09 يونيو 2023
صورة الصين عن قرب
ارتبط اسم الصين، في التاريخ الحديث، باسم ماوتسي تونغ والشيوعية والثورة الثقافية. وفي العقود الأخيرة، كان النمو الاقتصادي المدهش هو الفكرة المرتبطة باسم الصين، فلا يوجد بيت في العالم، اليوم، لا توجد فيه منتجاتٌ صينية.
أعطتني زيارتي قبل شهر ونيف الصين صورة حية عن تناقضاتها، فمطار بكين لا يختلف عن أي مطار حديث في أية عاصمة غربية، بل كانت دعايات السيارات والسلع الاستهلاكية الأخرى تملأ المطار أكثر بكثير مما تجد في لندن وباريس ودبي والدوحة، ولولا وجوه الصينيين لما رأيت شيئاً مختلفاً.
في طريقنا إلى الفندق وسط بكين، والذي استغرق نحو ساعة، شاهدنا الشوارع تكتظ بماركات السيارات الغربية: فولكس فاكن وأودي ومرسيدس وبي إم دبليو وتويوتا وهيونداي وشيفروليه وفورد وبيجو ورينو وغيرها، مع عددٍ أقل من ماركات السيارات الصينية. قال مرافقنا إن ماركات السيارات العالمية المصنوعة في الصين تشكل نحو 60% من السيارات التي تسير في شوارع الصين. لكن ما لفت انتباهنا أن سيارات الدفع الرباعي تشبه بكثافتها ما نراه في مدن الخليج، وأكثر بكثير مما نراه في مدن أوروبا، ما يشير إلى نمو النزعة الاستهلاكية.
والمولات التي زرناها تشبه المولات في أي بلد رأسمالي، السلع نفسها والماركات نفسها وطريقة العرض نفسها التي تراها في أوروبا الغربية أو مدن الخليج، بل ومستويات الأسعار نفسها، وهذا ما فاجأنا، إذ كنا نتوقع أن تكون الأسعار أقل بكثير.
قال لنا مرافقنا: غداً سنأخذكم إلى المول الشعبي، وهناك أشياء رخيصة الثمن. وبالفعل، كانت الصورة مختلفة، فالباعة هناك يعترضون طريقك، ليدخلوك إلى محالهم، عارضين عليك بضاعتهم، لتدخل في عملية مساومة على السعر، بما ذكّرني بسوق المدينة في حلب أيام زمان. وهذا ما حصل، عندما اشترى صديقي حقيبةً كان سعرها الأول، حسب البائع 4800 يوان، لكنه حصل عليها بـ800 فقط. وأطرف من ذلك هو "شطارات" البائعين، وطرق شرح مزايا السلعة وإقناع الزبون، فهي مسرحية تشبه مسرحيات البيع والشراء في أي سوق شرقي شعبي.
لا تختلف شوارع بكين أو ينشوان، المدينة الأخرى التي زرناها في وسط الصين، عن شوارع أي مدينة عالمية، أبراج وعمارات وطرازات معمارية حديثة، لا يميّزها سوى اللغة الصينية. في بكين، يمكنك أن ترى العلامات الخاصة بكبريات الشركات العالمية الغربية واليابانية والكورية، وكذلك الشركات الصينية، فلنحو 400 من أصل أكبر 500 شركة عالمية مراكز في الصين. وأصبحت بكين مركزاً تجارياً عالمياً ضخماً، وقد أخبرنا مرافقنا بأن أسعار الشقق في وسط بكين ارتفعت لتصبح خيالية، إذ وصل سعر المتر المربع الطابقي إلى 15 ألف دولار، بينما هو في أطراف بكين نحو 3000 دولار.
الولع بالاستهلاك ينمو في الصين، ويبدو أنه سيستمر في النمو، حتى يتم إشباع الصينيين قبل أن تصل إليهم العقلانية الأوروبية، فهم، حتى الآن، مولعون باستخدام سياراتهم حتى للذهاب إلى الأماكن القريبة. ويهتم أغنياؤهم بإقامة حفلاتٍ باذخةٍ على الطريقة الغربية.
