صلاة مدفوعة الثمن وتكتيكات للجدل وأسباب مقدسة

17 ديسمبر 2018
+ الخط -
- إذا كنت لا تجد وقتاً للذهاب إلى دور العبادة وأداء الصلوات، فستجد من يصلي من أجلك حرفياً، ولكن بمقابل مادّي، لن يكون أغلى من وقتك الذي يمكن أن يضيع في زحام المواصلات الخانق.

يحدث هذا بالفعل في الهند، بين مئات الآلاف من المنتمين إلى الهندوسية، الذين يلجأون إلى ما يطلق عليها (شركات الصلوات بالوكالة)، التي تقوم مواقعها الإلكترونية وتطبيقاتها على الهواتف الذكية بتقديم خدمة "ديليفري" للصلاة والطقوس العبادية لزبائنها الهندوس، الذين ليس لديهم الوقت أو المال أو القدرة الجسدية أو الموجودين في أماكن ليس بها معابد، فترسل بمن يؤدي لهم طقوس العبادة في أحد المعابد التي تعاقدت معها عبر الهند، فضلاً عن قيام بعض الشركات مثل شركة (شوبف بوجا) بتوفير كاهن لأداء الطقوس الدينية عبر تطبيق (سكايب) لمن يرغب.

قبل سبع سنوات، اكتشف رافي جان الموظف في بنك استثماري ببانغلور تلك الشركة بالصدفة، حين كتب على غوغل سائلاً في لحظة ضيق وبحث عن مساندة روحية: "كيف يمكنني الحصول على دعم إلهي لمسيرتي المهنية"، ففوجئ بـ "غوغل" يدله على موقع شركة (إي بوجا)، التي اتفق معها عبر موقعها الإلكتروني أن تؤدي له طقس (البوجا) التعبدي في معبده المفضل، المخصص للإله الهندوسي فيشنو الذي يقع في منطقة تاميل نادو، مقابل دفع ما يعادل 15 دولاراً أميركياً، ولأن ذلك ساعده على الاستمرار في عمله لوقت أطول، فقد أصبح يمارس ذلك الطقس الإلكتروني بشكل منتظم.

الآن، وبعد مرور سبع سنوات، لم يعد لشركة (إي بوجا) عدد محدود من المعابد التي تقدم فيها خدمات الصلاة عن بعد، بل أصبحت تتعامل مع 3600 معبد عبر الهند، طبقاً لما أعلنه مؤسس الشركة شيفا كومار، الذي قضى أربع سنوات يقود سيارته عبر أرجاء الهند، ليقنع الكهنة بالشراكة معه، وكان أصعب ما واجهه في التعامل معهم هو قيامه بشرح معنى "الإنترنت" لأولئك الكهنة الذين كان بعضهم منعزلاً عما حوله، ولذلك كان عليه الإجابة عن أسئلة من نوعية "ما هو الإنترنت؟ أين هو؟ هل يمكن أن ألمسه أو أشعر به؟"، وبمجرد استيعاب إجاباته، كان معظم الكهنة الذين التقى بهم مستعدين لأداء "البوجا" لأي شخص يريد، لتقدم الشركة منذ إنشائها نحو 50 ألف طقس بوجا تعبدي لعملائها الموجودين في 65 دولة.


يقول شيفا كومار للصحافية سيجال صامويل، إن أكثر ما يطلبه زبائنه خلال الاتفاق على تفاصيل طلباتهم التي سترفع في الطقوس التعبدية، هو المساعدة في تأمين الزواج، ومع ذلك فقد تلقى مرة واحدة طلباً من زبون يعيش في البرازيل، بأن تساعده الآلهة في ضمان الطلاق السريع، أما أكثر ما فاجأ كومار خلال سنوات عمله في الشركة، هو أن عشرين في المئة من زبائنه من غير الهندوس، لكنه لم يجد مشكلة في تقديم خدمة "البوجا" لهم. وحين سئل كومار: "ألا ترى أن التجربة التعبدية تفقد الكثير من قيمتها دون بذل بعض الجهد وحين تتم بدون أي عناء"، اعترف بأن زيارة المعبد بشكل شخصي أفضل بالطبع، لكنه أضاف: "لكن نحن ثاني أفضل طريقة للتعبد".

