صندوق النقد يضغط على الأردن لزيادة الضرائب

24 ابريل 2018
صندوق النقد يصف الضرائب على الأفراد بالضعيفة(فرانس برس)
+ الخط -

قال مسؤول أردني إن حكومة بلاده تتجه إلى إقرار قانون جديد لضريبة الدخل، وإحالته إلى البرلمان لمناقشته خلال الدورة الاستثنائية المتوقع عقدها صيف العام الحالي 2018، مشيراً إلى ممارسة صندوق النقد الدولي ضغوطاً من أجل إصدار القانون الذي سيزيد أعداد الخاضعين للضريبة من المواطنين.

وأضاف المسؤول، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أن وفداً أردنياً، يضم وزيري التخطيط والمالية ومحافظ البنك المركزي، بحث مع إدارة الصندوق الإصلاحات الجديدة المطلوبة، وذلك على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين التي اختتمت أعمالها في واشنطن، يوم الأحد الماضي.

وتابع أن "صندوق النقد غير راضٍ بشكل كبير عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة خلال العام الحالي، لخفض العجز المالي، واعتبر أنها غير كافية لضبط الدين العام ووضع المالية العامة في مسارها الصحيح".

وكان المجلس التنفيذي للصندوق قد وافق في 24 أغسطس/ آب 2016 على منح الأردن قرضا بقيمة 723 مليون دولار، يصرف على ثلاث سنوات، مقابل تنفيذ برنامج اقتصادي.

وأجرى المجلس التنفيذي للصندوق في يونيو/ حزيران 2017 المراجعة الأولى لأداء الاقتصاد الأردني بموجب الاتفاق. وحصلت عمّان بعد تلك المراجعة على نحو 71 مليون دولار، ليصل مجموع المبالغ المصروفة في إطار البرنامج إلى نحو 141.9 مليون دولار.

وقال الصندوق في ختام المراجعة الأولى إن الأردن سينفذ إصلاحات مكملة أخرى لمعالجة التهرب الضريبي وترشيد الإنفاق واحتواء الالتزامات الاحتمالية وتحسين الوضع المالي لقطاعي الطاقة والمياه.

وكانت الحكومة قد اتخذت حزمة قرارات بداية العام الحالي شملت رفع الدعم عن الخبز وزيادة ضريبة المبيعات بنسبة وصلت إلى 10% على كثير من السلع والخدمات، إضافة إلى فرض ضرائب نوعية ورسوم مقطوعة على مواد أخرى، إلى جانب رفع أسعار الكهرباء 4 مرات.

وقالت الحكومة إن حصيلة هذه الإجراءات هي تحقيق عائد سنوي للخزينة بنحو 742 مليون دولار. ويقدر حجم موازنة الأردن لعام 2018 بنحو 11.97 مليار دولار، بعجز 766 مليون دولار، بعد احتساب المنح الخارجية.

وأكد حسام عايش، الخبير الاقتصادي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الأوضاع المعيشية للمواطنين وأحوال الاقتصاد لا تسمح بإجراءات جديدة تعمق حالة الركود الاقتصادي وتراجع الطلب على مختلف السلع والخدمات.

وحذّر عايش من توسيع قاعدة الخاضعين لضريبة الدخل، كون ذلك سيؤدي إلى زيادة معدل الفقر المقدر بنحو 20%، وفقاً لآخر بيانات رسمية، في الوقت الذي لم تقم الحكومة فيه بزيادة رواتب العاملين منذ نحو 9 سنوات.

وتوقع أن تسرع الحكومة نتيجة لضغوط صندوق النقد من إجراءات تعديل قانون ضريبة الدخل على النحو الذي يرفع الإيرادات من خلال إخضاع عدد كبير من الأفراد للضريبة.

وكان محمد المومني، وزير الإعلام الأردني، قد قال في تصريحات الأسبوع الماضي، إن القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل في مراحله النهائية وسيعرض على مجلس الوزراء قريباً.

وتتجه الحكومة في مشروع القانون الجديد إلى خفض سقف إعفاءات ضريبة الدخل، ليتم فرض الضريبة على الأفراد الذين يبلغ دخلهم السنوي 8.4 آلاف دولار، بدلاً من 16.9 ألف دولار في السابق، ونحو 16.9 ألف دولار للعائلة بدلاً 33.8 ألف دولار.

