حينما نسأل عن: "كيف نضع خطة لاستذكار دروسنا"؟ فإن الإجابة المختصرة هي أننا لا نفعل، نعم، نحن نحاول فقط، لكن تلك المحاولات هي ما ننشده بالفعل وليس الخطة نفسها، وذلك لأن تحقيق هدفنا بالنجاح في الامتحانات لا يبدأ إلا بالوضوح، والوضوح يعني أن نتعرف جيدًا إلى العناصر المطلوبة في حل تلك المشكلة، وهذه العناصر بالأساس هي المنهج الدراسي نفسه، الوقت، وطبيعة المنهج الدراسي.
لنبدأ بالوقت، ويمثل العامل الرئيس في وضع خطة للاستذكار، في كل يوم هناك فقط فترتان رئيسيتان تصلحان للاستذكار، الأولى هي فترة الليل، وتمتد من الحادية عشرة ليلًا، بداية هدوء الشوارع ونوم كل أفراد المنزل لتبقى وحيدًا، وحتى السادسة صباحًا، أما الفترة الثانية فتبدأ – على العكس – من الخامسة صباحًا، وتنتهي قبل الظهر، وهي كذلك فترة هدوء حيث يذهب الجميع للعمل، اختر ما شئت منهما حسب مناسبتها لنظام يومك.
الهدف الرئيسي هنا هو الهدوء، ولا استذكار بدون تركيز، ولا أفهم كثيرًا كيف يستطيع البعض استذكار دروسه بوجود صوت في الخلفية، لكن لتركيز أفضل تحتاج شيئين، الهدوء، أولًا، ثم الاستمرار لفترة طويلة مع نفس الشيء، يطوّر ذلك كثيرًا من قدراتك على هضم المادة فتكون الساعة الأخيرة بقيمة عدة ساعات سابقة، ولهذا فإن هاتين الفترتين الرئيسيتين تمتد الواحدة منهما لحوالي سبع ساعات، ضع فيها كل جهدك وانعزل عن العالم.
بعد ذلك تظهر الفترات الجزئية، والتي تحمل أهمية شديدة لكن يمكن استغلالها لوظائف أخرى، كحضور الدرس، حل الامتحانات والتمارين، أو إعادة استذكار نفس الجزء لفترة إضافية، وكنت أقسمها حسب مواعيد أذان الصلاة، فتمتد الأولى من الظهر إلى العصر، والثانية من العصر إلى المغرب، وكلاهما يحمل ما يساوي في الغالب ساعتين ونصف، يفصل بين كل فترة والتي تليها ساعة كاملة، ولا يتخلل الفترة الواحدة سواء كانت أساسية أو فرعية أكثر من خمس دقائق هنا أو هناك.
كلما اقتربت الامتحانات أصبح تنفيذ تلك الخطة حرفيًا أكثر أهمية، أعرف جيدًا أن هناك نصائح جمة بالاستذكار من 30-50 دقيقة ثم الراحة لمدة 10 دقائق وإعادة الدورة، لكن ذلك لا يحدث ولا يطبقه أحد، ما إن تخرج من الحجرة حتى ينتهي كل شيء، لذلك فخذ حذرك، واستغل أوقات تضطر فيها لفعل شيء آخر (كالخروج لشراء شيء ما مثلا) من أجل تغيير الأجواء، أما غير ذلك فلا تسمح لنفسك بأي خرق.
دعنا الآن نتحدث عن الخطط، كلنا نضع خططا ونفشل فيها، وذلك محبط، لكن دعنا نبدأ بتوضيح أن الواحد منّا يخطئ في توقعاته عن نفسه، فيتصور أنه أفضل وأقوى ذاكرة وأكثر ذكاءً مما هو عليه، إضافة إلى ذلك فنحن نحس الزمن بشكل مجرد، فنقول إنه مازالت لدينا ست ساعات كاملة لآداء هذه المهمة وهذا ممكن، لكننا ننسى أننا خلال تلك الفترة سوف نقوم بآداء وظائف أخرى صغيرة، لوهلة لا نلتفت لها لأنها مهام صغيرة، لكن مجموعها يكون كبيرًا.
لتلك الأسباب السابقة نميل إلى التفاؤل في توقعاتنا ونقوم بتكديس مهام كثيرة في نطاقات زمنية قصيرة ظنًا منّا أنه يمكن تحقيقها بسهولة في تلك الفترة، هنا أود أن أقدم لك خطة فعالة نجحت معي كثيرًا وأسمّيها "اقسم على ثلاثة"، ضع توقعاتك وقسّم منهجك إلى أجزاء، وتوقع ما يمكن أن تذاكره في الفترة القادمة، ثم اقسم على ثلاثة، أي توقع أنك لن تحقق إلا فقط ثلث ما تتوقعه عن ذاتك، يفيد ذلك كثيرًا في تقليل نسب الإحباط.
أخيرًا نصل إلى جزء نقرأ عنه كثيرًا لكننا لا نفهم هدفه، إنه الموعد النهائي لاستذكار فصل أو جزء ما من المنهج، ليكن في الغد عند الرابعة عصرًا مثلًا، ما يحدث هو أننا غالبًا ما نتخطّى ذلك الموعد، لكن تلك ليست مشكلة، الفكرة فقط أن تلك المواعيد النهائية تعمل كمنبه داخلّي يذكرنا بشكل دائم أنه يجب أن نتم مهامنا بأسرع وقت ممكن.
الفكرة إذن هي ببساطة "ضع خطة وافشل فيها"، لا مشكلة، قسم خطتك إلى قوائم واكتبها على ورقة بوضوح شديد، ذلك الجزء المتعلق بكتابة الخطة على ورقة مهم للغاية، لكن الهدف من أهميته ليس أن تلتزم بالخطة، نحن لا نلتزم بكل الخطط للأسف، ولكن الهدف هو وضوح الرؤية، وخط السير الذي سوف نتّبعه.