في محاولة لتفسير هذا الطقس، تقول فاسودا نارايان أستاذة دراسة الأديان في جامعة فلوريدا، إنه يمكن لتركيز الهندوسية على علم التنجيم أن يفسر لنا لماذا يوافق كثيرون من الهندوس على اللجوء إلى هذا الطقس الإلكتروني، لأنهم يرون أن حل مشكلة ما يتطلب إمداد الكوكب الصحيح بالطقوس الصحيحة في المعبد الصحيح، فإذا كان لدي مشكلة في سقف البيت مثلاً، فسبب ذلك أن زحل ليس في المكان المناسب، ولذلك علي أن أذهب إلى المعبد للقيام بـ (بوجا)، ولكن إذا كنت في فلوريدا ولا أستطيع الذهاب إلى المعبد المناسب من وجهة نظري، فلماذا لا أفعل ذلك من خلال شركة (إي بوجا).

بالطبع سيبدو دفع ثمن للصلاة أمراً غير لائق من وجهة نظر غير الهندوس، لكن نارايانان يقول بأن ذلك أمر شائع في الهند، فحتى الزيارات الشخصية للمعبد يغلب عليها تقديم تبرعات للمعبد أو للكاهن الذي يؤدي الطقوس، كما أن عدم وجود الشخص الراغب في التوبة أو الذي يتقدم بالطلب للآلهة خلال الصلاة في المعبد ليس أمراً غريباً أيضاً، فحين تسترجع نرايانان واحدة من أقدم ذكريات طفولتها في الهند، تتذكر جدتها وهي تقوم بملء استمارات مرسلة عبر البريد، لجعل الكهنة يؤدون الطقوس في معابد بعيدة عن مكان إقامة الأسرة. تضيف نارايانان أن فكرة الهندوسية عن الصلاة تعطي قيمة أكبر بكثير من غيرها للطقوس نفسها، "لا يهم إذا كان أحدهم يؤدي صلاة من أجلك لأنك دفعت له 15 دولاراً للقيام بذلك، المهم أن تؤدى الصلاة وتقال كلماتها، لأن الكلمات نفسها يُعتقد أنها تملك القدرة على تحويل الكون"، وهو ما يجعلك تفهم لماذا يقول كومار مؤسس شركة الصلاة الإلكترونية بثقة: "أنا مجرد ساعي بريد يحمل طلباتك إلى الله".

يبقى السؤال، هل يمكن مع تعقيدات الحياة وتطوراتها أن نرى خدمات مماثلة تقوم بأداء شعائر الحج والعمرة، لمن لا يقدر على أدائها لأسباب قهرية، ولعلك تعلم مع الخبرة أنه حين تصدر فتاوى فقهية عن المؤسسات الدينية الرسمية بإباحة ذلك، فإنه لن يكون لوجه الله وحده، بل سيكون بالاتفاق مع المحظوظين الذين سيتفقون على تقاسم الأرباح؟


- في كتيب يحمل عنوان (كيف تقوم بمناظرة أستاذك وتفوز عليه)، نشرته مجموعة (نقاط تحول) الأميركية المحافظة عام 2015، وقامت بتوزيعه على طلبة المدارس والجامعات الذين يحملون أفكاراً محافظة، وردت العناوين التالية التي ستجدها مثيرة للتأمل في طريقة تعديل التيارات المحافظة والمتشددة لتكنيكاتها في كسب المؤيدين والأنصار:

- إنهم يهدفون للاستحواذ على الثروات ـ حين يهاجمونك هاجمهم ـ قم بتنوير زملاءك في الدراسة بحقائق التاريخ ـ إنهم يقومون بإعادة كتابة الدستور حرفياً والأمر متوقف عليك لكي توقف حدوث ذلك ـ أنقذوا عقول شباب أمريكا ـ كن على علم بما يجري ـ يحتوي اليوتيوب على محاضرات يمكن أن تطلع عليها ـ قنوات فوكس الإخبارية لديها مواد عظيمة للمتابعة ـ قم باستيعاب المحتوى قبل أن تناقش ـ الرأسمالية تتعرض للهجوم الآن ـ أساتذة المدارس والجامعات في جميع أنحاء أمريكا يدربون عقول الشباب على الاعتقاد أن الرأسمالية غير أخلاقية ـ اجتهد في نحت وصياغة رسالتك ـ اكسب القلوب والعقول معاً ـ اعرف عدوك ـ ادرس عادات أستاذك جيداً ـ توقع حركاته وتوجهاته ـ ارمِ البذور وانتظر ـ اكسب الدعم ـ التفعيل ـ لا يجب أن تبدو متطرفاً أو منفعلاً ـ ما تفعله يتطلب شجاعة ـ كل شيء يبدأ برفع يدك لتطلب الكلمة ـ ليس هناك داعٍ لتكون وقحاً.

