بدا لعائلة الصيّاد محمد قوزع أنه ما من حلّ غير ركوب القارب والتوجه إلى جيبوتي، بسبب تعرّض منطقتهم باب المندب للقصف المدفعي والجوي. وفي مخيّم جزيرة أوبوك، الذي يبعد 45 كيلومتراً عن العاصمة الجيبوتية، يعيش معظم أفراد أسرة قوزع. هناك، صنعوا حصيرة من سعف النخيل، ووضعوها تحت شجرة إلى جوار مسكنهم البلاستيكي الذي يتألّف من غرفة واحدة ومطبخ ومرحاض، إلّا أنّه من دون نوافذ أو جهاز تكييف. في هذا السياق، يقول قوزع إن درجة الحرارة مرتفعة جداً. لذلك، "نستظلّ بالشجرة هرباً من اللهيب في البيت". يضيف أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كانت قد استبدلت الخيام القديمة ووضعت أخرى بلاستيكية من دون تجربتها، على حد قوله، وحتّى من دون استشارة القبائل أو اللاجئين. لذلك، تعاني العائلات من لسعات البعوض كبيرة الحجم. إلّا أن ذلك أقل سوءاً من العيش في "جهنّم"، كما يصف البيت.
توفّر إدارة المخيّم القليل من المواد الغذائية، مثل الدقيق والأرز والسكر، إلا أنّها بالكاد تكفي اللاجئين لعشرين يوماً، خصوصاً أنه يتوجّب عليهم تدبير أدوات الطبخ، بما في ذلك غاز الطبخ وغيره، ما يضطر كثير من النازحين إلى بيع تلك المواد بأثمان بخسة من أجل شراء القليل من الطعام الجاهز من السوق، الذي يبعد خمسة كيلومترات عن المخيم.
لا يوجد في البيوت إنارة كافية، وهناك اعتماد على الإنارة في الشوارع فقط. ويشير قوزع إلى أنّهم يتضايقون بسبب الذباب والبعوض في النهار والليل، ما يجعل النوم مستحيلاً، لافتاً إلى أن نظام الصرف الصحي يضرّ بالصحة. ويلفت إلى أن المركز الصحّي عبارة عن خيمة يعمل فيها ممرض فقط بشكل تطوعي، وتضم الصيدلية ضمادات ومعدات لمعالجة الجراح البسيطة فقط، وأدوية للصداع. وفي حال اشتدّ المرض على أحدهم، لا يمكنه إلّا انتظار زيارة الفريق الطبي المتنقل للحصول على ورقة رسمية تتيح له العلاج في مستشفى جيد في العاصمة.
ويشير قوزع إلى أنّ المنظّمات الأمميّة مقصّرة في دعمهم كثيراً، لافتاً في الوقت نفسه إلى تأمينها معالجين نفسيين لمساعدة الناس على تجاوز الصدمات التي تعرضوا لها منذ بدء الصراع في مناطقهم وأثناء توجههم إلى جيبوتي بحراً. إلا أن هذا الأمر يثير سخرية اللاجئين بسبب عدم الالتفات إلى الاحتياجات الأخرى. وتضطر عائلة قوزع، بالإضافة إلى مئات العائلات اليمنية النازحة في جيبوتي، إلى تحمّل الكثير في ظل تقصير منظمات الإغاثة، علماً أنهم يعيشون في مخيّمات معزولة وشديدة الحرارة. مع ذلك، تبقى جيبوتي خياراً جيداً للكثير من اليمنيّين، خصوصاً الفقراء والمتحدرين من باب المندب، بسبب امتلاكهم قوارب صيد.
اقــرأ أيضاً
وتوافد إلى جيبوتي عدد كبير من اللاجئين في اليمن، الذين يحملون جنسيات مختلفة، منذ بدء الحرب، وإن كانت بعد العائلات قد عادت إلى الديار بعدما هدأ القصف. إلا أن تدمير بيوت آخرين منعهم من العودة. وفي وقت لاحق، ومع توسّع الحرب لتشمل المناطق الساحلية الغربية، اضطرت مئات العائلات، خصوصاً من أرياف المخا وباب المندب وذوباب، إلى التوجه نحو جيبوتي.
ووصلت المجموعات الأخيرة إلى موانئ جيبوتي من دون أن يحمل معظم أفرادها أية وثائق، بسبب عدم امتلاكهم لها وعدم حاجتهم إليها في اليمن أصلاً. ورغم أن السلطات المضيفة لم تكترث للأمر في البداية، لكن يبدو أن الأمر تغير اليوم.
من جهتها، لم تفِ السفارة اليمنية بوعودها في تأمين جوازات سفر للاجئين، بعد إعلانها عن تبرع رجل أعمال يمني بملبغ 85 ألف دولار قبل أكثر من عام لتأمينها. ويشير الناشط واللاجئ حسين الصارطي لـ "العربي الجديد" إلى أن استمرار التجاهل يعني مصادرة حقوق اللاجئين البسطاء، وحرمانهم من الحصول على خدمات أساسية، خصوصاً تلك الصحية.
في السياق، يقول اللاجئ محمد طالب إن عدداً من البعثات الخيرية والإعلامية العربية والخليجية زارت الموقع، وتفقّدت احتياجات الناس، وقد قدّمت وعوداً كثيرة. ويشير إلى أن غالبية اللاجئين لا يطلبون المال أو الحصول على جنسية، بل تصريحاً بالعمل أو مساعدتهم في توفير الاحتياجات الأساسية للعيش بكرامة، على غرار اللاجئين الأفارقة والعرب الذين كان اليمن قد احتضنهم.
