لم يختلف وضع محافظة صعدة، شمال اليمن، كثيراً عن بقية المحافظات اليمنية التي تُعاني من مشكلات عديدة وأزمات مختلفة، رافقت حملتي "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل". إلا في إعلانها من قبل محافظها محمد الرازحي محافظة منكوبة بسبب القصف.
الساكن في مركز محافظة صعدة، وهي معقل جماعة أنصار الله (الحوثيين)، يلمس نفس وتيرة الانقطاعات الكهربائية المستمرة التي تحدث في بقية المحافظات، بالإضافة إلى انعدام الوقود وتعليق التعليم في المدارس والجامعات.
وقد ساهمت همومها إثر ستة حروب سابقة وبطء التنمية فيها أيضاً، في تفاقم حالتها اليوم أكثر من ذي قبل.
ونزح أغلب سكان مدينة صعدة إلى قرى محافظات ومدن مختلفة على رأسها العاصمة صنعاء، بعد قصف مستمر على مواقع مختلفة تخضع لسيطرة جماعة الحوثي.
نازحو صعدة
عبد الواحد الرازحي أحد سكان صعدة النازحين إلى محافظة صنعاء، يوضح أنه اضطر للنزوح إلى صنعاء؛ لأن منزله يقع بجانب أحد المواقع الحوثية والمعرضة للقصف في أي وقت.
وأكد الرازحي لـ "العربي الجديد" أن أغلب سكان صعدة قد نزحوا إما إلى قرى صعدة البعيدة عن القصف، أو إلى صنعاء وعمران وحجة والمحويت. لافتاً إلى أنه شاهد أعداداً كبيرة من السيارات خرجت من صعدة مع بداية "عاصفة الحزم".
وحول أسباب نزوحه إلى صنعاء رغم أن وضعها لا يختلف عن وضع صعدة، يقول الرازحي: "إن صنعاء مدينة كبيرة، بينما مدينة صعدة صغيرة وإمكانية الإصابة فيها عالية مقارنة بصنعاء".
أما علي فايع، فيشير إلى الخراب الذي خلفه القصف على مختلف الأصعدة. وأكد أن القصف تركز على "الهناجر"، والتي يُعتقد أن فيها أسلحة ثقيلة، لكن القصف طال مدارس وأسواقاً ومقار حكومية مما سبب أضراراً متفاوتة بحسب قوله. وأضاف فايع لـ "العربي الجديد": "نزحنا إلى قرى بعيدة عن مركز المدينة الذي يتعرض لقصف مكثف مساء كل يوم تقريباً".
لكنه مع ذلك، يؤكد أن الحياة تسير بشكل طبيعي. مبيناً أن أغلب النازحين من المحافظة هم أصلاً من خارجها وينتمون إلى محافظات يمنية مختلفة.
وتعيش أغلب مديريات وقرى صعدة في ظلام دامس، لكن سكان مركز المحافظة يؤكدون أن الكهرباء تزورهم مؤخراً لساعات قليلة مساء كل يوم.
يقول محمد عبيد، وهو أحد سكان المدينة، إن الكهرباء بدأت بالعودة خلال اليومين الماضيين بعدما كانت قد انقطعت تماماً لأكثر من أسبوع، وهو الأمر الذي حدث في كل محافظات الجمهورية. وسبّب الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي انقطاعاً طويلاً للمياه.
وتنعدم المشتقات النفطية في المحافظة، وهو الأمر الذي رفع من أسعار البترول والديزل "السولار" المباعة في السوق السوداء في المحافظة إلى مستويات مرتفعة وغير مسبوقة، بنسب وصلت إلى 600 في المائة، بحسب قول الأهالي لـ "العربي الجديد".
وهو الأمر الذي انطبق على كثير من المواد الغذائية.
ويشكو أهالي صعدة من انعدام سلعتي القمح والدقيق، وهو الأمر الذي سبب تضاعف سعره بنسبة وصلت إلى 100 في المائة، إذ وصل سعر كيس القمح إلى 9 ألف ريال (أقل من 50 دولاراً).
