يعيش السوريون في أوروبا تحت سطوة قوانين دول اللجوء على حياتهم، لكنّهم يحاولون الحفاظ على ما يحملون من عادات وتقاليد وأعراف بطرق مختلفة
الاختلاف الثقافي الكبير وعدم الاندماج التام بالإضافة إلى حالة عدم الاستقرار التي يعيشها كثير من السوريين في دول اللجوء الأوروبية تدفعهم إلى التمسك بعاداتهم الأصلية، ولو كانت تخالف القوانين في تلك الدول. وبذلك، يلجأ بعضهم إلى التحايل على القانون لتطبيقها، إذ يحاولون خلق توازن بين عادات المجتمع السوري والقوانين الأوروبية.
في سورية تحضيرات كبيرة للزواج، كتأمين المنزل وشراء الحليّ والذهب وملابس العروس وتنظيم الحفلات، وهي تكون بسيطة أو معقدة تبعاً لعادات المنطقة الجغرافية والوضع المادي والطبقة الاجتماعية ومدى تمسك العروسين وأسرتيهما بالعادات، لكنّها تشترك بأمرين لا غنى عنهما؛ الأول هو الغطاء الشرعي والذي تتولى تأمينه المؤسسة الدينية ممثلة بالشيخ أو من يتولى عمله، والثاني هو عقد الزواج الذي ينظم في المحكمة التابعة لوزارة العدل الحكومية، والذي يعتبر المعادل لعقد الزواج المدني في بقية دول العالم، ويعقده القاضي الشرعي الذي يستمد أحكامه من الإسلام أو المسيحية.
أما حالات الطلاق فلا تلقى تشجيعاً كبيراً في المجتمع السوري، وهو ما يصل إلى حدّ التحريم لدى بعض الطوائف المسيحية، وقد جرت العادة على تدخل المقربين من الزوجين لمحاولة التوفيق بينهما، وفي بعض الأحيان يتدخل رجال الدين ووجهاء من المنطقة لمحاولة حلّ المشاكل وتذليلها. وفي حال حدوث الطلاق، تتولى المحاكم توثيق الأمر وضمان حقوق الزوجة والأطفال وفقاً لما جاء في عقد الزواج وفقاً للقوانين المطبقة المدنية المستمدة من الإسلام والمسيحية.
يعتبر الزواج بحسب القانون الألماني مدنياً، ويمنع في العقد تدوين أي نص قانوني مستمد من الأديان، ويحظر تدوين المهور والمقدم والمؤخر، لذلك يقوم كثير من السوريين المسلمين بإعداد عقدي زواج أحدهما رسمي في الدوائر الأوروبية، والآخر غير رسمي وغير معترف به قانونياً عند أحد المشايخ أو في المراكز الدينية، ينصّ على الالتزامات المالية كمقدم العروس قبل الزواج، والمؤخر الذي يسلم للزوجة في حال الطلاق. وغالباً ما يتم تسليم المبالغ المالية باليد لأهل الزوجة أو لها شخصياً، من دون عمليات تحويل مصرفي.
يقول حسان بكوش (35 عاماً) الذي تزوج مؤخراً لـ"العربي الجديد": "المقدم يعطى نقداً باليد أو يشترى به الحليّ كالذهب في ألمانيا، لأنّ غالبية الشباب السوريين في بداية طريقهم هنا. البعض يضطرون إلى العمل في الأسود (بشكل غير شرعي) لجمع التكاليف، وفي حال انكشاف الأمر، فإنّ الحكومة الألمانية ستوقف المساعدات ويتعرض الشاب للعقوبة". ويتابع: "يتعجب الألمان من المقدم والمؤخر، إذ يعتبرونه إهانة للمرأة. ألمانيات كثيرات يستشطن غضباً عند سماع هذه العادات، لأنّهن يعتبرن الأمر نوعاً من المتاجرة بالمرأة، وهو ما يعارض حقوق الإنسان في ظل قوانين تكفل حقوق الجميع ذكوراً وإناثاً. مع ذلك، تتمسك السوريات وأهلهن بهذا الجانب ويعتبرونه أساسياً للقبول بالشاب".
