صرخة غريتا

19 فبراير 2019
غريتا ثونبرغ أمام البرلمان السويدي (جوناثان ناكستراند/ فرانس برس)
+ الخط -

من هناك بعيداً عنا، انطلقت نواة "ثورة" طلابية لا تشبه تلك التي نعرفها، عنوانها "إضراب المدارس من أجل المناخ". بدأتها صبيّة سويدية عمرها 16 عاماً اسمها غريتا ثونبرغ. منفردة أعلنت الإضراب عن الدراسة، واعتصمت في أغسطس/ آب الماضي أمام البرلمان في استوكهولم، مطالبة بتطبيق القوانين والوعود بمكافحة التغير المناخي.

وجّهت غريتا رسالة مصورة تلقفها طلاب العالم، دعتهم فيها للاعتصام أمام البرلمانات والمؤسسات الحكومية حتى تحقيق توصيات مؤتمر باريس للمناخ. والأكثر من ذلك، دعت الدول الغنية لمساعدة الدول الفقيرة على تجديد البنى التحتية فيها وتوفير المياه الصالحة للشرب والكهرباء والتعليم.

تلامذة المدارس في أستراليا كانوا أول من لبى الدعوة، وباشروا بالإضراب أيام الجمعة في أكتوبر/ تشرين الأول، وطوّروا حملتهم وصاروا يتظاهرون ويعتصمون بدءاً من نوفمبر/ تشرين الثاني، ونفذوا مسيرات حاشدة في كبرى المدن الأسترالية غطتها الصحافة العالمية لا المحلية فقط.

انتشرت عدوى غريتا إلى المدارس في أكثر من دولة أوروبية؛ في فرنسا وبلجيكا وألمانيا وهولندا، وروّج الطلبة الناشطون لبدء سلسلة الإضرابات في بريطانيا. وبعض المناصرين لحملتها في مدارس أميركية باشروا بالتحضير لحركة مماثلة.

عصيان غريتا لم يكن لحظة انفعال، ففي طفولتها درست في الصف كيف أن سلوك الناس يساهم في تدمير الكوكب، وتدربت في المنزل على ترشيد استهلاك الماء، والإنارة من الطاقة الشمسية، والتنقل بواسطة الدرّاجة الهوائية، وتقنين الاستهلاك، وسافرت بالقطار لمدة 32 ساعة بدل الطائرة، للمشاركة بمؤتمر المناخ الذي انعقد في بولندا في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وابنة السويد تعتبر أن بلدها ليس نموذجاً يحتذى في مواجهة التغير المناخي، لأن الحكومة لم تنفذ وعدها بخفض الانبعاثات بنسبة 15 في المائة سنوياً. وصرّحت للصحافة بأن المطلوب "منع كارثة المناخ الموجودة اليوم. نحن بحاجة إلى تغيير النظام والتعامل كما لو كنا في أزمة، كما لو أن الحرب مستمرة".




ولمن يعارض إضرابها قالت: "لماذا علينا أن ندرس الحقائق التي يخرج بها العلماء، في حين أن السياسيين لا يأخذون بها؟".

تحرك طلابي عالمي، هل يشمل المدارس العربية؟ أم نحن لنا عناوين ثابتة ونعجز عن تغييرها من خفض الأقساط المدرسية إلى تعديل المناهج وتوفير الكتب وتحسين البناء المدرسي وغيرها.

طلابنا يعيشون وسط أسوأ الظروف البيئية؛ نفايات وتلوث وجفاف. لكن الأفظع أنهم ليسوا أفراداً مستقلين، بل أجزاء من طوائف وملل لا يتحرك عناصرها إلا بأوامر من فوق... لذلك لا صوت لغريتا وأمثالها عندنا.
المساهمون