تمتع شالات البشمينة بجودة عالية لا يضاهيها سوى سعرها الباهظ، غير أن هذه الأقمشة الفاخرة قد تصبح أكثر ندرة في السنوات المقبلة، بسبب المواجهة الحدودية بين الهند والصين.
وتربي نحو ألف عائلة من الرحّل من إثنية تشانغبا رؤوس الماعز في أعالي منطقة لداخ، شمال الهند. وتوفر هذه الحيوانات الصوف المستخدم في صناعة هذا النوع الأكثر طلباً في العالم من أقمشة كشمير التي تباع بأسعار باهظة في متاجر الألبسة الفاخرة، في باريس ودبي ومدن كبرى أخرى.
غير أن هذه المواشي تُدفع مع مربيها للخروج من مراعيها التقليدية، في ظل المواجهة العسكرية بين البلدين الآسيويين العملاقين اللذين يتنازعان عند الحدود في هذه المنطقة الواقعة في جبال هملايا.
وقد تسبب الوضع هذه السنة بنفوق أعداد كبيرة من الجديان، ما يهدد إنتاج صوف البشمينة على المدى القصير، وفق تأكيد سكان ومسؤولين محليين لوكالة "فرانس برس". ويقول العضو في جمعية محلية لصانعي صوف البشمينة، سونام تسيرينغ، إنه "في غضون نحو ثلاث سنوات، أي عندما تصبح رؤوس الماعز الجديدة قادرة على إنتاج البشمينة، سنشهد تراجعاً كبيراً في الإنتاج".
وتتهم نيودلهي بكين بقضم أراضيها في منطقة لداخ رويداً رويداً. وتواجه جيشا البلدين مرات عدة على هذه المنطقة الجافة في جبال تيبت، في وضع يحاول البلدان حله من خلال محادثات دبلوماسية. في كل عام، تستحوذ الصين على مراع يستخدمها الرعاة من إثنية تشانغبا لقطعانهم، بحسب سونام تسيرينغ. لكن هذه المرة وبسبب احتدام التوتر، حتى المراعي الشتوية قرب كاكجونغ وتوم تسيلاي وتشومار ودامشوك وكورزوك باتت غير متاحة أمام المربين.
ويقول جورميت، وهو مسؤول محلي سابق، إن "الوضع كارثي. الجيش الصيني اعتاد على قضم أراضينا بواقع بضعة أمتار، لكنه تقدم هذه المرة كيلومترات عدة". ويقول لوكالة "فرانس برس"، من مدينة ليه عاصمة لداخ: "إنه موسم تكاثر الماعز. وقد نفق نحو 85 في المائة من المواليد الجدد من هذه الحيوانات هذه السنة، لأن القطعان الكبيرة دُفعت إلى خارج مراعيها في عز البرد" في فبراير/شباط.
ويشير مسؤول هندي طلب عدم كشف اسمه، إلى أن رؤوس الماعز التي تنفق جراء هذا الوضع تقدر بعشرات الآلاف. ويمنع الجنود الهنود القطعان من دخول المناطق المصنفة حساسة. ويقول مربو مواش إن الجيش الصيني يدفع بالرحّل من التيبت نحو مناطق كان يستخدمها نظراؤهم الهنود، وفق جورميت. كما أن التواصل مع الرعاة يزداد صعوبة، بعدما صادر الجيش الهندي هواتفهم العاملة على الأقمار الاصطناعية خلال السنوات الأخيرة.
وروت جهات عدة فاعلة في تربية رؤوس الماشية المستخدمة لصنع صوف البشمينة أنها كانت تنزل قبل بضع سنوات خلال الشتاء من سهل تشانغتانغ الشاسع على علو خمسة آلاف متر لرعي المواشي على أراض أكثر انخفاضاً، خصوصاً على طول نهر السند. غير أن الكثير من هذه المناطق بات خاضعاً للسيادة الصينية، ويُمنع على هؤلاء دخولها.
وتنتج رؤوس الماعز في المنطقة نحو 50 طناً من هذا الصوف الناعم الذي يشكل إحدى دعائم الصناعة الحرفية في كشمير ويوفر آلاف فرص العمل. وبعد جزه ينسج الصوف على شكل شالات أو أوشحة أنيقة تباع في أنحاء العالم كله. ويصل سعر الشال إلى 800 دولار أميركي.
وتشكل التوترات العسكرية ضربة قوية جديدة لقطاع البشمينة الذي يعاني أصلاً جراء التغير المناخي وابتعاد الجيل الجديد من السكان المحليين عن نمط حياة الترحال التقليدي.
(فرانس برس)