كذلك تدرس الحكومة إخضاع قطاعات جديدة للضريبة، مثل المكاتب الهندسية والعيادات الطبية وغيرها، لزيادة الإيرادات، فيما تخضع مختلف القطاعات الاقتصادية لضريبة الدخل بنسب متفاوتة أعلاها على البنوك والشركات المالية، بنسبة تبلغ 35%.

وقد تطابقت تصريحات المسؤول الأردني مع تصريحات مسؤولين في صندوق النقد على مدى اليومين الماضيين، التي أكدوا فيها أن عودة بعثة صندوق النقد إلى الأردن لإجراء المراجعة الثانية للأداء الاقتصادي تتوقّف على نتيجة المباحثات الجارية.

وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، مساء الخميس الماضي: " لقد أجرينا حواراً وثيقاً مع السلطات (الأردنية) بشأن تنفيذ الالتزامات التي ينص عليها البرنامج ونتوقع أن نواصل هذه المناقشات في الأيام المقبلة وسيتقرّر تاريخ عودة البعثة بعد ذلك".

كذلك قال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، يوم الجمعة الماضي، إن تقدم الإجراءات التي وضعتها الحكومة الأردنية ويدعمها صندوق النقد الدولي مهم لعودة بعثة الصندوق من أجل إجراء المراجعة الثانية لمؤشرات الأداء الاقتصادي للمملكة.

وأشار أزعور إلى "ضرورة مراجعة قانون ضريبة الدخل لتعزيز الإيرادات المحلية وتحقيق العدالة في توزيع العبء الضريبي"، لافتاً إلى أن الضريبة على الأفراد لا تحقق إلا دخلاً قيمته 140 مليون دولار سنوياً ولا تمثل سوى 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وأضاف أن الأردن قام خلال السنوات الماضية بمجموعة إجراءات مالية أسهمت في تخفيض مستوى العجز، وسط ظروف صعبة فرضتها عوامل داخلية وخارجية، أبرزها تدني نسبة النمو التي بلغت 2% إلى 2.5% والمعاناة من إغلاق منافذه التجارية مع سورية والعراق.

وتابع أن ارتفاع نسبة الدين إلى مستويات تتجاوز 90% تستدعي سياسة مالية حكيمة للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي. وتجاوزت مديونية الأردن 38 مليار دولار، وفقاً لآخر بيانات للبنك المركزي.

لكن أحمد الصفدي، رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني (البرلمان)، قال في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، إن توسيع دائرة الخاضعين لضريبة الدخل سيؤدي إلى تقليص الطبقة الوسطى وزيادة الأعباء المعيشية على كاهل المواطنين، مشيراً إلى رفض المجلس تمرير أي قانون يزيد معاناة الناس ويعمّق الفقر.

وقال الصفدي إن "على الحكومة البحث عن بدائل أخرى لزيادة الإيرادات، بعيداً عن جيب المواطن"، مشيراً إلى أن اللجنة المالية النيابية ستخضع أي مقترحات حكومية لزيادة الإيرادات لنقاش مستفيض. وشهد الأردن، خلال الأشهر الماضية، احتجاجات استمرت لعدة أسابيع في العديد من المحافظات، بسبب قرارات رفع الأسعار.

وأظهرت بيانات رسمية، صدرت يوم الأحد الماضي، أن معدل التضخم في الأردن ارتفع بنسبة 3.7% على أساس سنوي خلال الربع الأول من العام الجاري 2018، متأثرا بصعود أسعار الكثير من السلع الرئيسة التي تمسّ حياة المواطن اليومية، بعد رفع الدعم عنها.

وبحسب البيانات الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة (حكومية)، ساهمت في الارتفاع مجموعات النقل بنسبة 8.8%، والحبوب ومنتجاتها بنسبة 15.5%، والتبغ والسجائر بنسبة 16.7%. كذلك، ارتفعت أسعار الإيجارات بنسبة 2.9%، والوقود والإنارة بنسبة 5.5%.

وكانت الحكومة ترصد سنوياً نحو 2.8 مليار دولار لدعم بعض أصناف المحروقات والكهرباء والخبز والصحة والتعليم وشبكة الأمان الاجتماعي.

ورأى خبراء أنه من الضروري تقليص حجم التهرب للخاضعين للضريبة، بدلاً من إضافة أعباء لأعداد إضافية من المواطنين بتقليص حجم الإعفاءات.

وقدّر أحمد عوض، الخبير في الشؤون الاقتصادية، حجم التهرب بنحو مليار دولار سنوياً، منها نحو 700 مليون دولار تهرب من ضريبة المبيعات ونحو 300 مليون دولار من ضريبة الدخل.

المساهمون