اقــرأ أيضاً
مع تزايد حالات الطلاق بين اللاجئين السوريين، يواجه المتمسكون بعاداتهم عقبات قانونية واجتماعية تشكل حاجزاً يتطلب كسره أو الالتفاف عليه. وقد تهرب العديد من الواصلين إلى عدد من الدول الأوروبية مع زوجاتهم من تسجيل عقد الزواج لدى الدوائر الرسمية خوفاً من الالتزامات القانونية. ففي ألمانيا، على سبيل المثال، يتوجب على الزوج وفق القانون المحلي، في حال كان الوحيد الذي يعمل، دفع مبلغ مالي شهرياً لمدة محددة لتأمين حياة الزوجة في حال كانت عاطلة من العمل، أما عندما يكون الزوج عاطلاً من العمل، فتقتطع الدوائر الرسمية الألمانية جزءاً من تعويض البطالة وتدفع الباقي منها لتأمين تكاليف حياة المطلقة، وتفضل غالبية السوريات الطلاق بموجب القانون الألماني لأنّه يتكفل بحياة المطلقة.
تقول ندى جيرودي (43 عاماً)، وهي سورية مقيمة في مدينة لايبزيغ، شرق ألمانيا، لـ"العربي الجديد": "تفضل السوريات الطلاق وفقاً للقانون الألماني، لأنّه يؤمن حمايتها من جميع النواحي، ويخصص مبالغ مالية يتوجب على الزوج دفعها، أما إذا تم الطلاق بموجب القانون السوري، فستحصل على المؤخر، ومهما بلغت قيمته، لا يؤمن تكاليف حياتها لعدة أشهر".
تحترم الدوائر الحكومية الألمانية المختصة عقود الزواج وإجراءات الطلاق الشرعية، لكنّها لا تعتبرها نصوصاً قانونية كافية يؤخذ بها، وبنتيجة عزوف الكثير من السوريين عن كتابة عقود الزواج الشرعية، أصدر المجلس الإسلامي السوري بياناً يذكر بضرورة وجود عقد زواج شرعي، وأوراق طلاق صادرة عن مرجعية إسلامية في بلدان الاغتراب، وهي غالباً ما تتواجد في المراكز الإسلامية التي تضم مساجد ومدارس لتحفيظ القرآن وتلقين الأمور الدينية، مع عدم ممانعة وجود عقد مدني لتسيير الأمور القانونية وفق قانون كلّ بلد.
يقول المحامي السوري أحمد الويس المقيم في ألمانيا: "من الضروري عقد القران في البلدية التابعة لمكان سكن اللاجئين. من وجهة نظري، فإنّ تطبيق ما يقوم به الألمان في إجراءات الزواج، هو التصرف الأفضل والذي يضمن حقوق الطرفين وحقوق أولادهما مستقبلاً". يضيف: "يمكن أن يتم الزواج وفقاً للشريعة الإسلامية كإجراء إضافي وليس شرطاً لكتابة عقد الزواج، أن يكتبه أحد المشايخ، ويمكن لأيّ شخص مسلم أن يدوّنه بحضور شاهدين يحققان شروط الأهلية والعمر".
إلى ذلك "يحتاج اللاجئ السوري لعامين على أقل تقدير للحصول على الإقامة، وعامين بالحد الأدنى لتعلم اللغة، وبعدها يبدأ بالبحث عن عمل. خلال هذه الفترة لا يستطيع الزواج، وحين يستطيع لا يجد بسهولة شريكة حياة" بحسب أحمد طبالي المقيم في فرانكفورت. يقول لـ"العربي الجديد": "حين تجد فتاة سورية مناسبة تصطدم بارتفاع المهور وشروط أهل العروس المعقدة، كفرش البيت والمقدم وشهر العسل، وتصل الأمور في بعض الأحيان إلى طلب الأهل تقديم تعويض اللجوء الشهري الخاص بالزوجة لأهلها، بدلاً من استفادتها وزوجها منه. لم نعد في سورية حتى يتمسك الناس بهذه الأمور، ولا يمكننا العيش هنا وهناك". يضيف: "إن بقيت الحال على ما هي عليه سيستحيل على كثيرين الزواج بفتاة سورية في ألمانيا".