يزداد عدد الطبقة الوسطى في الصين، وتبلغ قرابة مائة مليون، متفوقة على نظيرتها الأميركية
التي لا تزيد عن 90 مليونا، وينعكس هذا في عزوف رجال ونساء كثيرين عن الزواج، وفي المدن الكبرى ظاهرة النساء الثريات العازبات، غير أن العلاقات الجنسية مفتوحة بدون أي قيود. وينتشر نمط الحياة الغربي في كل مكان، وتنتشر مئات ملاعب الغولف، وهي رياضة الأغنياء، ما يشير إلى ضخامة الفئات الوسطى والثرية، ويُعجب الصينيون بالأميركان.
تنتشر في الصين مطاعم الوجبات السريعة والمقاهي العالمية المعروفة، مطاعم ماكدونالد ومقاهي ستاربكس وغيرها. الملاهي والبارات والأندية الليلية كلها على الطراز الغربي في أماكن النخبة الكبيرة المعولمة، حيث يحتسي الشباب بيرة هاينكن وشراب الشوكولا الإيرلندي الساخن ويشرب الإسبريسو والكافي لاتيه والمكياتا، ويرتدي سراويل الجينز العسكرية، ويرقصون على أنغام أغانٍ يديرها "دي جي".
ماركات ملابس وعطور وساعات وأطعمة ومشروبات غازية، كما في أية مدينة أوروبية، صور الإعلانات والدعايات مصممة وفق الطراز العالمي نفسه بالأفكار نفسها، والفارق البسيط أنهم يستخدمون صور رجال ونساء من الصين، ويكتبون بالصينية. وعلى عكس الهند، لا ترى في الصين الأزياء التقليدية، إلاّ في الأعمال الفنية، فالجميع يرتدي اللباس الحديث، نساءً ورجالاً.
تغيب الصين القديمة عن أنظارك، وأنت تتجول في المدن الكبرى. ولكن، يكفي أن تبتعد بضع عشرات الكيلومترات في الأرياف، لكي تشاهد الصين القديمة والبيوت البسيطة والمزارعين الصينيين الفقراء المقتصدين في حياتهم إلى حد بعيد.
أصبح التفاوت الاجتماعي كبيراً جداً، ويشبه أي بلد في العالم الرأسمالي والعالم الثالث، وتنتشر البطالة والفقر إلى جانب الغنى الفاحش. وتأتي الصين في المرتبة الثانية بعدد المليارديرات لعام 2016 (213 مليارديرا) بعد الولايات المتحدة (536 مليارديرا).
التلوث في بكين هو الأعلى في العالم، وهذا بسبب الصناعة، كما بسبب العواصف الرملية التي تهب على بكين بمعدل 14 مرة في العام، إذ إن ربع مساحة الصين صحارى، وهي تتوسع بسبب الجفاف وسوء الاستخدام وقطع الأشجار. ويعلم الصينيون أنهم لوّثوا البيئة كثيراً، لكنهم يردّدون: "الدول الكبرى لوثت من قبل أكثر مما لوثنا، ونحن الآن أصبحنا أغنياء، وأصبحت لدينا القدرة المادية، وسنهتم أكثر بالبيئة والحفاظ عليها".
في الصين، مازالت الرقابة صارمة، وحريات التنظيم والتعبير غائبة، وتسيطر الدولة على الإعلام، وسياسة الحجب واسعة الانتشار، وحتى جريدة "العربي الجديد" محجوبة في الصين. وعندما طلبنا كلمة السر في المطار، لربط هواتفنا الذكية بشبكة الإنترنت، طلبوا أن نذهب إلى جهاز، ونعمل تصويراً لجوازات سفرنا، كي نحصل على كلمة السر الخاصة بكلٍّ منا، بما يتيح لهم معرفة ماذا فعل. كما أن وسائل التواصل الاجتماعي غير مسموحة عدا "الواتس أب"، وقد أطلقت الصين برنامجاً منافساً لـ"فيسبوك"، لكن الصينيين لا يعدمون طرقاً لكسر الحظر والوصول إلى "فيسبوك"، وهو منتشر بين الشباب.
