ثلاثة أيام عطلة، ويوم الأحد من كانوا في الشوارع عادوا إلى أعمالهم، والذي انضرب والذي هتف ارتدى بدلة وداوم وقرأ الصحف وانسحب، وأصبح ينظر إلى ما حدث من بعيد من منظور مشاهد. أما أنا فكنت أدافع عن رغيف الخبز، وكنت مع الإصلاح السياسي".
هل تعتبر نفسك فنان قضية؟
"أتجنب أن أركب على ظهر أي قضية سعيا للشهرة. وللأسف نحن نرى ذلك كثيرا، بمعنى أنني لست فنان ثورة، ولا من فناني القضايا الذين بمعنى أصح تاجروا بالقضايا وانعرفوا على حساب القضايا من فلسطين والعراق ومصر.. إلخ. مع احترامي لهم، لكنني لست فنان قضية بقدر ما أنا فنان إنساني أعبر عن نفسي، وما يحدث معي هو ما أعبر عنه".
عندما تريد أن تؤلف مقطوعة عن غزة أو سورية مثلا، هل ترتدي ثوب طفلة غزية أو سورية تلعب، وفي لمح البصر وفي لحظة قصف تتحول إلى أشلاء؟
"لسنا بحاجة لأن نرتدي شيئا، فنحن نرتديها في الأصل، ونحن موجودون في ظروف تؤثر علينا، ولا أشاهد النكبة السورية أو الفلسطينية عبر الشاشات فقط، بل نعيشها في بلدنا في مخيم الزعتري للاجئين السوريين مثلا، وفي وجداننا نستشعر أثرها، والواجبات المطلوبة منا جزء من إنسانيتنا وانتمائنا إلى القضايا العادلة.
ما سر علاقة الحب التي تربط طارق الجندي بالأطفال؟
تجاربي مع الأطفال يوميا أعتبرها مسؤولية اجتماعية، وإن أردنا أن نغير في هذا المجتمع ولو 2%، ولو بعد عشرات السنين، فالتربية وعلاقتنا بالأجيال الصاعدة هي أساس زرع بذرة مناهضة الظلم والجور.
"ملوخياتك وع الجسر" بماذا تذكرك هذه العبارة؟
هذه أول صفعة أتعرض لها، شعرت أنني أردني في كل العالم إلا في بلدي، المؤلم أنني لم أكن أنتظر موقفا تافها ينم عن سلوك فردي حتى أصبح معروفا، نعم بالفعل هذه أول صفعة لكنني كطارق لم أتاُثر وأفكر بالهروب من الأردن مثلا لأن مشروع وحبي لهذه البلد أنبل من سلوكيات فردية تزاود علي في الوطنية ولن أحكم على بلد بسبب هذه التصرفات، ولا أخفيك أن هذه الفترة كانت أسوأ فترة في حياتي اذ بين ليلة وضحاها أصبحت ناشطا سياسيا وناشطا حقوقيا، أنا لا أريد هذه الأجواء أريد أن أتمرن وأؤلف موسيقى.
بمن تأثرت من الموسيقيين؟
أتأثر بجميع الموسيقيين.. من كل بستان موسيقي تأثرت بزهرة، فالموسيقى الكلاسيكية عندما درستها، تأثرت بالباروك ميوزك وبالباخ موتزارت، هايدل، بيتهوفن، تشايكوسفكي، وتأثرت بالموسيقى الروسية والقومية، والموسيقى العرقية موسيقى الشام ولبنان وفلسطين والأردن، وتأثرت بمؤلفين موسيقيين عرب وعثمانيين بالمدرسة العراقية.. جميعهم تأثرت بهم. تأثرت بكتاب وشعراء مثل ميلاند كونديرا وغابريل ماركيز ومحمود درويش ومريد البرغوثي والحلاج وجلال الدين الرومي، تأثرت بمواقف أيضا "إذا بدك تألف اطلع عيش".