اقــرأ أيضاً
غلاء مهور في ألمانيا
يقول المحامي السوري أحمد الويس، المقيم في ألمانيا، حول غلاء مهور السوريات هناك: "مسألة قائمة لكنّها ليست كبيرة الحجم كما تصور في وسائل التواصل الاجتماعي. من خلال متابعتي كثيراً من الحالات، لاحظت أنّ الأمر مرتبط بعادات وتقاليد كلّ منطقة سورية جاء منها اللاجئ، فكما في سورية غلاء مهور في حلب ودمشق انتقل معهم التقليد إلى ألمانيا".
الاختلاف الثقافي الكبير وعدم الاندماج التام بالإضافة إلى حالة عدم الاستقرار التي يعيشها كثير من السوريين في دول اللجوء الأوروبية تدفعهم إلى التمسك بعاداتهم الأصلية، ولو كانت تخالف القوانين في تلك الدول. وبذلك، يلجأ بعضهم إلى التحايل على القانون لتطبيقها، إذ يحاولون خلق توازن بين عادات المجتمع السوري والقوانين الأوروبية.
في سورية تحضيرات كبيرة للزواج، كتأمين المنزل وشراء الحليّ والذهب وملابس العروس وتنظيم الحفلات، وهي تكون بسيطة أو معقدة تبعاً لعادات المنطقة الجغرافية والوضع المادي والطبقة الاجتماعية ومدى تمسك العروسين وأسرتيهما بالعادات، لكنّها تشترك بأمرين لا غنى عنهما؛ الأول هو الغطاء الشرعي والذي تتولى تأمينه المؤسسة الدينية ممثلة بالشيخ أو من يتولى عمله، والثاني هو عقد الزواج الذي ينظم في المحكمة التابعة لوزارة العدل الحكومية، والذي يعتبر المعادل لعقد الزواج المدني في بقية دول العالم، ويعقده القاضي الشرعي الذي يستمد أحكامه من الإسلام أو المسيحية.
أما حالات الطلاق فلا تلقى تشجيعاً كبيراً في المجتمع السوري، وهو ما يصل إلى حدّ التحريم لدى بعض الطوائف المسيحية، وقد جرت العادة على تدخل المقربين من الزوجين لمحاولة التوفيق بينهما، وفي بعض الأحيان يتدخل رجال الدين ووجهاء من المنطقة لمحاولة حلّ المشاكل وتذليلها. وفي حال حدوث الطلاق، تتولى المحاكم توثيق الأمر وضمان حقوق الزوجة والأطفال وفقاً لما جاء في عقد الزواج وفقاً للقوانين المطبقة المدنية المستمدة من الإسلام والمسيحية.
يعتبر الزواج بحسب القانون الألماني مدنياً، ويمنع في العقد تدوين أي نص قانوني مستمد من الأديان، ويحظر تدوين المهور والمقدم والمؤخر، لذلك يقوم كثير من السوريين المسلمين بإعداد عقدي زواج أحدهما رسمي في الدوائر الأوروبية، والآخر غير رسمي وغير معترف به قانونياً عند أحد المشايخ أو في المراكز الدينية، ينصّ على الالتزامات المالية كمقدم العروس قبل الزواج، والمؤخر الذي يسلم للزوجة في حال الطلاق. وغالباً ما يتم تسليم المبالغ المالية باليد لأهل الزوجة أو لها شخصياً، من دون عمليات تحويل مصرفي.
يقول حسان بكوش (35 عاماً) الذي تزوج مؤخراً لـ"العربي الجديد": "المقدم يعطى نقداً باليد أو يشترى به الحليّ كالذهب في ألمانيا، لأنّ غالبية الشباب السوريين في بداية طريقهم هنا. البعض يضطرون إلى العمل في الأسود (بشكل غير شرعي) لجمع التكاليف، وفي حال انكشاف الأمر، فإنّ الحكومة الألمانية ستوقف المساعدات ويتعرض الشاب للعقوبة". ويتابع: "يتعجب الألمان من المقدم والمؤخر، إذ يعتبرونه إهانة للمرأة. ألمانيات كثيرات يستشطن غضباً عند سماع هذه العادات، لأنّهن يعتبرن الأمر نوعاً من المتاجرة بالمرأة، وهو ما يعارض حقوق الإنسان في ظل قوانين تكفل حقوق الجميع ذكوراً وإناثاً. مع ذلك، تتمسك السوريات وأهلهن بهذا الجانب ويعتبرونه أساسياً للقبول بالشاب".