ما تزال الصين تبدو متناقضة، بين اسم الحزب الشيوعي وأيديولوجيته الرأسمالية، فاقتصادها اليوم أكثر ليبرالية من اقتصاد الولايات المتحدة. لكن، بدون النظام السياسي الديمقراطي، وبدون الحريات العامة وحقوق الإنسان المعهودة في الدول الغربية أو اليابان أو حتى تايوان. وثمّة سؤال يتكرر: هل سيبقى 1.33 مليار نسمة يرزحون تحت حكم شمولي، يقمع حريات التعبير والتنظيم وحقوق الإنسان.. إلخ؟
ما حقّقه الحزب الشيوعي الصيني يمنحه مشروعية ورضى الصينيين وثقتهم. لذا، هم في المجمل راضون، وهم يدركون مخاطر التغيير السياسي المستعجل، وقد أعطتهم التجربة الروسية درساً قاسياً، كما أن الطبقة الوسطى والغنية الجديدة من الصينيين تكوّنت بفعل سياسات الحزب الشيوعي منذ 1978، كما فتح الحزب الشيوعي أبوابه أمام هذه الطبقات، وأصبح غالبية المنتسبين الشباب إلى الحزب هم من الفئات الوسطى والغنية، وأصبحت هذه الفئات تشكل الجزء الأكبر من قاعدته الاجتماعية الفاعلة. ولكن، بدأت هذه الطبقات تشكل ضغطاً أكبر على الحزب باتجاه مزيدٍ من الانفتاح، ومزيد من المشاركة في القرار. وقد راهن خبراء غربيون كثيرون على انفجار المطالبة بالحريات العامة، مع ارتفاع مستويات الدخل، ونمو الطبقات الوسطى والغنية، وإدخال الصين، بالتالي، في صراعاتٍ داخليةٍ تعرقل صعودها. ولكن، أي من رهاناتهم لم يتحقق حتى الآن.
لعل منطقة زينتياندي تعبّر اليوم ببلاغةٍ عن الصين الحديثة، فهي تقع وسط شنغهاي، وهي منطقة للنخبة، تعج بالمطاعم والحانات الراقية والمتاجر الكبرى الفاخرة، حيث ترى الصينيين حديثي الثراء قادمين إليها في المساءات. لكن "زينتياندي" نفسها كانت مهد الحزب الشيوعي الصيني، فهنا قام الشاب ماوتسي تونغ مع 11 من رفاقه بتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، في 23 يوليو/تموز 1921، وأصبح ذلك المكان الثوري محاطاً بتلك الأماكن الفاخرة، معبراً ببلاغةٍ عن وضع الصين اليوم.
في طريقنا إلى الفندق وسط بكين، والذي استغرق نحو ساعة، شاهدنا الشوارع تكتظ بماركات السيارات الغربية: فولكس فاكن وأودي ومرسيدس وبي إم دبليو وتويوتا وهيونداي وشيفروليه وفورد وبيجو ورينو وغيرها، مع عددٍ أقل من ماركات السيارات الصينية. قال مرافقنا إن ماركات السيارات العالمية المصنوعة في الصين تشكل نحو 60% من السيارات التي تسير في شوارع الصين. لكن ما لفت انتباهنا أن سيارات الدفع الرباعي تشبه بكثافتها ما نراه في مدن الخليج، وأكثر بكثير مما نراه في مدن أوروبا، ما يشير إلى نمو النزعة الاستهلاكية.
والمولات التي زرناها تشبه المولات في أي بلد رأسمالي، السلع نفسها والماركات نفسها وطريقة العرض نفسها التي تراها في أوروبا الغربية أو مدن الخليج، بل ومستويات الأسعار نفسها، وهذا ما فاجأنا، إذ كنا نتوقع أن تكون الأسعار أقل بكثير.
