يشكل الشباب نسبة 80 في المائة من العاطلين من العمل في السعودية، وفق تقديرات رسمية. في حين يؤكد خبراء أن نسبة الشباب العاطل من العمل أكثر من 30 في المائة من مجمل السعوديين، غالبيتهم من حملة الشهادات الجامعية وما فوق الثانوية.
وأرجعت دراسة عن أسباب البطالة في أوساط الشباب السعودي، أعدها المركز الوطني لأبحاث الشباب، الأمر إلى نقص التوافق بين تأهيل الطلاب وحاجات سوق العمل. كما بينت أن 24 في المائة من الشباب يعتقدون أن سوق العمل غير مرن، في حين يعتبر 71 في المائة منهم أن العلّة تكمن في التعليم الذي يتلقونه، والذي يحدث فجوة كبيرة بين سوق العمل والتأهيل.
وينضم خريجو التعليم المهني للعاطلين من العمل، وهو يخرج سنويا نحو 28 ألف طالب، لأن أصحاب العمل يفضلون عليهم العمالة الأجنبية الأكثر خبرة والأقل سعراً، المستعدة للعمل ساعات أطول.
ونشطت خلال الأيام الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي حملة "أنا أولى" تهدف لكشف الشركات التي تفضل في إعلاناتها غير السعوديين في وظائف يملك الكثير من السعوديون القدرة على القيام بها.
وبحسب أرقام وزارة العمل، يصل عدد السعوديين العاطلين من العمل 657 ألفا. غير أن خبراء مستقلين أكدوا أن العدد أكبر من ذلك بكثير، مستدلين بالتقرير السنوي الأخير لهيئة الإحصاء، الذي أشار إلى أن عدد السعوديين خارج سوق العمل يتجاوز الثلاثة ملايين غالبيتهم من الشباب والنساء.
تؤكد مجموعة من الشباب أن الحصول على وظيفة بات أمراً بالغ الصعوبة، خاصة وأن شهاداتهم غير مطلوبة، مشيرين إلى تفضيل الأجنبي للعمل لاعتقاد أصحاب العمل أنهم أقدر من السعوديين حتى وإن كانوا حديثي التخرج.
ويقول حمد البريك (26 عاماً) إنه يبحث منذ أربع سنوات عن عمل يناسب تخصصه في الهندسة الميكانيكية ولكنه يفاجأ بالأبواب المغلقة. وأوضح لـ"العربي الجديد": "الحجة في أي وظيفة أتقدم لها هي أن تخصصي غير كاف، وتعليمي لم يؤهلني للعمل، وفي المقابل يوظفون العشرات من غير السعوديين بتخصصات أقل بحجة أنهم أقدر منّا على العمل، ولكن في الحقيقة لأن رواتبهم أقل".
ينطبق الأمر على النساء، فأكثر من ثلث السعوديات يبحثن عن عمل بلا جدوى، والسبب كما تقول نورة الموسى (23 عاماً) هو ضعف التعليم وعدم ملاءمته لسوق العمل. وتضيف لـ"العربي الجديد": "لا مجال للمرأة السعودية إلا العمل في التعليم أو الصحة ومجالات محدودة جداً، ولهذا تتضاعف أعداد العاطلات من العمل، لأن سوق العمل لا يحتاج لهن".
وتتابع: "تنازلت آلاف السعوديات عن شهاداتهن، ورضين العمل في محلات بيع الملابس النسائية أو محاسبة الصندوق في المحلات، برواتب لا تتجاوز ألف دولار شهريا".
الواقع يصعب أكثر بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة في المهن التي تحتاج لمهارات خاصة. فوزي البشير (30 عاماً) أكد لـ"العربي الجديد" أن التأهيل الذي يحصل عليه ذوو الاحتياجات الخاصة ضعيف جداً. وأضاف: "على الرغم من قرارات وزارة التجارة التي تحث الشركات على توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة، فإن أكثر من 70 في المائة منهم يعانون من البطالة، فغالبيتهم بلا مهارات عمل مناسبة".
تعترف مديرة القسم النسائي بصندوق تنمية الموارد البشرية نوف الكثيري بأن أبرز مشاكل فرص العمل: "تتمثل في ضعف المؤهلات التعليمية للراغبين في فرص العمل، وهي حال نحو 80 في المائة من الراغبين في العمل".
ويشدد الكاتب والمختص في سوق العمل محمد العنقري على أن 44 في المائة من العاطلين من العمل يحملون مؤهلات ما فوق الثانوية، إما جامعية أو مهنية. ويقول: "هذا يعني أن القطاعات التي تنتج وظائف تتطلب تأهيلاً عالياً وتعطي استقراراً وظيفياً ودخلاً جيداً ما زال نموها وتأثيرها محدوداً، كالصناعة وبعض القطاعات الخدمية الرئيسة".