صفاء وعزة: من العفوية إلى الربح المالي

22 ابريل 2018
صفاء وعزّة (فيسبوك)
+ الخط -
تحصد فيديوهات البث المباشر التي تقوم الفتاتان المصريتان، صفاء وعزة، بنشرها يومياَ على صفحة فيسبوك، والتي تحمل ذات الاسم، ملايين المشاهدات وآلاف التعليقات. فخلال وقت قصير، استطاعت صفاء وعزة أن تصبحا من أشهر نجوم مواقع التواصل الاجتماعي، ليس فقط في مصر، وإنما في العالم العربي. 

البداية والنجاح
شكل البثّ المباشر الأول لصفاء وعزة صدمة لدى جمهور "السوشيال ميديا"، حيث ظهرتا في الفيديو دون أن تدركا ذلك وهما في ثياب العمل، إذْ تدَّعيان بأنّهما تعملان في المطبخ. فكانت إحداهما منهمكة بالجلي، والأخرى تحاول استكشاف جهاز البث، وما يظهر على الشاشة. لتتفاجأ حينها بأنها قادرة على رؤية متابعي الصفحة من خلال الشاشة الصغيرة. فتقفان أمام الكاميرا بتوق للشهرة، لتقوما بالتعريف عن نفسيهما، وعن طموحهما بالتمثيل، وتتوجهان بنادائهما للمخرجين المعروفين، لعلّهم يتبنونهما فنياً. هذا الفيديو الذي يعود تاريخ نشره إلى نهاية العام الماضي، تمكن من جذب الجمهور ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، لتتالى بعد ذلك فيديوهات الثنائي "صفاء وعزة"، وتحقق المزيد من الشهرة والنجاح، حتى تخطت بعض الفيديوهات حاجز المليوني مشاهدة.

تقنية المهرج
تعتمد صفحة "صفاء وعزة" في فيديوهاتها بشكل رئيسي على ردود فعل المتابعين ومداخلاتهم. ليتمكن الثنائي من خلق نوع خاص من الكوميديا، يتيح للجمهور الذي يتفاعل مع الصفحة إمكانية السخرية والمساهمة بتكريس الصورة النمطية لصفاء وعزة؛ إذْ عرّفتا عن نفسيهما بأنهما فتاتان من أرياف مصر، تعملان في الخدمة المنزلية، وتسعيان للشهرة من خلال تلك الفيديوهات، وتجهلان بالعديد من الأمور كاللغات والبرمجيات. وتدعيان بأن شخصاً آخر يدعى جمال هو من قام بإنشاء الصفحة التي تنشطان عليها! وبذلك فإن صفحة "صفاء وعزة" تعتمد على تقنية معروفة في عالم الكوميديا، وهي تقنية "المهرج"، والذي عادةً ما يرتدي القناع الأضعف، ويكون الرقم الأصغر في نطاق القوة، ليتمكن بذلك من خلق الكوميديا عن طريق امتصاص السخرية، والردود المفاجئة والذكية التي تتقنها الفتاتان. لذلك وقع المتابعون في حيرة من أمرهم، وشككوا بحقيقة صفاء وعزة، فالبعض افترض أنهما ممثلتان محترفتان تقومان بأداء نمطين طريفين لا أكثر، وخاصةً أن للفتاتين فيديوهات تمثيلية سابقة بالشخصيات ذاتها لم تلق استحسان الجمهور. والبعض الآخر يميل لتصديق رواية صفاء وعزة، ويؤمنون بأنّهما فعلاً فتاتان بسيطتان تعملان في خدمة المنازل، وتطمحان إلى الشهرة، وهي الرواية التي لم ينكفئ الثنائي عن تكرارها أمام وسائل الإعلام المرئية والسمعية والمكتوبة التي اهتمت بالإجابة عن تساؤلات الجمهور.





لماذا يتابع الجمهور "صفاء وعزة"؟ 

سواءً صدقنا رواية الفتاتين الريفيتين أم لم نصدقها، فإن نسبة المتابعة الكبيرة التي حصدتها فيديوهات الصفحة أمر يدعو للدهشة حقاً وللتساؤل عن السبب الذي يدفع ملايين الغرباء لزيارة هذه الصفحة بشكل يومي والتفاعل معها. من الممكن أن نفسر نجاح ظاهرة "صفاء وعزة" من خلال الرغبة التي تراود نسبة كبيرة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي وأبناء المدن بالتعرف على المجتمعات والبيئات المحيطة بهم، والتي يعتبرونها أدنى منهم، فهم يرغبون بالاطّلاع على ثقافة الأرياف دون الانخراط بها. وتضمن وسائل التواصل الاجتماعي لهم المحافظة على المسافة الآمنة. ومن ناحية أخرى، فإن نسبة كبيرة من رواد الصفحة يدخلون بهدف استعراض ثقافتهم وتقدمهم أمام الفتيات الريفيات، ليلعبوا دور الإنسان الغربي المستشرق، وذلك ما يفسر الحديث المستمر عن اللغات الأجنبية والانفتاح الحضاري. 

الربح المادي واستغلال تعاطف الجمهور 

منذ ما يقارب الأسبوع، قامت صفاء وعزة بنشر فيديو مختلف من حيث الشكل والمضمون، فظهرتا على البث المباشر وهما تبكيان وتشتكيان من المتابعين الذين قاموا بإيصال فيديوهاتهما إلى ربة عملهما، والتي قامت بدورها بطردهما من العمل، وطالبتا المتابعين أن يتواصلوا مع ربة العمل وأن يقنعوها بالعدول عن قرارها، لتتمكنا من العودة للعمل الذي تحتاجانه، بسبب ما يترتب عليهما من مصاريف والتزامات مادية ولضيق حالهما. وأعلنتا عن عدم نشرهما لأي فيديو جديد. حينها بدأ الجمهور يظهر دعمه للفتاتين المسكينتين، وازدادت نسبة المشاهدات بشكل كبير بسبب الشحنة الدرامية العاطفية الكبيرة في المشهد. بعد يوم واحد من ذلك الفيديو، بثت الصفحة فيديو لشخص مجهول، عرف عن نفسه كمدير لإحدى الشركات التي تدعم المحتوى الرقمي، وأعلن عن تبنيه لموهبة صفاء وعزة واستلامه إدارة صفحتهما ونيته العمل على التسويق لهما بشكل أكبر. حينها تحدث عن وضع الفتاتين الصعب مادياً، والتزاماتهما وضرورة تشجيعهما ودعمهما من خلال زيادة عدد المشاهدات، ووضع الإعلانات فيها. بعد ذلك عادت الصفحة إلى نشر فيديوهات بشكل مكثف لصفاء وعزة، وتضمنت تلك الفيديوهات إعلان لمركز يعلم اللغة الإنكليزية. وأرفق بالفيديو معلومات تفيد بأنه تم خداع صفاء وعزة، ولم تتقاضيا أجراً على الإعلان الذي قُدم بطريقة كوميدية مبتذلة للغاية. 

وكل ذلك يوضح أن الصفحة بدأت تفكر باستغلال شعبية "صفاء وعزة" للحصول على أرباح مادية، وهو الأمر الذي لا تتيحه منصات البث المباشر على فيسبوك.
دلالات
المساهمون