تقول ندى جيرودي (43 عاماً)، وهي سورية مقيمة في مدينة لايبزيغ، شرق ألمانيا، لـ"العربي الجديد": "تفضل السوريات الطلاق وفقاً للقانون الألماني، لأنّه يؤمن حمايتها من جميع النواحي، ويخصص مبالغ مالية يتوجب على الزوج دفعها، أما إذا تم الطلاق بموجب القانون السوري، فستحصل على المؤخر، ومهما بلغت قيمته، لا يؤمن تكاليف حياتها لعدة أشهر".
تحترم الدوائر الحكومية الألمانية المختصة عقود الزواج وإجراءات الطلاق الشرعية، لكنّها لا تعتبرها نصوصاً قانونية كافية يؤخذ بها، وبنتيجة عزوف الكثير من السوريين عن كتابة عقود الزواج الشرعية، أصدر المجلس الإسلامي السوري بياناً يذكر بضرورة وجود عقد زواج شرعي، وأوراق طلاق صادرة عن مرجعية إسلامية في بلدان الاغتراب، وهي غالباً ما تتواجد في المراكز الإسلامية التي تضم مساجد ومدارس لتحفيظ القرآن وتلقين الأمور الدينية، مع عدم ممانعة وجود عقد مدني لتسيير الأمور القانونية وفق قانون كلّ بلد.
يقول المحامي السوري أحمد الويس المقيم في ألمانيا: "من الضروري عقد القران في البلدية التابعة لمكان سكن اللاجئين. من وجهة نظري، فإنّ تطبيق ما يقوم به الألمان في إجراءات الزواج، هو التصرف الأفضل والذي يضمن حقوق الطرفين وحقوق أولادهما مستقبلاً". يضيف: "يمكن أن يتم الزواج وفقاً للشريعة الإسلامية كإجراء إضافي وليس شرطاً لكتابة عقد الزواج، أن يكتبه أحد المشايخ، ويمكن لأيّ شخص مسلم أن يدوّنه بحضور شاهدين يحققان شروط الأهلية والعمر".
إلى ذلك "يحتاج اللاجئ السوري لعامين على أقل تقدير للحصول على الإقامة، وعامين بالحد الأدنى لتعلم اللغة، وبعدها يبدأ بالبحث عن عمل. خلال هذه الفترة لا يستطيع الزواج، وحين يستطيع لا يجد بسهولة شريكة حياة" بحسب أحمد طبالي المقيم في فرانكفورت. يقول لـ"العربي الجديد": "حين تجد فتاة سورية مناسبة تصطدم بارتفاع المهور وشروط أهل العروس المعقدة، كفرش البيت والمقدم وشهر العسل، وتصل الأمور في بعض الأحيان إلى طلب الأهل تقديم تعويض اللجوء الشهري الخاص بالزوجة لأهلها، بدلاً من استفادتها وزوجها منه. لم نعد في سورية حتى يتمسك الناس بهذه الأمور، ولا يمكننا العيش هنا وهناك". يضيف: "إن بقيت الحال على ما هي عليه سيستحيل على كثيرين الزواج بفتاة سورية في ألمانيا".
غلاء مهور في ألمانيا
يقول المحامي السوري أحمد الويس، المقيم في ألمانيا، حول غلاء مهور السوريات هناك: "مسألة قائمة لكنّها ليست كبيرة الحجم كما تصور في وسائل التواصل الاجتماعي. من خلال متابعتي كثيراً من الحالات، لاحظت أنّ الأمر مرتبط بعادات وتقاليد كلّ منطقة سورية جاء منها اللاجئ، فكما في سورية غلاء مهور في حلب ودمشق انتقل معهم التقليد إلى ألمانيا".