خلال الأيام الماضية، شهدت شواطئ العاصمة الجزائرية اكتظاظا غير مسبوق بالمقارنة مع السنوات الماضية، بسبب موجة الحر التي عرفتها البلاد أخيراً، وقد تخطت الحرارة الأربعين درجة مئوية في الولايات الداخلية، ما ينذر بصيف حار جاء قبل أوانه. وبطبيعة الحال، وجد الناس في الشواطئ متنفساً وحيداً. ولم يكن مستغرباً أن تمتلئ مختلف الشواطئ بالعائلات والشباب وحتى تلاميذ الولايات الداخلية. وقد ساهمت الرحلات المدرسية أيضاً في اكتظاظ الشواطئ، بعدما امتلأت الحافلات التي جاءت من الولايات المجاورة بالتلاميذ.
من جهة أخرى، جنّدت مصالح الحماية المدنية أعوانها تحسباً لأي طارئ، وخصوصاً ضربات الشمس، على خلفية تعرض الأطفال لأشعة الشمس، وذلك بهدف إسعافهم في حال حصول أي مكروه لهم. وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الداخلية والجماعات المحلية تنوي جعل مواقف السيارات مجانية للمصطافين الراغبين في قضاء اجازاتهم على الشواطئ الجزائرية، أو بتسعيرة رمزية تحددها البلديات، ضمن قرار يهدف إلى الحد من استغلال الشواطئ خلال موسم الاصطياف لهذا العام. فهل تنجح الوزارة في وضع حد لأولئك الذين يستغلون مواقف السيارات ويفرضون الضرائب على المواقف، علماً أنها قد تصل أحياناً إلى الألف دينار (نحو 500 دولار)؟
وترى غالبية العائلات الجزائرية أن تمضية يوم على أحد الشواطئ المعروفة لم يعد أمراً سهلاً، بسبب المبالغ المالية التي ينفقونها خلال مشوار كهذا. ويزيد من وطأة الأمر تصرفات المسؤولين عن تأجير الشواطئ.
في السياق، جالت "العربي الجديد" على بعض شواطئ العاصمة، لترصد المواطنين الذين تدفقوا عليها بأعداد كبيرة. كان هذا حال شواطئ سيدي فرج وزرالدة والكيتاني. ويؤكد عدد من المواطنين بدء الصيف باكراً هذا العام وارتفاع درجات الحرارة، ما دفعهم إلى التوجه نحو الشواطئ من دون الحاجة للتفكير في بدائل أخرى.
يقول نبيل، وهو من باب الواد في العاصمة، إنه قصد شاطئ الكيتاني القريب ليستريح ويستمتع بالسباحة. لم يفاجئه هذا العدد الكبير من المواطنين الذين توجهوا بدورهم إلى الشواطئ، "كأننا في عز الصيف". من جهته، يوضح محمود القاطن في حي تيليملي، والذي قصد شاطئ الكيتاني، أنه جاء باكراً لإيجاد مكان لركن سيارته، بالإضافة إلى حجز مكان على الشاطئ، وخصوصاً أن كثيرين قرروا قضاء يومهم على الشاطئ. يضيف أنه يفضل شاطئ الكيتاني لقربه من مكان سكنه، بالإضافة إلى الأمان. كذلك، هناك ألعاب للأطفال بأسعار معقولة. فيما تقول لمياء إنها قصدت الشاطئ مع صديقتيها للترويح عن نفسها والاستراحة، وقد أنهكتها الدراسة.
وفي ما يتعلق برأي العائلات في خدمات الشواطئ هذا العام، يشير البعض إلى ارتياحهم للخدمات الجديدة، وخصوصاً في ما يتعلق بتوفير الأمن والحد من المظاهر السلبية التي كانوا قد ألفوها على الشواطئ، فيما كان لآخرين عتب على السلطات المحلية. ويأتي هذا في وقت عرفت فيه ولايات غرب الجزائر حالة طوارئ قصوى بسبب ارتفاع معدلات الغرق في الشواطئ قبل بدء حلول موسم الاصطياف، ما أثار مخاوف المواطنين.
وسجّلت شواطئ ولايات وهران وعين تموشنت ومستغانم خلال الشهر الجاري، مصرع عشرة أشخاص غرقاً، غالبيتهم قاصرون، ثلاثة منهم في شواطئ ولاية عين تموشنت، بينهم طفل في 14 من عمره (من وهران) واثنان آخران من ولاية سيدي بلعباس.
أيضاً، شهدت ولاية وهران مصرع شابين غرقاً عند شاطئ كورنيش الوهراني، في وقت سجلت شواطئ ولاية عين تموشنت أكبر عدد من الغرقى، قدر بستة غرقى، علماً أن جميع هذه الحالات كان مصيرها الموت بسبب غياب الحراسة، في وقت أُنقذ أكثر من 40 شخصاً من الغرق في الشواطئ، وتحديداً بعد موجة الحر التي عرفتها الولايات الغربية.
وكان والي الجزائر عبد القادر زوخ قد أشار قبل فترة إلى تجنيد أكثر من 260 حارس بلدي لولاية الجزائر، من أجل تسلم مهمة حراسة الشواطئ خلال فصل الصيف، بالتعاون مع أعوان المؤسسات الولائية، التي قسّمت المهام من أجل ضمان سلامة وراحة المصطافين في تسعة شواطئ.
وأشار إلى أن هذا يعد تنفيذاً لتعليمات وزارة الداخلية التي تقر بمجانية الشواطئ، ما دفعهم إلى تسخير 12 مؤسسة ولائية من أجل تطبيق التعليمات، مضيفاً أن "الشواطئ ستكون مجهزة بكراسي وطاولات ومظلات مجاناً، وسيدفع بدل تذكرة ركن السيارة فقط".
اقرأ أيضاً: 4 ملايين جزائري يخافون انهيار منازلهم على رؤوسهم