العام الدراسي بلا ملامح
وفي السياق، علقت كل مدارس المحافظة العملية التعليمية في اليوم الأول من "عاصفة الحزم" قبل شهر. وبسبب القصف، تضرر عدد من المدارس في مناطق ومديريات مختلفة.
وقال مدير المجمع السعيد التربوي بالمدينة عيضة جبّار، إن الدراسة توقفت تماماً حرصاً على حياة الطلاب والكادر التربوي والإداري.
مضيفاً أن كثيراً من المدارس بالمحافظة تضررت بين الجزئي والكلي، مشيرا إلى أن "نصف المدارس بمركز المدينة قد تضررت من القصف".
وحول الإجراء المتبع من قبل مكتب التربية بهدف تعويض الطلاب عما فاتهم من دروس؛ بسبب تعليق الدراسة لشهر كامل، أكد جبّار لـ "العربي الجديد" ضرورة "تمديد فترة الدراسة وعدم إقامة الامتحانات في موعدها المخطط له مسبقاً، لافتا إلى أن "تكثيف الدروس على الطلاب ليس في صالحهم".
الأوضاع الصحية
ولا يختلف الوضع الصحي بالمحافظة عن بقية المحافظات الأخرى، فقد تسببت الحرب في نفاد المشتقات النفطية والأدوية والمستلزمات الطبية، بالإضافة إلى مغادرة أكثر من 200 كادر طبي أجنبي إلى مستشفيات مختلفة، بما فيها مستشفى السلام الممول من المملكة العربية السعودية منذ ثلاثة عقود.
وكان محافظ المحافظة محمد الرازحي، قد أعلن الأسبوع الماضي محافظة صعدة محافظة منكوبة، جراء ما تعرضت له من قصف منذ بداية "عاصفة الحزم" التي راح ضحيتها عدد من المدنيين وتدمير بعض البنى التحتية.
اقرأ أيضاً: انهيار صحيّ في اليمن
وأشار بلاغ صحافي صادر عن السلطة المحلية بصعدة، الخميس الماضي، إلى مقتل ما يقارب 250 مدنياً غالبيتهم من النساء والأطفال، وجرح المئات بسبب القصف الجوي الذي تسبب أيضا في تدمير عدد من المؤسسات والبنى التحتية، فضلا عن تسببه في نزوح ما يقارب 300 ألف مواطن من المحافظة، بحسب البلاغ.
اقرأ أيضاً: مقتل 115 طفلاً جراء الصراع باليمن.. ومخاوف من المستقبل
وذكر تقرير سابق لبرنامج الغذاء العالمي أن محافظة صعدة تأتي في المرتبة الأولى في انعدام الغذاء وبنسبة 40 في المائة من سكانها، حيث جاءت نتيجة التقييم عقب أول مسح غذائي سمحت به سلطات الحوثيين لموظفيه منذ 2010.
وبحسب مسؤول أممي، يعاني الكثير من المنظمات الإنسانية تحديات كثيرة أمام إيصال إغاثاتها إلى الأهالي المتضررين؛ بسبب منع مسلحي الحوثي دخول فرق الإغاثة إلى مختلف مناطق المحافظة. ونظراً لذلك، فقد توقفت أعمال عدد من المنظمات هناك مثل برنامج الغذاء العالمي ومنظمة أوكسفام البريطانية وغيرها.
ويفيد تقرير حديث عن الأمم المتحدة، بوجود أربع منظمات أممية فقط في المحافظة، هي منظمة الصحة العالمية والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة واليونيسف ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فقط.
اقرأ أيضاً:
اليمن: النزوح يحوّل الأرياف إلى مدن ويزيد الأزمات
اليمن: قصف في المحافظات الشمالية والجنوبية ومنشورات بصعدة
معقل الحوثيين في مرمى "عاصفة الحزم"