فمثلا عندما ألفت مقطوعة "طفل الفلافل" تأثرت بمشهد لطفل يأكل سندويش فلافل جالس على كرسي في شارع الجامعة في محافظة إربد التي عشت فيها أربعة أعوام، إربد أثرت في حياتي كثيرا. حرصت على العيش في جو قروي، وأصدقائي من القرى، لم أكن من طلاب "تكتلات عمان". كنت أقطف المرار "هل تعرفين ما يعني المرار؟" هي خضار شبيهة بالخيار، أشاهد نهر اليرموك من القرى هناك لحظات جميلة عشتها في إربد.
(الأردن)
متى أول مرة ظهر فيها طارق الجندي على الأرض كفنانٍ؟
أول حفل قدمته على مسرح كان في عام 2001.
اسمك برز مع ولادة الحراك الشعبي الأردني، ولمع مع انتهاء مخاض هذه الولادة، أي مع ظهور حركة التغيير التي طرأت على المنطقة، أليس كذلك؟
أريد ان أنوه إلى أنني لم أكن متصلا بما فيه الكفاية بالساحة السياسية قبل هذه الولادة، لكنني أود أن أقول إنني كموسيقي من الطبيعي أن يكون لدي تراكم ثقافي، فطارق الموسيقي هو نتاج مثقف في النهاية، وأعتبر نفسي موسيقيا وليس آلاتيا، إذ إنني لست شخصا يمسك آلة ويعزف، أنا موسيقي لدي مواقفي، سواء السياسية أو غيرها، وأفكاري خليط من اليسارية والعلمانية، لكن في النهاية إذا أردت أن أصف نفسي، فأصف نفسي بأنني شخص إنساني. لا أعبر عن حزب أو تيار معين، بالعكس حتى موسيقاي تعبر عن قواسم مشتركة لمختلف الميول السياسية".
لديك لحن اسمه "هبة تشرين"، هل يعني أنك تأثرت بهذه الهبة؟
"أنا من الأشخاص الذين شاركوا في مظاهرات هبة تشرين، فأنا مواطن كأي مواطن ارتفعت عليه الأسعار، فنزلت إلى الشارع، ومؤمن بأنني قادر على التعبير عن رأيي بطريقة حضارية. وفي دوار الداخلية، حيث خرجت الهبة، هناك رأيت مشاهد في الشارع من شعب يدفع ثمن ما حدث، عندما أرى أن حالة الاقتصاد في تدهور تلاها ارتفاع في الأسعار تأثرت، فمثلا لم أستطع أن أعبئ سولارا في تلك الفترة، خصوصا أن مستوى دخلي بقي كما هو، بالتالي أجد نفسي أدفع ثمن سرقات وثمن فساد وفشل حكومات متتالية والشعب لا يستشار.
هل أنت مع الرأي القائل إن هبة تشرين فشلت؟ هل كنت معولا عليها؟
"هبة تشرين انطفأت بشكل غريب. نعم كنت أعول عليها بأن نتغير إلى الأفضل مثل العالم العربي الذي طالب بالتغيير نحو الأفضل. فنحن في النهاية شعوب مقهورة نشأت على استعمار وتربينا على "حط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس". هبة تشرين كانت اللحظة الأولى، حيث رأيت الناس تصرخ في الشوارع وتعبر عن مطالبها. لا أعرف تفاصيل فشلها، لكن أستطيع أن ألاحظ أنها كانت هبة حدثت في ثلاثة أيام عطلة، ويوم الأحد من كانوا في الشوارع عادوا إلى أعمالهم، والذي انضرب والذي هتف ارتدى بدلة وداوم وقرأ الصحف وانسحب، وأصبح ينظر إلى ما حدث من بعيد من منظور مشاهد. أما أنا فكنت أدافع عن رغيف الخبز، وكنت مع الإصلاح السياسي".
