صور

23 سبتمبر 2016
فادي الحموي/ سورية
+ الخط -
مصوِّرٌ صحافيٌّ ميدانيٌّ لوكالة أنباءٍ عالميَّة، كان شاهداً على الحرب الميدانيَّة في البوسنة. كتب في مُذكّراته أنّه كان يتجنَّب رؤية المشاهد بشكل مباشر، بل كان يفضّل رؤيتها من وراء عدسة كاميرته، بغضِّ النظر عن تصويرها من أجل عمله الصحافي. كان يشغّل كاميرته فوراً عندما تحصل اشتباكات أو مجزرة أو عمليات قتل ميداني. المشاهدة المباشرة الحسيّة تحمّلك مسؤوليّة أخلاقيّة ما، وتضعك مباشرة في قلب الحدث، وهي الحقيقة بشكلها العاري.

أمّا المشاهدة من وراء عدسة الكاميرا (من وراء أية عدسة)، فهي مَسرحة للمشهد، وتخفيف من واقعيّته. هو المشهد المنزوع من ألم الحقيقة.

اليوم، تخْضَع الصور الصادرة من المقتلة السوريّة الراهنة، إلى آليتي نزع أساسيتين. الأولى، هي نزع السياسة من الصورة. والثانية هي نزع الحقيقة من الصورة. دوماً، تصبحُ صور الأطفال السوريين، مِنصَّة لتسجيل مواقف "إنسانيّة" لدى كثيرٍ من الجهات ووسائل الإعلام والدول، والتي تهربُ من استحقاق الموقف السياسي المسؤول الذي يحمَّل كل طرفٍ واقعي مسؤوليّته الأخلاقيَّة والسياسيَّة حسب وزنه العياني.

الطفل القتيل أو الجريح هو نتاج "كارثة" و"حرب". ولكن، من هو الفاعل الأساسي في هذه الحرب؟ والمسبب الأوَّل لهذه الكارثة؟ من يقصف بيوت المدنيين؟ لا أحد يعلم! وحتّى القتلة الكبار، قتلة الأطفال أنفسهم، يستطيعون التضامن مع هذه الصور.

المساهمون