ويشير تقرير حديث أصدرته منظّمة الهجرة الدولية إلى فرار أكثر من 2500 يمني إلى جيبوتي منذ عام وحتى اليوم، ليصل عددهم الإجمالي في مخيم أوبوخ إلى نحو 3200 ألفاً، وقد فرّوا جميعاً من الحرب في بلادهم، مع الإشارة إلى أن المخيّم لا يتّسع لأكثر من ذلك. وتتوقّع المنظّمات الإغاثية الدولية الحصول على دعم مالي لتوسيع مخيّمي الاستقبال هناك، من أجل استيعاب أي أعداد إضافية.
اقــرأ أيضاً
توفّر إدارة المخيّم القليل من المواد الغذائية، مثل الدقيق والأرز والسكر، إلا أنّها بالكاد تكفي اللاجئين لعشرين يوماً، خصوصاً أنه يتوجّب عليهم تدبير أدوات الطبخ، بما في ذلك غاز الطبخ وغيره، ما يضطر كثير من النازحين إلى بيع تلك المواد بأثمان بخسة من أجل شراء القليل من الطعام الجاهز من السوق، الذي يبعد خمسة كيلومترات عن المخيم.
لا يوجد في البيوت إنارة كافية، وهناك اعتماد على الإنارة في الشوارع فقط. ويشير قوزع إلى أنّهم يتضايقون بسبب الذباب والبعوض في النهار والليل، ما يجعل النوم مستحيلاً، لافتاً إلى أن نظام الصرف الصحي يضرّ بالصحة. ويلفت إلى أن المركز الصحّي عبارة عن خيمة يعمل فيها ممرض فقط بشكل تطوعي، وتضم الصيدلية ضمادات ومعدات لمعالجة الجراح البسيطة فقط، وأدوية للصداع. وفي حال اشتدّ المرض على أحدهم، لا يمكنه إلّا انتظار زيارة الفريق الطبي المتنقل للحصول على ورقة رسمية تتيح له العلاج في مستشفى جيد في العاصمة.
ويشير قوزع إلى أنّ المنظّمات الأمميّة مقصّرة في دعمهم كثيراً، لافتاً في الوقت نفسه إلى تأمينها معالجين نفسيين لمساعدة الناس على تجاوز الصدمات التي تعرضوا لها منذ بدء الصراع في مناطقهم وأثناء توجههم إلى جيبوتي بحراً. إلا أن هذا الأمر يثير سخرية اللاجئين بسبب عدم الالتفات إلى الاحتياجات الأخرى. وتضطر عائلة قوزع، بالإضافة إلى مئات العائلات اليمنية النازحة في جيبوتي، إلى تحمّل الكثير في ظل تقصير منظمات الإغاثة، علماً أنهم يعيشون في مخيّمات معزولة وشديدة الحرارة. مع ذلك، تبقى جيبوتي خياراً جيداً للكثير من اليمنيّين، خصوصاً الفقراء والمتحدرين من باب المندب، بسبب امتلاكهم قوارب صيد.
وتوافد إلى جيبوتي عدد كبير من اللاجئين في اليمن، الذين يحملون جنسيات مختلفة، منذ بدء الحرب، وإن كانت بعد العائلات قد عادت إلى الديار بعدما هدأ القصف. إلا أن تدمير بيوت آخرين منعهم من العودة. وفي وقت لاحق، ومع توسّع الحرب لتشمل المناطق الساحلية الغربية، اضطرت مئات العائلات، خصوصاً من أرياف المخا وباب المندب وذوباب، إلى التوجه نحو جيبوتي.
ووصلت المجموعات الأخيرة إلى موانئ جيبوتي من دون أن يحمل معظم أفرادها أية وثائق، بسبب عدم امتلاكهم لها وعدم حاجتهم إليها في اليمن أصلاً. ورغم أن السلطات المضيفة لم تكترث للأمر في البداية، لكن يبدو أن الأمر تغير اليوم.
من جهتها، لم تفِ السفارة اليمنية بوعودها في تأمين جوازات سفر للاجئين، بعد إعلانها عن تبرع رجل أعمال يمني بملبغ 85 ألف دولار قبل أكثر من عام لتأمينها. ويشير الناشط واللاجئ حسين الصارطي لـ "العربي الجديد" إلى أن استمرار التجاهل يعني مصادرة حقوق اللاجئين البسطاء، وحرمانهم من الحصول على خدمات أساسية، خصوصاً تلك الصحية.
في السياق، يقول اللاجئ محمد طالب إن عدداً من البعثات الخيرية والإعلامية العربية والخليجية زارت الموقع، وتفقّدت احتياجات الناس، وقد قدّمت وعوداً كثيرة. ويشير إلى أن غالبية اللاجئين لا يطلبون المال أو الحصول على جنسية، بل تصريحاً بالعمل أو مساعدتهم في توفير الاحتياجات الأساسية للعيش بكرامة، على غرار اللاجئين الأفارقة والعرب الذين كان اليمن قد احتضنهم.
ويشير تقرير حديث أصدرته منظّمة الهجرة الدولية إلى فرار أكثر من 2500 يمني إلى جيبوتي منذ عام وحتى اليوم، ليصل عددهم الإجمالي في مخيم أوبوخ إلى نحو 3200 ألفاً، وقد فرّوا جميعاً من الحرب في بلادهم، مع الإشارة إلى أن المخيّم لا يتّسع لأكثر من ذلك. وتتوقّع المنظّمات الإغاثية الدولية الحصول على دعم مالي لتوسيع مخيّمي الاستقبال هناك، من أجل استيعاب أي أعداد إضافية.