قال لنا مرافقنا: غداً سنأخذكم إلى المول الشعبي، وهناك أشياء رخيصة الثمن. وبالفعل، كانت الصورة مختلفة، فالباعة هناك يعترضون طريقك، ليدخلوك إلى محالهم، عارضين عليك بضاعتهم، لتدخل في عملية مساومة على السعر، بما ذكّرني بسوق المدينة في حلب أيام زمان. وهذا ما حصل، عندما اشترى صديقي حقيبةً كان سعرها الأول، حسب البائع 4800 يوان، لكنه حصل عليها بـ800 فقط. وأطرف من ذلك هو "شطارات" البائعين، وطرق شرح مزايا السلعة وإقناع الزبون، فهي مسرحية تشبه مسرحيات البيع والشراء في أي سوق شرقي شعبي.
لا تختلف شوارع بكين أو ينشوان، المدينة الأخرى التي زرناها في وسط الصين، عن شوارع أي مدينة عالمية، أبراج وعمارات وطرازات معمارية حديثة، لا يميّزها سوى اللغة الصينية. في بكين، يمكنك أن ترى العلامات الخاصة بكبريات الشركات العالمية الغربية واليابانية والكورية، وكذلك الشركات الصينية، فلنحو 400 من أصل أكبر 500 شركة عالمية مراكز في الصين. وأصبحت بكين مركزاً تجارياً عالمياً ضخماً، وقد أخبرنا مرافقنا بأن أسعار الشقق في وسط بكين ارتفعت لتصبح خيالية، إذ وصل سعر المتر المربع الطابقي إلى 15 ألف دولار، بينما هو في أطراف بكين نحو 3000 دولار.
الولع بالاستهلاك ينمو في الصين، ويبدو أنه سيستمر في النمو، حتى يتم إشباع الصينيين قبل أن تصل إليهم العقلانية الأوروبية، فهم، حتى الآن، مولعون باستخدام سياراتهم حتى للذهاب إلى الأماكن القريبة. ويهتم أغنياؤهم بإقامة حفلاتٍ باذخةٍ على الطريقة الغربية.
يزداد عدد الطبقة الوسطى في الصين، وتبلغ قرابة مائة مليون، متفوقة على نظيرتها الأميركية
تنتشر في الصين مطاعم الوجبات السريعة والمقاهي العالمية المعروفة، مطاعم ماكدونالد ومقاهي ستاربكس وغيرها. الملاهي والبارات والأندية الليلية كلها على الطراز الغربي في أماكن النخبة الكبيرة المعولمة، حيث يحتسي الشباب بيرة هاينكن وشراب الشوكولا الإيرلندي الساخن ويشرب الإسبريسو والكافي لاتيه والمكياتا، ويرتدي سراويل الجينز العسكرية، ويرقصون على أنغام أغانٍ يديرها "دي جي".
ماركات ملابس وعطور وساعات وأطعمة ومشروبات غازية، كما في أية مدينة أوروبية، صور الإعلانات والدعايات مصممة وفق الطراز العالمي نفسه بالأفكار نفسها، والفارق البسيط أنهم يستخدمون صور رجال ونساء من الصين، ويكتبون بالصينية. وعلى عكس الهند، لا ترى في الصين الأزياء التقليدية، إلاّ في الأعمال الفنية، فالجميع يرتدي اللباس الحديث، نساءً ورجالاً.
تغيب الصين القديمة عن أنظارك، وأنت تتجول في المدن الكبرى. ولكن، يكفي أن تبتعد بضع عشرات الكيلومترات في الأرياف، لكي تشاهد الصين القديمة والبيوت البسيطة والمزارعين الصينيين الفقراء المقتصدين في حياتهم إلى حد بعيد.
أصبح التفاوت الاجتماعي كبيراً جداً، ويشبه أي بلد في العالم الرأسمالي والعالم الثالث، وتنتشر البطالة والفقر إلى جانب الغنى الفاحش. وتأتي الصين في المرتبة الثانية بعدد المليارديرات لعام 2016 (213 مليارديرا) بعد الولايات المتحدة (536 مليارديرا).