هل تعتبر نفسك فنان قضية؟
"أتجنب أن أركب على ظهر أي قضية سعيا للشهرة. وللأسف نحن نرى ذلك كثيرا، بمعنى أنني لست فنان ثورة، ولا من فناني القضايا الذين بمعنى أصح تاجروا بالقضايا وانعرفوا على حساب القضايا من فلسطين والعراق ومصر.. إلخ. مع احترامي لهم، لكنني لست فنان قضية بقدر ما أنا فنان إنساني أعبر عن نفسي، وما يحدث معي هو ما أعبر عنه".
عندما تريد أن تؤلف مقطوعة عن غزة أو سورية مثلا، هل ترتدي ثوب طفلة غزية أو سورية تلعب، وفي لمح البصر وفي لحظة قصف تتحول إلى أشلاء؟
"لسنا بحاجة لأن نرتدي شيئا، فنحن نرتديها في الأصل، ونحن موجودون في ظروف تؤثر علينا، ولا أشاهد النكبة السورية أو الفلسطينية عبر الشاشات فقط، بل نعيشها في بلدنا في مخيم الزعتري للاجئين السوريين مثلا، وفي وجداننا نستشعر أثرها، والواجبات المطلوبة منا جزء من إنسانيتنا وانتمائنا إلى القضايا العادلة.
ما سر علاقة الحب التي تربط طارق الجندي بالأطفال؟
تجاربي مع الأطفال يوميا أعتبرها مسؤولية اجتماعية، وإن أردنا أن نغير في هذا المجتمع ولو 2%، ولو بعد عشرات السنين، فالتربية وعلاقتنا بالأجيال الصاعدة هي أساس زرع بذرة مناهضة الظلم والجور.
"ملوخياتك وع الجسر" بماذا تذكرك هذه العبارة؟
هذه أول صفعة أتعرض لها، شعرت أنني أردني في كل العالم إلا في بلدي، المؤلم أنني لم أكن أنتظر موقفا تافها ينم عن سلوك فردي حتى أصبح معروفا، نعم بالفعل هذه أول صفعة لكنني كطارق لم أتاُثر وأفكر بالهروب من الأردن مثلا لأن مشروع وحبي لهذه البلد أنبل من سلوكيات فردية تزاود علي في الوطنية ولن أحكم على بلد بسبب هذه التصرفات، ولا أخفيك أن هذه الفترة كانت أسوأ فترة في حياتي اذ بين ليلة وضحاها أصبحت ناشطا سياسيا وناشطا حقوقيا، أنا لا أريد هذه الأجواء أريد أن أتمرن وأؤلف موسيقى.
بمن تأثرت من الموسيقيين؟
أتأثر بجميع الموسيقيين.. من كل بستان موسيقي تأثرت بزهرة، فالموسيقى الكلاسيكية عندما درستها، تأثرت بالباروك ميوزك وبالباخ موتزارت، هايدل، بيتهوفن، تشايكوسفكي، وتأثرت بالموسيقى الروسية والقومية، والموسيقى العرقية موسيقى الشام ولبنان وفلسطين والأردن، وتأثرت بمؤلفين موسيقيين عرب وعثمانيين بالمدرسة العراقية.. جميعهم تأثرت بهم. تأثرت بكتاب وشعراء مثل ميلاند كونديرا وغابريل ماركيز ومحمود درويش ومريد البرغوثي والحلاج وجلال الدين الرومي، تأثرت بمواقف أيضا "إذا بدك تألف اطلع عيش".
فمثلا عندما ألفت مقطوعة "طفل الفلافل" تأثرت بمشهد لطفل يأكل سندويش فلافل جالس على كرسي في شارع الجامعة في محافظة إربد التي عشت فيها أربعة أعوام، إربد أثرت في حياتي كثيرا. حرصت على العيش في جو قروي، وأصدقائي من القرى، لم أكن من طلاب "تكتلات عمان". كنت أقطف المرار "هل تعرفين ما يعني المرار؟" هي خضار شبيهة بالخيار، أشاهد نهر اليرموك من القرى هناك لحظات جميلة عشتها في إربد.
(الأردن)