- نشرت مجلة (هاربر) الأميركية مقتطفات من التقرير الذي أعدته هيئة المحلفين الكبرى في ولاية بنسلفانيا والمكونة من 40 عضواً، والتي حققت في وقائع الانتهاكات الجنسية التي مارسها أكثر من ثلاثمائة قسيس في ست أبرشيات في الولاية على مدى سبعين عاماً بحق عدد كبير من الضحايا الأطفال والناشئين، من تم تحديدهم منهم تجاوز عدده الألف، ومن خفي كان أعظم، من بين التفسيرات التي قدمها بعض القساوسة المتهمين بالانتهاكات لما قاموا به من أفعال، جاءت التفسيرات التالية:

- اللمس واجب كهنوتي ـ الكهنة هم أدوات الله ـ الله يريد ذلك ـ الله يحب كل الأطفال ـ التوظيف في الدير يتطلب التقبيل ـ يقول المسيح أن التقبيل علامة على وجود صداقة خاصة ـ للتأكد ما إذا كان الطفل مثلياً جنسياً ـ هذه أزمنة متحررة ـ كل شيء مباح ـ اللمس أمر ضروري لمباركة أعضاء الأطفال ـ المداعبة تقوم باكتشاف مرض السرطان ـ المباغتة تنقذ الأرواح ـ مريم العذراء لعقت يسوع بعد ولادته ـ يحتاج الأطفال حين يغيب آباؤهم إلى تعزيز إحساسهم بذواتهم ـ الأطفال السذج يحتاجون إلى تثقيف ـ التلامس الخشن مع الأولاد أمر طبيعي ـ الجنس مع الأولاد ليس خطيئة ـ اللمس يبني الثقة ـ الجميع يفعل ذلك ـ لا يوجد جحيم أصلاً.

.....

أرقام للتأمل:
- نظرياً وإذا استبعدنا حكم القضاء والقدر، يمكن أن يطول عمرك أو يقصر طبقاً للحي الذي تسكن فيه في نفس المدينة، هكذا ترى دراسة تؤكد أن متوسط العمر الذي يعيشه من يسكنون في منطقة (ذي لووب) في مدينة شيكاغو الأمريكية التي يغلب عليها سكن العاملين في البيزنس يمكن أن يصل إلى 85 سنة، بينما يبلغ متوسط العمر الذي يعيشه من يسكنون في منطقة واشنطن بارك في جنوب شيكاغو المشهورة بانخفاض مستواها الاقتصادي وزيادة جرائم العنف فيها 69 سنة فقط.

- ثلاثة في المائة هي نسبة الأميركيين الذين يعتبرون أنفسهم من اليمين المتشدد، أو "الألت رايت"، بينما تبلغ نسبة الأميركيين الذين لم يسمعوا بهذا المصطلح من قبل خمسة في المائة، في حين بلغت نسبة الذين يساندون الوطنية البيضاء أو تفوق العرق الأبيض سبعة في المائة في استطلاع نشر في نوفمبر 2017، وكان أخطر ما ورد فيه دلالة أن نسبة الذين يعتقدون أن الأمريكان البيض يتعرضون للتهديد بلغت 39 في المائة، وهي نسبة كبيرة ومخيفة بكل المقاييس.


- في دراسة أجريت على الفنانين والعاملين في مجال الفنون البصرية في الولايات المتحدة، بلغت نسبة الذين يحصلون على ثلاثة أرباع دخلهم من الفنون التي يمارسونها 17 في المائة فقط، بينما بلغت نسبة الذين يعتمدون على فنهم بشكل كامل كمصدر للرزق ثلاثة في المائة فقط، أما نسبة الذين يعتمدون على دعم عائلتهم أو ميراثهم كمصدر من بين أبرز ثلاثة مصادر للدخل فقد بلغت 29 في المائة.

- في عام 2014 فقط حصلت امرأة لأول مرة على الميدالية الذهبية للمعهد الأميركي للعمارة، والتي تعتبر أرفع تكريم في مجال العمارة داخل أميركا، جوليا مورجان التي حظيت بهذا الشرف الرفيع، كانت قد توفيت قبل حصولها عليه بسبعة وخمسين عاماً.

