قد يقلل البعض من شأن قرار الاتحاد الأوروبي الخاص بوضع ملصقات على المنتجات والسلع المستوردة من المستوطنات المقامة على الأراضي المحتلة منذ يونيو/حزيران 1967، وتحديداً في القدس والضفة الغربية والجولان، وذلك حتى يفرق بينها وبين المنتجات الاسرائيلية.
وقد يقول هؤلاء إن تعريف المستهلك الأوروبي بالسلع التي تصله من المستوطنات قرار تأخر كثيرا بسبب معارضة سلطات الاحتلال القوية له، وقد يحاول البعض أن يحبطنا عندما يقول إن منتجات هذه المستوطنات ما هي إلا نقطة في بحر الصادرات الإسرائيلية حيث إن السلع المنتجة في المستوطنات تتراوح قيمتها بين 200 و300 مليون دولار سنوياً، وهذا الرقم أشبه بقطرة في بحر إذا ما قورن بحجم صادرات إسرائيل من السلع والخدمات للاتحاد الأوروبي البالغ 30 مليار دولار سنويا والذي يمثل ثلث صادراتها الاجمالية التي تتجاوز 90 مليار دولار سنوياً.
لكن من وجهة نظري فإن القرار الأوروبي الخاص بمنتجات المستوطنات بالغ الأهمية، ليس فقط للفلسطينيين الذين سيدعم القرار قضيتهم وانتفاضاتهم وكذا سلعهم ومنتجاتهم في الأسواق الخارجية، ولكن هو انتصار لكل أحرار العالم الذين يرفضون سياسات التمييز العنصري للاحتلال ضد الفلسطينيين، وهي خطوة تدعم بالطبع جهود مكافحة التطبيع الاقتصادي مع الكيان الصهيوني التي تتسع رقعتها يوماً بعد يوم على مستوى العالم، بل وباتت تؤتى ثمارها، وآخرها قيام البرلمان الأردني بإلغاء صفقة استيراد الغاز الإسرائيلي التي اتفقت عليها الحكومة بقيمة 30 مليار دولار، كما قامت شركات أوروبية ودولية كبري بإلغاء مشروعاتها داخل إسرائيل أو سحب استثماراتها منها.
والأهم من ذلك أن القرار الأوروبي سينزع الشرعية عن منتجات المستوطنات التي يتم تصديرها للخارج، خاصة لدى دول الاتحاد الأوروبي، ثاني أكبر شريك تجاري لإسرائيل، وبالتالي ستؤثر الخطوة سلبا على الصادرات الإسرائيلية لهذه الدول خاصة مع تنامي حركة المقاطعة لكل ما هو إسرائيلي داخل القارة، واتساع نشاط "اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها" والتي اكتسبت تأييدا في السنوات الماضية حتى داخل أوروبا.
أهمية قرار وضع ملصقات على المنتجات والسلع المستوردة من المستوطنات تكمن أيضا في أن الاتحاد الأوروبي لا يعترف باحتلال إسرائيل الأراضي العربية في يونيو من العام 1967، وبالتالي يمكن البناء على القرار في توسيع رقعة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية ومقاطعة لكل ما هو يحمل شعار "صنع في إسرائيل" وليس منتجات المستوطنات فقط.
ومن هنا يشعر الإسرائيليون بأن القرار الأوروبي موجع سياسيا قبل أن يكون موجعا اقتصاديا، ولذا سارعت الحكومة بالتنديد به ووصفه بالتمييزي والعنصري ضد بلادهم، وصدرت تصريحات عن نتنياهو تقول " يجب على الاتحاد الأوروبي أن يشعر بالخجل من القرار".
وقالت الخارجية الإسرائيلية " ناسف لأن الاتحاد الأوروبي اختار لأسباب سياسية اتخاذ مثل هذه الخطوة الاستثنائية التمييزية بإيعاز من حركة المقاطعة."
القرار بشكل عام جيد، خاصة وأنه يأتي في مرحلة تتراجع فيها الاستثمارات الأجنبية المباشرة في إسرائيل بنسبة كبيرة وصلت لنحو 46% في العام الماضي 2014، بسبب العدوان على غزة وحملات المقاطعة الدولية.
السؤال: هل الفلسطينيون مستعدون للاستفادة من القرار الاوروبي وإحلال منتجاتهم في أسواق العالم بدلاً من منتجات المستوطنات؟
اقرأ أيضا: مطالب دولية بمقاطعة شاملة لمنتجات إسرائيل