صورة المرأة الحقيقية تحجبها أفلام السينما في العالم

27 مايو 2015
31 في المائة من الأدوار السينمائية تعطى للنساء(الأمم المتحدة)
+ الخط -

 

عندما نشاهد الأفلام السينمائية، يتراءى لنا، كمشاهدين عاديين، أن المرأة لها موقع بارز ويحظى بمنزلة تكاد تساوي الرجل من حيث الأدوار والحضور على الشاشات، وقد نكون نعتمد في أحكامنا على الظهور الكمي للنساء، لكن السؤال الفعلي الذي يطرح نفسه هو نوع هذا الحضور، وموقع المرأة وصورتها في تلك الأدوار والمشاهد التي تعبر أمامنا دون توقف. فهل ما نراه هو صورة المرأة الحقيقية، أم الصورة التي يُراد لنا أن نراها؟  

إحدى الدراسات، وهي الأولى من نوعها، أنجزها معهد جينا ديفيس للدراسات الجندرية في الإعلام، وموّلتها هيئة المرأة في الأمم المتحدة، ومؤسسة روكفلر، كشفت التمييز الراسخ بين النساء والرجال في عالم صناعة السينما العالمية، استناداً إلى تحليل أكثر الأفلام شعبية في العديد من دول العالم، منها أستراليا والبرازيل والصين وفرنسا وألمانيا والهند واليابان وروسيا وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة، بالإضافة للأفلام التي أنتجت بالتعاون بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وتقول جينا ديفيس، وهي ممثلة أميركية معروفة، حائزة على أوسكار عام 1988، ومؤسسة الجمعية التي تحمل اسمها والتي تعمل على تحسين صورة النساء في الإعلام، " إن تمثيل النساء ناقص في جميع القطاعات في كل أنحاء العالم، وليس على شاشات السينما فقط"، مشيرة إلى أن "الصورة التي تنقلها لنا وسائل الإعلام عن المرأة تؤثر بقوة، وتشكّل تحيزنا اللاواعي والدائم ربما".

وبينت الدكتورة ستيسي سميث وفريق البحث في كلية أننبرغ للصحافة والاتصالات في كاليفورنيا، التي ساهمت في إنجاز الدراسة، والتي أعلنت نتائجها في ديسمبر 2014، أن "المرأة تتمثل بجمالها الجسدي، والقيمة المعطاة للفتيات والنساء في السينما، هي أعمق من مشكلة ظهورها الشكلي، إنها مشكلة إنسانية".

ومن جهتها، اعتبرت المديرة التنفيذية للأمم المتحدة للمرأة، فومزيلي ملامبو، أن هذه الدراسة بينت أن صناعة السينما لا يزال ينتظرها الكثير لتحقق ما يجب تحقيقه وفقاً للإعلان الدولي عن المساواة، الذي وقعته 189 حكومة منذ 20 عاماً، في مؤتمر بكين، ودعت وسائل الإعلام إلى كسر الصورة النمطية للمرأة والتحيز ضدها وإهانتها.

أما نائبة مديرة مؤسسة روكفلر سوندا، بريجيت جونز، فأشارت إلى أن ما أظهرته الدراسة يسبب قلقاً حيال المستقبل، داعية إلى ضرورة التخلص من الصور النمطية التي تمنع الرجال والنساء على حد سواء من التعبير عن الإمكانات البشرية كاملة.

صورة المرأة في السينما العالمية

وأظهرت الدراسة، أنّ من بين 1452 شخصاً من صناع السينما (مخرج، سيناريست ومنتج) مثلت النساء 20.5 في المئة منهم. وبيّنت العينة التي جرى تحليلها، أن 7 في المئة من المخرجين كن نساء، و19.7 في المئة كاتبات سيناريو، و22.7 في المئة منتجات. وتبين أن الأفلام التي تكون مخرجتها أو كاتبة السيناريو فيها امرأة يكون عدد الفتيات والنساء أكبر على الشاشة.

وتمثل الشخصيات النسائية في السينما العالمية 22.5 في المئة من الممثلين، مقابل 77.5 في المئة من الذكور. ويشغل الرجال المناصب القيادية في الأفلام عموماً، وما نسبته 13.9 في المئة من مناصب المديرين التنفيذيين تعطى للنساء، و9.5 في المئة من الشخصيات السياسية هن نساء.

وخلصت الدراسة إلى أن النساء المشاركات في الحوار بالكاد تصل نسبتهن إلى 23 في المئة، كما يشيع، عالمياً، استخدام النساء في الأفلام كرموز جنسية، حيث تظهر الإناث مرتين أكثر من الرجال بأزياء مثيرة وموحية، أو عارية، أو بقامة نحيلة.