- قبل تأسيسه موقع (ستورم فرونت) الذي ظل لفترة أكبر موقع يميني متطرف في أميركا، ذهب دون بلاك إلى السجن عام 1996 بسبب اشتراكه في التآمر لقلب نظام الحكم في جزيرة كاريبية اسمها دومينكا، للاستيلاء على السلطة فيها وتشكيل دولة للعرق الأبيض عليها.

- بدأت رياضة الجولف في النشوء والتطور في اسكتلندا في القرن الخامس عشر، وتم وضع قواعدها سنة 1744.

- كان من المتعارف عليه أن تقوم نساء الطبقة العليا في فرنسا خلال نهاية القرن التاسع عشر بتغيير ملابسهن من سبع إلى ثمان مرات يومياً.

- من بين القنوات الأكثر شعبية على موقع يوتيوب، هناك حوالي 370 قناة متخصصة في العلوم والتكنولوجيا والرياضيات والهندسة، من بينها 32 قناة فقط تقدمها نساء.

- في الصيف الماضي ارتفعت نسبة الشباب الأميركي ما بين سن 16 إلى 19 سنة، الذين يعملون في الإجازات الصيفية إلى حوالي 35 في المائة، في حين كانت قد وصلت في بدايات الألفية الثالثة إلى نسبة خمسين في المائة تقريباً.

- وصل عدد مستخدمي تطبيق جوجل للترجمة إلى 500 مليون مستخدم، يترجمون حوالي 143 بليون كلمة في اليوم.

- واجهت دار الأوبرا في نيويورك (متروبوليتان أوبرا) صعوبة في ملء مقاعد عروضها المتعددة خلال العام الماضي، حيث تمكنت فقط من ملء نسبة 67 في المائة من مقاعدها وهو ما يقترب من رقم قياسي سابق لانخفاض الإيرادات.


- واحدة من بين كل خمس برازيليات قامت بالتخلص من حمل غير مرغوب فيه، مع العلم أن عدد سكان البرازيل يبلغ حوالي 210 مليون برازيلي.

- قام المؤرخ الأميركي هاولد هولزر بتأليف وتحرير 52 كتابا عن الرئيس الأميركي إبراهام لينكولن، ولا زال يعمل على كتابين جديدين عنه يصدران قريباً.

- حوالي 80 في المائة من نزلاء سجن جزيرة رايكرز في مدينة نيويورك من السود واللاتينيين، حوالي ثمانين في المائة منهم لا زالوا ينتظرون المحاكمة، لأنهم لم تتم إدانتهم أصلاً بارتكاب جرائم.

- للسنة الخامسة على التوالي، تحصل مدينة سنغافورة على المركز الأول في قائمة أغلى مدينة في العالم.

- طبقاً لإحصائية لمكتب العمل الأميركي، مات 217 عامل أميركي على الأقل من الإفراط في شرب الكحول أو المخدرات خلال عام 2016 بزيادة قدرها 32 في المائة عن عام 2015.

- لكي تدرك مدى التطور المذهل الذي تحقق في مجال زراعة القلب ولا زال يتواصل، يكفي أن تعرف أن أول عملية ناجحة لزراعة القلب أجريت في عام 1982، عاش بعدها المريض 112 يوماً عانى خلالها من نوبات صرع وضرر دماغي والتهابات رئوية وفشل كلوي وقرحة وتورم في الخصيتين، حتى أنه طلب أن يتم السماح له بأن يموت.

- طبقاً لاستطلاع أجراه معهد جالوب، تعتبر شبكات الأخبار التلفزيونية أقل المؤسسات ثقة لدى الأميركيين، بعد البنوك والمؤسسات الصحية والمؤسسات القضائية.

- يقوم البشر في العام بقتل حوالي 100 مليون سمكة قرش، في حين قامت أسماك قرش لم تتم استثارتها أو مهاجمتها بقتل خمسة أشخاص فقط حول العالم خلال عام 2017.

- طبقاً لإحصائية أصدرها الاتحاد الدولي للملاهي ـ لم أكن أعرف من قبل أن هناك واحداً ـ بلغت نسبة التعرض لإصابة خطيرة خلال ركوب ألعاب في الملاهي الأميركية، إصابة واحدة من بين كل 17 مليون ركوبة.

- في الفترة من 1989 إلى 2016، انخفضت حصة العاملين البيض في الاقتصاد الأميركي من 45 في المائة إلى 27 في المائة، وهو رقم يفسر كيف نجح دونالد ترامب في استثمار مشاعر الغضب والكراهية بشكل فعال في صعوده الذي لا زال البعض مصمماً على تجاهل أسبابه الاجتماعية والاقتصادية.
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.