التلوث في بكين هو الأعلى في العالم، وهذا بسبب الصناعة، كما بسبب العواصف الرملية التي تهب على بكين بمعدل 14 مرة في العام، إذ إن ربع مساحة الصين صحارى، وهي تتوسع بسبب الجفاف وسوء الاستخدام وقطع الأشجار. ويعلم الصينيون أنهم لوّثوا البيئة كثيراً، لكنهم يردّدون: "الدول الكبرى لوثت من قبل أكثر مما لوثنا، ونحن الآن أصبحنا أغنياء، وأصبحت لدينا القدرة المادية، وسنهتم أكثر بالبيئة والحفاظ عليها".
في الصين، مازالت الرقابة صارمة، وحريات التنظيم والتعبير غائبة، وتسيطر الدولة على الإعلام، وسياسة الحجب واسعة الانتشار، وحتى جريدة "العربي الجديد" محجوبة في الصين. وعندما طلبنا كلمة السر في المطار، لربط هواتفنا الذكية بشبكة الإنترنت، طلبوا أن نذهب إلى جهاز، ونعمل تصويراً لجوازات سفرنا، كي نحصل على كلمة السر الخاصة بكلٍّ منا، بما يتيح لهم معرفة ماذا فعل. كما أن وسائل التواصل الاجتماعي غير مسموحة عدا "الواتس أب"، وقد أطلقت الصين برنامجاً منافساً لـ"فيسبوك"، لكن الصينيين لا يعدمون طرقاً لكسر الحظر والوصول إلى "فيسبوك"، وهو منتشر بين الشباب.
ما تزال الصين تبدو متناقضة، بين اسم الحزب الشيوعي وأيديولوجيته الرأسمالية، فاقتصادها اليوم أكثر ليبرالية من اقتصاد الولايات المتحدة. لكن، بدون النظام السياسي الديمقراطي، وبدون الحريات العامة وحقوق الإنسان المعهودة في الدول الغربية أو اليابان أو حتى تايوان. وثمّة سؤال يتكرر: هل سيبقى 1.33 مليار نسمة يرزحون تحت حكم شمولي، يقمع حريات التعبير والتنظيم وحقوق الإنسان.. إلخ؟
ما حقّقه الحزب الشيوعي الصيني يمنحه مشروعية ورضى الصينيين وثقتهم. لذا، هم في المجمل راضون، وهم يدركون مخاطر التغيير السياسي المستعجل، وقد أعطتهم التجربة الروسية درساً قاسياً، كما أن الطبقة الوسطى والغنية الجديدة من الصينيين تكوّنت بفعل سياسات الحزب الشيوعي منذ 1978، كما فتح الحزب الشيوعي أبوابه أمام هذه الطبقات، وأصبح غالبية المنتسبين الشباب إلى الحزب هم من الفئات الوسطى والغنية، وأصبحت هذه الفئات تشكل الجزء الأكبر من قاعدته الاجتماعية الفاعلة. ولكن، بدأت هذه الطبقات تشكل ضغطاً أكبر على الحزب باتجاه مزيدٍ من الانفتاح، ومزيد من المشاركة في القرار. وقد راهن خبراء غربيون كثيرون على انفجار المطالبة بالحريات العامة، مع ارتفاع مستويات الدخل، ونمو الطبقات الوسطى والغنية، وإدخال الصين، بالتالي، في صراعاتٍ داخليةٍ تعرقل صعودها. ولكن، أي من رهاناتهم لم يتحقق حتى الآن.
لعل منطقة زينتياندي تعبّر اليوم ببلاغةٍ عن الصين الحديثة، فهي تقع وسط شنغهاي، وهي منطقة للنخبة، تعج بالمطاعم والحانات الراقية والمتاجر الكبرى الفاخرة، حيث ترى الصينيين حديثي الثراء قادمين إليها في المساءات. لكن "زينتياندي" نفسها كانت مهد الحزب الشيوعي الصيني، فهنا قام الشاب ماوتسي تونغ مع 11 من رفاقه بتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، في 23 يوليو/تموز 1921، وأصبح ذلك المكان الثوري محاطاً بتلك الأماكن الفاخرة، معبراً ببلاغةٍ عن وضع الصين اليوم.