أظهرت الدراسة أن الأفكار النمطية السائدة عن النساء ومجالات تخصصاتهن وأعمالهن، تؤدي إلى تهميش النماذج النسائية اللواتي يشغلن مناصب مرموقة، فالسينما العالمية، عموماً، تظهر الرجال 13 مرة أكثر من النساء في أدوار أعضاء النيابة العامة والقضاة، و16 مرة أكثر في أدوار المعلمين، وخمس مرات أكثر في أدوار الأطباء، و7 مرات أكثر للعاملين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والطاقة والرياضيات. بينما تظهر المرأة في أدوار جنسية بارزة أكثر من الرجال.

وبينت الدراسة كذلك اختلاف النظرة للمرأة وتقييم مكانتها وموقعها حسب اختلاف المجتمعات. ففي المملكة المتحدة والبرازيل وكوريا الجنوبية، احتلت الشخصيات النسائية في الأفلام السينمائية ما بين 35.9 في المئة إلى 38 في المئة في جميع الأدوار التمثيلية المشاركة في الحوار على الشاشة. أما الأفلام ذات الإنتاج المشترك بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة، والأفلام الهندية فقد جاءت في أسفل القائمة، بنسبة بلغت ما بين 23.6 في المئة و24.9 في المئة من النساء. أما نصف الأفلام في السينما الكورية الجنوبية، أخذت النساء فيها دور البطولة، و40 في المئة من الأفلام في الصين وأستراليا واليابان كانت الأدوار الرئيسية فيها للمرأة.

وتظهر الدراسة أن السينما الموجهة إلى الشباب تظهر فيها المرأة كأداة للجنس أقل من تلك الموجهة للأكبر سناً. أما الإناث اللواتي تتراوح أعمارهن بين 13 إلى 20 عاماً، يظهرن في الأفلام السينمائية كأدوات جنسية أكثر من اللواتي تتراوح أعمارهن بين 21 و39 عاماً.

صورة المرأة في السينما العربية

الكاتبة والباحثة المصرية، منال فاروق، خلصت في دراسة عن صورة المرأة في السينما المصرية إلى أنّ "السينما المصرية لا تزال تخضع لفكرة البطل الأوحد، والمخرِج الأوحد، فنجد أبطالَ الفيلم هم من يفرضون شروطهم على صُنَّاع السينما"، مشيرةً إلى "تأثر السينما المصرية بالثقافة الدينية والمجتمعية، وبسياسة أفسدت جذرها، لتنتِج اقتصاداً فاسداً، ما أثَّر على السينما كصناعة وتجارة".

وتشير إلى أن 300 إلى 350 فيلماً سينمائياً تم إنتاجها في السنوات 2000 إلى 2010، "لا نجد سوى أقل من 100 فيلم يطرح بشكل فعلي قضية ما"، موضحة أن الصورة النمطية تظهر المرأة في الأفلام كزوجة وأم وابنة، وفتاة، وسيدة عاملة.

وعن إنتاج السينما ما بين 1990 و2000 جاءت صورة المرأة سلبية ولا تنقل الواقع، تعتمد عناصر الإثارة والجنس والإغراء لجذب الجمهور. فكانت النتيجة أن المرأة قدمت إما في صورة تاجرة مخدرات، أو فتاة ليل، أو مدمنة، أو خائنة، وإن كانت عصرية فهي شكلية، تهتم بالمظهر. وإن كانت سياسية فهي سطحية، وإن كانت مثقفة، فهي عصبية ومعقدة. أما إن كانت كادحة، فهي فلاحة ومربية أولاد. وكشفت الدراسة أن السينما العربية لا تتطرق إلى مشاكل المرأة الحقيقية، أو إلى مستقبلها.

أما القاصة السورية، مي الرحبي، فذكرت في إحدى التظاهرات السينمائية بأن السينما التجارية قدمت المرأة بصورة غير واقعية. وأوضحت أنه من خلال رصدها للأفلام التسجيلية في سورية (400 فيلم)، وجدت 35 منها تطرح قضية اجتماعية، و6 أفلام فقط تتحدث عن قضية المرأة. منها شريطان دعائيان. في حين أن 4 أفلام فقط، تحدثت عن واقع المرأة في سورية أي بنسبة 1 في المئة، اثنان من هذه الأفلام أخرجتهما نساء.

اقرأ أيضاً: نرفعُ صوتنا فخراً 

دلالات
المساهمون