صناعة الدواجن وسياسة إفقار المصريين

27 فبراير 2015
المصري يستهلك 12 كيلوجراماً من الدجاج سنوياً (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
تضاعفت أسعار الدواجن البيضاء في مصر عما كانت عليه قبل شهر، وتخطى سعر الكيلوجرام 20 جنيهاً للمستهلك، وأصبح بروتين الفقراء في غير متناولهم. في فبراير/شباط من العام الماضي، اشتكت إلى زوجتي ربة منزل مقيمة في ضاحية بمدينة السادس من أكتوبر، وهي مدينة مرتفعة في إيجارات المساكن، اشتكت من ارتفاع أسعار هياكل الدواجن من 2.5 جنيه إلى 4.5 جنيهات، وهذا يشكل صعوبة عليها في إطعام أبنائها هذه الهياكل.

كانت هذه المرة الأولى التي أسمع فيها عن هياكل الدواجن، وأنها تباع وتطهى، وهي عظام الدواجن بعد تخليتها من اللحم، لإنتاج مخلي الصدور غالي الثمن. هذه الهياكل (العظام) يعلق بها بقايا لحم ونكهة الدجاج، يشتريها الفقراء لإيهام الأطفال بأنهم يأكلون الدجاج. ومن المفارقة، التي لا تحدث إلا في بلد مثل مصر، أن هذه الارتفاعات في الأسعار لا تحقق الربح لمربي الدواجن الصغار، بل يتكبد الكثير منهم الخسائر، بسبب ارتفاع أسعار العلف وغاز التدفئة، الذي وصل إلى عشرة أضعاف سعره الرسمي.

ورغم استمرار انخفاض أسعار الذرة في السوق العالمي، حتى 235 دولاراً للطن (1800 جنيه)، فإن سعرها في مصر وصل إلى 3250 جنيهاً (422 دولاراً)، رغم أنها منزوعة الجنين، ومن إنتاج العام قبل الماضي. كما أن أسعار الغذاء عامة تنخفض باستمرار في السوق العالمي، كما ورد في التقرير الشهري للبنك الدولي، ولكن لا يوجد في مصر أي صدى لهذا الانخفاض.

ويطالب اتحاد منتجي الدواجن، بزيادة رسوم الإغراق على الدواجن المستوردة، أسوة بصناعة الحديد، دون النظر للمحرومين وآكلي الهياكل. الجدير بالذكر أن حجم الاستثمارات في صناعة الدواجن، يقارب الثلاثين مليار جنيه، وهي تستوعب 2 مليون عامل في جميع حلقات الصناعة يعولون نحو 8 ملايين فرد وتجود في الصحراء. وهي فرصة لتعويض نقص البروتين الحيواني للمصريين، الذين لا يزيد معدل استهلاك الفرد منهم عن 12 كيلوجراما في السنة من الدواجن، في حين يصل المتوسط العالمي 70 كيلوجراماً.

الذرة الصفراء وفول الصويا تمثل 70% من تكاليف إنتاج الدواجن، ويتم استيرادها من الولايات المتحدة، ما يجعل صناعة الدواجن في مصر، مثل الفيل الذي يمشي على أرجل العصافير عرضة للانهيار في أي وقت.

أحد المحتكرين المقربين من حسني مبارك، يتحكم وحده في الذرة الصفراء وفول الصويا منذ تولي الرجل الحكم، من استيراد وتفريغ في ميناء دمياط، وتخزين والنقل بأسطوله لأنحاء الجمهورية، يرفع السعر إلى ما يقرب من ضعف السعر العالمي، وقد تظاهر ضده عدد من مربي الدواجن أمام مجلس الوزراء بعد ثورة يناير.

ولولا هذا المحتكر، لكان لأسعار الدواجن أن تنخفض إلى النصف، ويصبح سعرها في متناول الفقراء الذين لا يملكون سعر اللحوم الحمراء، وأيضاً يحقق لمربي الدواجن هامش ربح يشجعه على الاستمرار في الإنتاج طيلة العام، وتشغيل مزيد من الشباب الذين يعاني 13 مليوناً منهم البطالة.

حكومة الثالث من يوليو/تموز أجهضت مشروعا للاكتفاء الذاتي من الذرة الصفراء، قدمه وزير التموين في عهد مرسي مع وزارة الزراعة ومنتجي الدواجن، وكنت أحد شهوده، ليظل المواطن المصري يعاني البطالة والفقر والجوع.

اقرأ أيضا: على من تضحكون؟
اقرأ أيضا: إفقار الشعوب.. مصر نموذجاً

المساهمون