كانت تلعب وصديقاتها بهدوء قرب منزلها، قبل أن ينقض عليهن كلب مفترس بصورة فجائية. اختار أن يهاجم هذه الفتاة، لتتعرض إلى إعاقة دائمة. نجوى عوان التي فقدت رجلها بسبب الكلب ليست الوحيدة. هناك قصص عدة لمواطنين ومارّة تعرضوا لاعتداء من قبل كلاب مفترسة أو ضالة، قد تؤدي إلى فقدان أحد الأطراف أو التشوه أو الوفاة أحياناً.
يختار بعض الشبان مرافقة كلاب تعد خطيرة، وخصوصاً في مناطق خالية من السكان، بهدف انتقاء ضحايا بعينها وخصوصاً من الإناث، وتهديدهن والاعتداء عليهن. وتشير إحصائيات رسمية أصدرتها وزارة الصحة إلى مقتل نحو 21 ضحية سنوياً.
تقول عوان لـ "العربي الجديد" إنه قبل ثماني سنوات، كانت تلعب أسفل بيتها، قبل أن يفاجئها كلب ضخم يملكه أحد الجيران. حاولت الهرب منه، لكنه كان أسرع منها وعض رجلها وكانت الفاجعة. تضيف أن صراخها الذي أفزع سكان الحي، ومحاولات أبناء الجيران مساعدتها هو كل ما تذكره قبل أن تغيب عن الوعي. لم تستيقظ إلا على مشهد أطباء يحاولون إنقاذ رجلها من البتر، لكن محاولاتهم باءت بالفشل.
عوان اليوم في الـ 18 من عمرها. هي شابة مكافحة ومتفائلة. تقول إنه في البداية، لم تتقبل وضعها كفتاة مبتورة الرجل. لكن مع مرور الوقت، عرفت أن عليها التكيّف مع واقعها الجديد، حتى أنها تعلمت رياضة كرة المضرب، وصارت بطلة المغرب لدى فئة الشباب. أما ترتيبها العالمي فهو 24. أمر جعلها تشعر بالثقة في نفسها. وما زال لديها أحلام كثيرة تود تحقيقها.
حادثة الاعتداء على نجوى دفعت بوالدها عزوز عوان إلى تأسيس جمعية تحمل اسم "جمعية نجوى لضحايا الكلاب". هذه الخطوة لفتت الانتباه إليها، وخصوصاً من قبل وسائل الاعلام والجهات الحكومية، ما أدى إلى إصدار قانون قبل فترة يعيد الاعتبار لضحايا الكلاب الشرسة. يؤكد عوان الذي سخّر كل وقته وطاقاته من أجل الدفاع عن ابنته نجوى، بالإضافة إلى ضحايا الكلاب المفترسة، أن جمعيته تتلقى شكاوى عدة من فتيات ونساء تعرضن للاغتصاب، أو محاولة الاغتصاب، أو التحرش الجنسي، نتيجة الاستعانة بالكلاب المفترسة.
اقرأ أيضاً: نساء متحرّشات في المغرب
هكذا، يلجأ بعض الشبان إلى الاستعانة بالكلاب لتهديد الفتيات، ويرضخ بعضهن بسبب الخوف الذي يشعرن به. وتجدر الإشارة إلى وجود حالات أخرى وقعت ضحية الكلاب المفترسة، منها الطفل ريان مسكين، الذي انقضّ عليه كلب مفترس، علماً أن والدته كانت تحمله. انتزعه منها، ما أصابها بصدمة نفسية جعلتها عاجزة عن الحراك، وقد أغمي عليها من هول ما شاهدته.
ويتذكر والد ريان أنه يومها صارع الكلب المفترس بكل ما أوتي من قوة، ودخل معه في عراك يشبه مشهداً في فيلم سينمائي. وفي النهاية، تمكن من قتل الكلب، ولكن بعد فوات الأوان. كان الطفل قد تعرّض لإصابات خطيرة. بتر لسانه ولم يعد يرى في إحدى عينيه.
أما فدوى س، وهي عاملة تبلغ من العمر 24 عاماً، فتقول لـ "العربي الجديد" إنه قبل أربع سنوات، تأخرت في عملها في أحد المعامل في ضواحي الرباط، ثم خرجت لتبحث عن حافلة تقلها إلى حيث تقطن في أحد الأحياء الشعبية، لكنها تفاجأت بشابين معهما كلب مفترس، فحاولت الركض بكل قوتها. تضيف أن هربها لم يُجْد نفعاً لأن الكلب الشرس كان أسرع منها وتمكن من جرّها من بنطالها قبل أن يأمره الشابان بالتوقف. بعدها، أمسكا بها وطلبا منها الذهاب معهما إلى أحد الأماكن الخالية بهدف الاعتداء عليها. تتابع: "لحسن حظي أن دورية للأمن مرت بالصدفة وعلى غير العادة من ذلك المكان، ليهرب الشابان بعدما صرخت الشابة بأعلى صوتها لتثير انتباه رجال الأمن". تقول إنها لن تنسى هذا اليوم أبداً.
ويمكن القول إن ضحايا الكلاب المفترسة في المغرب، والناشطون في هذا المجال، تنفسوا الصعداء بعد مصادقة الحكومة الحالية على قانون رقم 56.12، والذي ينص على معاقبة مرتكبي الجرائم من خلال الاستعانة بالكلاب المفترسة، بالإضافة إلى حماية المواطنين من خطر الكلاب الشرسة.
وترى "جمعية نجوى لضحايا الكلاب" أن القانون من الناحية النظرية يتضمن عدداً من النصوص والبنود التي تجعل المغرب ضمن البلدان المتطورة لناحية محاربة الكلاب الخطيرة، وذلك من خلال مجموعة من القوانين الردعية تطال مالكي هذه الكلاب. مع ذلك، تشير الجمعية إلى أن هذا الأمر يتطلب وقتاً طويلاً، على الرغم من أنه يساهم في الحد من أعداد ضحايا هذه الكلاب.
اقرأ أيضاً: مغاربة هاربون من "الجحيم"